السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الاكتئاب منذ 5 سنوات تقريباً، وقد وصلت حالتي إلى التفكير بالانتحار، وحاولت الانتحار ثلاث مرات، وبعدها بدأت بأذية نفسي، وجرح معصمي بأدوات حادة، وهدأت حالتي -الحمد لله-، وتوقفت عن أذية نفسي.
قبل ثلاث سنوات ماتت جدتي، وكنت متعلقة بها جداً، وبدأت أشعر بالاكتئاب مجدداً، وأصبت بصدمة ولم أعد أبكي ليس لأنني لا أريد البكاء ولكن لا أستطيع، وشعرت بأنني أعاني من سعادة غير طبيعية، وفرط في نشاطي اليومي، وفي بعض الأيام أشعر بالاكتئاب يخنقني، ولا يمكنني السيطرة على مشاعري ولا أستطيع التركيز، وليس لدي أي اهتمام بمن حولي، ولا أستطيع التركيز بالدراسة، ووجدت اختباراً لثنائي القطب، والنتيجة كانت بأنني أعاني من اضطراب ثنائي شديد.
هل هذا الاضطراب خطير؟ وهل أحتاج إلى مراجعة طبيب نفسي؟ وكيف أسيطر عليه؟ وشكراً للجواب، جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
نحو عشرة إلى عشرين بالمائة من هم في مرحلتك العمرية حين يُصابون بالاكتئاب يكون هنالك احتمال أنه في الأصل لديهم اضطراب ثنائي القطبية، يعني أن القطب الاكتئابي كان هو السائد أو الأقوى، وبعد فترة ظهر القطب الانشراحي أو القطب الهوسي.
في حالتك بالفعل هناك مؤشّر قوي، أن الذي لديك هو اضطراب وجداني ثنائي القطبية، لكنه ليس من الدرجة الشديدة حقيقة، لأنك لم تدخلي في حالة هوس كامل، إنما زيادة في النشاط، وربما يكون زيادة في الطاقات وشيء من الانشراح.
طبعًا من الأفضل –أيتها الكريمة– أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، هذه الحالات تُعالج دوائيًا، وعلاجها ليس صعبًا أبدًا، ويجب أن يكون هنالك حذر شديد في استعمال مضادات الاكتئاب، بالرغم من أنه كان لديك اكتئاب، لكن العلاج الأفضل والأنجع هو تناول مثبتات المزاج، وهي مجموعة من الأدوية المعروفة جدًّا.
أنا أبشرك بأن هذه الحالة تُعالج، وتعالَج بصورة ممتازة جدًّا، وأرجو أن تذهبي إلى الطبيب، وبعد ذلك تتواصلي معي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
+++++++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد عبدالعليم (استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان)، وتليها إجابة الدكتور أحمد المحمدي (المستشار التربوي).
+++++++++++
أهلاً بك ، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يغفر لك إنه جواد كريم.
بخصوص ما سألت عنه فإننا ننصحك بما نصحك به الدكتور محمد، كما نود أن نخبرك بأن حالتك ليست سيئة، بل هي طبيعة لمقدمات ذكرت بعضها وغاب عنك بعض آخر، بل غاب عنك الجزء الأهم في الأسباب وهو غياب الأمن النفسي الداخلي المتمثل في التقرب من الله تعالى، من استشعار معيته، من تلمس مرضاته والسعي إلى ذلك، ولو صح هذا الهدف واتضحت لك وسائله لتغير حالك كثيراً -أيتها الكريمة-.
أختنا الكريمة: إننا ننصحك بما يلي:
أولاً: الابتعاد من دائرة السلبية إلى الإيجابية، ومن سلطة الخوف إلى الأمان، ومن الحذر من الغيب إلى الاطمئنان، ومن فقدان الأمل إلى الحياة فيه، وكل هذا لن يتم إلا بالاقتراب من الله -عز وجل-، اقتراب يجعلك تؤمنين بالقدر خيره وشره، وتعلمين أن قضاء الله كله لك خير، وأن حكمة الله ملازمة لقضائه وقدره، وأن السعادة الحقة والأمان التام هو في عبادته لا في الابتعاد عنه، ساعتها ستجدين ما تبحثين عنه وستشعرين بسعادة فقدت طعمها أحياناً كثيرة.
ثانياً: نوصيك كذلك بالاجتهاد أو الانخراط في أي عمل اجتماعي، أو التعرف على بعض الأخوات الصالحات التقيات، فإن الصاحب ساحب، وإن الفراغ قاتل، فاستعيني على القضاء على الفراغ بالصحبة الصالحة.
ثالثاً: نوصيك بدراسة بعض كتب العقيدة وخاصة أبواب القضاء والقدر، وستجدين في موقعنا شروحاً صوتية لبعض تلك الكتابات.
رابعاً: السعي إلى تذوق الإيمان، لعلك تسألين وهل الإيمان طعام حتى نتذوقه؟ نعم -أختنا- له طعم في القلب لا يمكن أن تخطئه العين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى هذا في حديث له فقال: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً)، فالإيمان له طعم يجده المسلم ما اكتملت الطاعة في قلبه.
خامساً: حافظي على أذكارك -أختنا-، وخاصة الصباحية والمسائية وأذكار النوم، واستمري على ذلك ونحن واثقون أن تغييراً كبيراً سيطرأ في حياتك.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يختار لك الخير، والله ولي التوفيق.