استشارات اجتماعيةاستشارات

أخطأت في حق صديقتي ولم تسامحني رغم اعتذاري، فماذا أفعل؟

السؤال

عرفتني صديقتي إلى شاب كانت تحبه, لكن أمها رفضته وطلبت مني أن أبقى على تواصل معه حتى تطمئن عليه عن طريقي, بالرغم من أنها أخرجته من حياتها واقتنعت بأن علاقتهما مستحيلة, لكن مع مرور الوقت اعترف لي بأنه يحبني, رفضت في البداية، وقلت له لا أستطيع أن أخون صديقتي, لكنه أقنعني بعكس ذلك, لا ألومه وإنما ألوم نفسي؛ لأني تركتها تمشي وراء إغراءات الشيطان, ومع مرور الوقت قال لي بأنه كذب علي, وهو لايزال يحب صديقتي وأني مجرد فتاة فقط.

لا أكذب عليكم أحسست بأنه استغلني كي ينسى صديقتي, لا أعرف ربما كي أنتقم منه، أخبرته بأن صديقتي تتحدث مع شخص آخر, وهو مهتم بها, وهذه حقيقة ولم أكذب عليه فيها, لكن ما كان يجدر بي أن أخبره بهذا الأمر, فاكتشفت صديقتي ما أخبرته به, وخسرتها للأبد, لم أستسلم هكذا, وإنما اعترفت لها بذنبي, وطلبت منها أن تسامحني أكثر من عشرين مرة, لكن لم تفعل بالرغم من أني أخبرتها أنني -والله العظيم نادمة- ومنذ ذلك الوقت أعيش في تأنيب ضمير رهيب, حتى أصبحت لا أنام, ولا آكل, أفكر فقط في الذنب الذي ارتكبته.

أرجوكم أفيدوني، كيف أتخلص من هذه الحالة كي أستطيع أن أكمل حياتي, بالرغم من أنني صادقة في ندمي, وأنا معترفة بخطئي, وأخبرتها بذلك, ماذا أفعل؟ أرجوكم أخبروني؛ لأنني لم أعد أستطيع العيش هكذا, حتى أنني أفكر في وضع حد لحياتي لأتخلص من هذا العبء الذي يثقل علي.

أرجو منكم الرد في أقرب وقت.

 

 

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصاحبته ومن والاه.

بداية نشكر لك التواصل مع موقعك، ونشكر لك كذلك الاهتمام بأمر هذه الصديقة رغم غفلتها عن الله، ورغم تقصيرها في جنب الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليك وعليها، وأن يلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبهذه المناسبة نحذر بناتنا الفضليات من بناء أي علاقة لا يكون لها غطاء شرعي مع الشباب، ولا تكون معلومة بالنسبة للوالدين وللأهل، فالإسلام لا يرضى بأي علاقة بين شاب وفتاة، مهما كانت العلاقة إلا إذا كانت وفق الضوابط الشرعية، وإلا إذا كانت معلنة، وكان هدفها الزواج، وإذا كانت تلك الصديقة بدأت العلاقة بداية غير صحيحة ثم تدخل الأهل لإيقافها، فليس لها بعد ذلك أن تفكر في استمرار هذه العلاقة أو السؤال عن أحوال هذا الشاب, ولا يمكن أن يدخل إلى حياتها, ولا يمكن أن يصبح لها زوجًا.

وحقيقة لقد أخطأت بأن كلفتك بالتواصل معه، وأخطأت أنت بهذا التمادي معها والاستماع لكلامها، ثم ترتبت على تلك الأخطاء أخطاء أكبر منها، وعلى كل حال فإن هذه الصورة من أولها إلى آخرها لا تخلو من الأخطاء الكبيرة، وكون هذه الصديقة ترفض قبول الاعتذار هذا ليس في مكانه.

فهوني على نفسك ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه؛ لأن المهم في الموضوع هو اعتذارك إلى الله عز وجل، بأن تتوبي إلى الله، في أن ترجعي أنت إلى الله، وترجع هي كذلك إلى الله، فإن تلك العلاقة سواء عرفها هذا الرجل أو لم يعرفها؛ فهي علاقة محرمة لا يرضاها الله تبارك وتعالى.

