السؤال
من أولى بإقامة الأم عنده الابن أم البنت؟! وأقصد المعيشة دون مسألة الرعاية أو الخدمة أو النفقة؛ حيث إنها سليمة نسبيًا، وصحتها مقبولة، وكانت تعيش بمفردها في شقة إيجار، ولديها معاش محترم جدًا يكفي لأسرة، وليس لفرد، ولكنها تقول إنها سئمت الإيجار، وتريد أن ترتاح في آخر عمرها، وهي ترتاح أكثر عند بنتها، التي هي زوجتي (أي أن المقصودة بالسؤال حماتي، وليس أمي)، ولا مشكلة عندي في استضافتها يومًا أو أسبوعًا، أو حتى شهرًا، ولكن أكثر من ذلك صعب علي، ولب المشكلة أن شقتنا صغيرة، وحماتي لها طباع عديدة سيئة؛ ستسبب لدينا الكثير من المشاكل التي قد تصل إلى خراب البيت.
مبدئيًا زوجتي تصر على استضافتها حتى وفاتها، والله أعلم بالأعمار، بل وستبيع بعض أثاثنا لتحضر أثاث أمها، والمشاكل بدأت قبل أن تحضر، فما بالكم عندما تحضر؟
أرشدني أفادك الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أستاذنا الفاضل- ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم الوفاق، وأن يهدي زوجتك إلى أحسن الأعمال، وأن يلهمها السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن أولى الناس بالمرأة أبناؤها من الذكور، ولكن لا مانع من أن تكون عند بناتها، فهي بحاجة إلى من يرعاها ويهتم بها في هذا العمر، ونحن نتفهم الوضع الذي تتكلم عنه، ولكن نتمنى أن يدار هذا الإشكال بمنتهى الهدوء، وبمنتهى التفاهم، وحبذا لو جعلت هذه الزوجة هي التي تتواصل حتى تسمع النصيحة من طرف محايد، نحن لا ندعوها إلى التقصير في حق والدتها، ولكن لا بد أن يدرك الجميع أن مكان هذه الوالدة العزيزة الغالية هي بيوت أبنائها، وهم الأولى بالرعاية، وهم الذين ينبغي أن يتولوا أمر والدتهم، وإذا كان هناك مجال بأن تكون في بيوت أولادها، وتهتم بها زوجتك التي هي بنتها بأن تقضي معها الأوقات التي تكون أنت فيها في العمل، فتجهز لها طعامها وشرابها، ترتب لها ثيابها، ثم تعود إلى أسرتها، فهذا مما تشكر هي عليه وتشكر أنت عليه.
أما وجودها في البيت، فنحن نقول إذا كانت هناك خيارات أخرى، فهي الأولى، وهي الأفضل، وهي الأقرب، خاصة وجودها مع أبنائها من الذكور، فهم أولى بها، بل الأخ الذكر هو مسؤول عن أخته وعن أمه، فهو ولي لأخته، وهو في مقام الأب إذا كان الأب غير موجود، ومن بره للأب رعايته لأمه وأخته، ومع هذا فنحن نتمنى أن لا يكون هناك تصعيد في هذا الأمر، ونتمنى أيضاً أن تتذكروا جميعاً أن الأجر والثواب الذي يجده الإنسان عندما يكرم أي إنسان كبير، فكيف إذا كان الكبير هي الأم؟! كيف إذا كان الكبير هي الحماة التي هي والدة الزوجة؟! وأرجو أن ندرك أن ما بيننا من صلات ومعانٍ إيمانية أكبر من المواقف التي تمر على الإنسان.
ومرة أخرى نطالب زوجتك بأن تتواصل حتى تدخل في هذا الأمر باعتدال، وأفضل من ذلك أن تشجع إخوانها ليستقبلوا الوالدة، ثم لا مانع من أن تكون في بعض الأيام كما أشرت عندها، ولكن الأصل أن تكون في بيوت أبنائها، وبعد ذلك كما قلنا تتولى البنت أو البنات خدمتها خاصة في الأمور الخاصة التي تحتاج فيها إلى إعداد طعام أو شراب أو ثياب، يعني مثل هذه الأمور التي لا يصلح للرجل أن يقوم بها، وإنما هي تحتاج هنا إلى بنتها.
نسأل الله أن يعينكم على البر، وأن يعينكم على التفاهم حول هذا الأمر، وأن يديم بينكم الحب والوئام والتفاهم، هو ولي ذلك والقادر عليه.