استشارات

أسمع أصواتاً تزعجني حتى تمنيت الموت.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحولت حياتي إلى جحيم منذ 6 سنوات، أعاني من مرض سماع الأصوات، تعبت وتركت العلاج حاليا؛ لأن أهلي لا يتوفر لديهم نقود لعلاجي، كيف أصبر على هذا المرض دون علاج؟ وبماذا تنصحونني؟

أرجوكم ادعوا لي، أفكر في الموت، أنا حقا محتاجة أن أموت كي أرتاح من الحياة الصعبة المؤلمة بسبب هذه الأصوات، أنا إنسانة فاشلة في كل شيء، ساعدوني ماذا أفعل؟!

أنا في حالة سيئة للغاية، حالتي لا يعلمها إلا الله، مع العلم أنني استمررت بالعلاج النفسي لمدة سنوات ولم تتوقف الأصوات.

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نوصيك بالصبر فإن البلاء الذي ينزل بالمسلم خيراً له وفضلاً من الله تعالى يسوقه إليه، إن هو صبر واحتسب، فإن أمر المؤمن كله له خير، إن اصابته ضراء صبر فكان خيراً له كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، واعلم أن الله تعالى أرحم بك من نفسك وهو لا يقدر المقادير إلا لحكمة، والحكمة تعني وضع الأشياء في مواضيعها، فربما علم الله سبحانه وتعالى أنك لا تبلغين مراتب يريدها لك في الجنان ودرجات من الثواب لا تبلغها أعمالك فيصيبك ببعض المكاره والمصائب التي تمحص عنك ذنوبك وترفع درجاتك، ولولا هذه المصائب ما بلغت تلك المرتبة، فاعلمي أن قدر الله تعالى كله خير، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم).

وإذا عرفت هذه المعرفة وأيقنت بها فإنها ستهون عليك شدة ما تجدينه من المصيبة، واحذري أن يستدرجك الشيطان للوقوع فيما يسخط الله تعالى عليك، من التخلص من هذه الحياة فإن قاتل نفسه في النار يتعذب بالوسيلة التي قتل بها نفسه في الدنيا، وبهذا ورد الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكوني حذرة من مكر الشيطان وخداعه فإنه يريد لك الشقاء الدائم، والله تعالى يدعوك إلى الجنة والمغفرة بإذنه، واعلمي أن البلاء قد يجعل الله تعالى له أمدا ووقتا ينتهي عنده، وقد يقصر هذا الأمد وقد يطول، ولله تعالى الحكمة البالغة، والذي عليك هو أن تصبري أولاً وتحتسبي وتعلمي أن الله تعالى لا يضيع هذه الأجور، لأن هذا من أعظم العمل الذي تقومين به في حياتك، لتظفري بثواب الله تعالى ورفعة الدرجات في الآخرة.

ثم خذي بالأسباب المتاحة الممكنة من التداوي سواء التداوي الحسي إذا تمكنت منه لدى الأطباء أو الدواء الشرعي الروحي وذلك بالإكثار من الرقية الشرعية، فاقرئي على نفسك القرآن الكريم خاصة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والمعوذتين قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وسورة الإخلاص قل هو الله أحد، واقرئي هذا كله في ماء واشربي منه واغتسلي ببعضه، وداومي على هذه الرقية فإنها نافعة -بإذن الله تعالى- وإذا لم تتمكني من العلاج فاصبري واحتسبي حتى يمن الله تعالى عليك بالعافية.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يصرف عنك كل مكروه ويعجل لك بالخير والعافية والشفاء.

—————————————————–
انتهت إجابة: د. أحمد الفودعي – مستشار شؤون أسرية-،
وتليها إجابة: د. مأمون المبيض – استشاري الطب النفسي-.

——————————————————–

نرحب بك وندعو الله تعالى لك بالصحة والسلامة والعافية، وندعوه تعالى أن يعينك ويصبرك على ما أنت فيه من المعاناة التي وصفتها بالجحيم، وخاصة مع وجود أو سماع الأصوات التي لا وجود لها في الواقع، والتي هي كما تعرف الآن أننا نسميها في الطب النفسي هلوسات سمعية، حيث يسمع الإنسان كلاماً دون وجود من يتحدث حوله، ولا شك أن الهلوسات السمعية قد تشير لعدد من التشخيصات في الطب النفسي، وخاصة حالات الذهان والذي يندرج تحته عدد من الأمراض النفسية أو تشير أحياناً الهلوسات إلى حالة من الاكتئاب الشديد، ولا بد من ضرورة علاج هذه الحالة والتي من أعراضها هذه الهلوسات السمعية، لأنها في كثير من الحالات تكون مؤلمة مزعجة للمصاب بحيث توصله إلى ما وصفت من أن حياتك جحيم لا يطاق، إلى غيرها من التأثيرات على حياة الإنسان المصاب.

فهمت من سؤالك أنك تلقيت العلاج في مرحلة من المراحل بالرغم من أن الأصوات لم تذهب، ونحن عادة في الطب النفسي إذا لم تذهب الأصوات أو الهلاوس بجرعة دواء معينة، فيمكننا أن نرفع الجرعة حتى نسيطر على هذه الأصوات، وإلا فيمكن أيضاً أن نغير الدواء لدواء آخر أكثر فعالية بالنسبة لك، فالأدوية تختلف تأثيراتها من شخص إلى آخر، حقيقة أنصح بشدة في تلقي العلاج كي تتعافي من الحالة التي تعانين منها، وإلا فإن الحالة مع الهلاوس السمعية والأصوات تصبح مزمنة يصعب علاجها أحياناً.

فهمت من سؤالك أن هناك صعوبات مالية في الحصول على الدواء، أنا متأكد أن في بلدك مشافٍ حكومية يمكن أن تراجعيها ويصفون لك الدواء المطلوب، وإلا فهناك جمعيات خيرية في معظم البلاد العربية والإسلامية ممن يمكن أن تساعد في تأمين الدواء المطلوب، فهمت من سؤالك أنك كرهت الحياة وتفكرين بإنهائها -لا قدر الله- حياتك غالية غالية عليك وغالية على أهلك وغالية علينا، فأرجو أن تستفيدي من الكلام الطيب الذي ذكره الشيخ أحمد سعيد الفودعي، بالإضافة إلى الأخذ بالأسباب من أخذ الدواء كما قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: “تداووا عباد الله فإنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء”، فأرجو أن لا تترددي أو تتأخري في طلب العلاج والدواء لتعودي إلى همتك وشغفك وإقبالك على الحياة.

أدعو الله تعالى لك مجدداً بالصحة والسلامة والمعافاة في الدنيا والآخرة.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499