السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
منذ صغري وأنا أعاني من:(social isolation and attacks of depression)، حيث كنت أظنها حساسية مفرطة، مع أني كنت متفوقة حتى أنجبت طفلًا، ثم سمعت عن التوحد، وبدأت أقرأ عنه، عندها أدركت بأني أعاني من: (female asperger syndrome)، والذي يصعب تشخيصه في الإناث، وتواصلي مع الناس جيدٌ، ولكني أُفَضِّلُ الانعزالية.
أريد علاجًا لحالتي، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله تعالى لك ولابنك وللجميع العافية والسلامة.
متلازمة (اسبارجر) تأتي في طيف الأمراض الذواتية – أي أمراض التوحد –، والآن هناك توجه في المعايير التشخيصية الجديدة، والتي سوف تظهر بعد عام.
إن مصطلح متلازمة (اسبارجر) لن يكون موجودًا في التشخيصات، وسوف يُدخل ويُدمج مع متلازمة التوحد، والتي سوف يُنظر إليها كطيف وليست حالة واحدة، وهذا الطيف يبدأ بحالات بسيطة جدًّا، ثم حالات متوسطة، ثم حالات شديدة، من مرض التوحد – أو مرض الذواتية –، وكل من هذه المراحل سوف يكون له شروطه التشخيصية.
أيتها الفاضلة الكريمة: أسأل الله لابنك العافية، وموضوع أنه توجد لديه سمات التوحد: أرجو أن يعرض على مركز متخصص، فهذا أفضل.
أخِتي الكريمة: كثيرًا من الأمهات خاصة اللواتي أُصبن بالقلق والخوف والذعر حول هذه المتلازمة – متلازمة التوحد –، وأصبح لديهنَّ شيء من اليقظة الزائدة لمراقبة أبنائهنَّ خوفًا من متلازمة التوحد هذه، وأنا بالطبع لا أقلل من شأن هذه المتلازمة، فهي من الضروري أن تُكتشف مبكرًا؛ لأن العلاج حين يبدأ مبكرًا تكون نتائجه ممتازة جدًّا.
ومن هنا أقول لك: يجب أن تُشخص حالة ابنك بواسطة مختصين، وأبشرك أيضًا أن التوحد هو طيف، وليست علة واحدة كما يعتقد البعض أنها معلة، وأنها مُعيقة بنسبة مائة بالمائة، فهذا ليس صحيحًا، فحوالي خمسين بالمائة من الأطفال الذين يعانون من التوحد يُمكن الآن مساعدتهم وتأهيلهم بصورة ممتازة جدًّا، طبعا إذا كان هناك تدخل مختص مبكر.
وبالنسبة لك – أيتها الفاضلة الكريمة -: فإن معاناتك من الاكتئاب مقدّرة جدًّا لدينا، ولكن أنا لا أريد أن أسميه اكتئابًا، وإنما هو نوع من عدم القدرة على التكيف، ومن الطبيعي أنت كأم أن تتأثري، ولكن – أيتها الفاضلة الكريمة – حين تنظرين إلى الأمور بسعة أكثر، وتدبر وتأمل أكثر، سوف تجدين أن هذا الاكتئاب هو تفاعل ظرفي، والإنسان من خلال القناعة، والتوكل، والحمد، وقبول الابتلاء، يستطيع أن يفرج كُربه وهمومه، والقضية التي تشغلك واحدة، هي هذا الابن، فجددي طاقاتك، وكوني قوية، ومُصرة على الذهاب به إلى أماكن العلاج.
أنا أعرف اثنين من الأمهات قمنَ بإنشاء جمعيات رائعة جدًّا لمساعدة أطفال التوحد، نسبة لأن كلاهما لديهنَّ أطفال يعانون من هذه العلة، وقمن بعمل رائع وفعّال، ومن خلال مساعدتهم لأطفالهم وأطفال الآخرين، أصبحنَ في قمة الفرحة، والانشراح، والروعة، والفعالية.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: اطردي هذا الاكتئاب من خلال تفكير إيجابي، تفكير يدل على قوتك، وعلى قبولك بالقضاء والقدر، وفي ذات الوقت يجب أن تُجددي طاقاتك من أجل علاج ابنك، وهذا يحتاج منك إلى فعالية ولجُهد.
وأقول لك أيضًا: حاولي أن ترتبي وقتك ترتيبًا صحيحًا، وأن تعتني فيه بابنك، وأن تقومي بواجباتك المنزلية، وأن تأخذي قسطًا من الراحة، وتواصلي اجتماعيًا، ورفهي عن نفسك بما هو متاح ومباح ومقبول ومعقول.
فإذن الاكتئاب من هذا النوع الظرفي يُعالج بهذه الطريقة، واسألي الله تعالى أن يشفيَ ابنك، وأن يفرج الكُرُب والمعاناة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.