كما أن العلاقة بينك وبينه لم يكن يُراد بها وجه الله، ولم يرد بها حتى للمصلحة الخاصة بك أنت، فاحمدي الله تبارك وتعالى على حصول هذا الانقطاع لتلك العلاقات؛ لأنها لم تكن في الله ولم تكن لله، بل كانت سببًا للمعصية والبعد عن الله تبارك وتعالى، فتوبي إلى الله تبارك وتعالى، وتوجهي إليه، وهوني على نفسك، واعلمي أن التوبة الصادقة التي فيها إخلاص تجُبُّ ما قبلها، بل إن المخلص والصادق في توبته يبدل الله سيئاته إلى حسنات، ثم بعد التوبة عليك أن تنصحي صديقتك بأن تتوب إلى الله، يعني ليست القضية أن يرضى عنها الخاطب أو يفرح بها ذلك الشاب، ولكن القضية أن تُرضي الله تبارك وتعالى، فإن من ابتغى رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن ابتغى رضى الله تعالى وإن سخط الناس يوشك العظيم أن يرضى عنه فيُرضي عنه الناس، لأن قلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها حيث شاء سبحانه وتعالى.

فلا تفكري في إلحاق الأذى بنفسك، ولا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، ومهما فعلت هذه الصديقة فإن كلامها وتصرفها ليس في مكانه الصحيح، فقد أخطأت حين كلفتك بالتواصل مع ذلك الشاب، وأخطأت عندما غضبت، لأن ذلك الشاب عرف عصيانها لله، يعني الإنسان يغضب إذا حيل بينه وبين الطاعة، إذا حيل بينه وبين أمر يُرضي الله تبارك وتعالى، وليس في مصلحة أي فتاة أن يكون لها علاقة مع شاب وتريد أن تؤسس حياتها مع شاب آخر، لأنها ستعيش مع الأول بروحها ومع الثاني بجسدها، وهذا في حد ذاته أمر في منتهى الخطورة على الحياة الزوجية ومستقبل الأزواج.

وكم تمنينا ألا يقف الآباء والأمهات في طريق الأبناء والبنات إذا كان الشاب المتقدم مناسبًا وصاحب دين وصاحب خلق، لأن هذه الأشياء تعترف بها شريعة الله، أما إذا كان الرفض لغير هذه الأسباب فإن هذا أمر لا ترضاه هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

فإذًا هذه نصيحة نقدمها للآباء والأمهات، وننصحك – يا صاحبة الاستشارة – بأن تقفي وتخرجي من هذا النفق المظلم، وتتوقفي عن أي ممارسة، أو أي اتصال مع ذلك الشاب، أو أي شاب آخر، وكوني واضحة في النصح لصديقتك، ولكن بعد أن تتوبي إلى الله تبارك وتعالى، وإذا تبت إلى الله ورجعت إليه فلن يضرك رضى الصديقة من عدمه، لأن هذا الرضى والغضب منها لم يكن من أجل أمرٍ يُرضي الله تبارك وتعالى.

وعلى كل حال نحن ندعوك إلى حفظ أسرارك وأسرار الآخرين، والستر على نفسك والستر على الآخرين، ولكن لا تعطي هذا الموضوع أكبر من حجمه، ونحذرك من معالجة الخطأ بخطأ كبير يحرم الإنسان من خيري الدنيا والآخرة، وهو مسألة الانتحار، فالمسألة ليست بهذا الحجم، فلا تكلفي نفسك فوق طاقتها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يردك ويرد صديقتك إلى الخير والصواب، وأن يرد هذا الشاب وعدوانه على أعراض المسلمين، فإن الواحد منا لا يرضى مثل هذا العمل لابنته ولا لأخته ولا لأمه، فلماذا يرضاه لبنات الناس، وأرجو أن تعلمي أن الفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، فكوني على الخير والطاعة، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.

والله الموفق.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499