بعضهم يضطر إلى ارتداء «حمالات صدر»
الثدي عضو موجود لدى الإناث ولدى الذكور من الناس. وعلى الرغم من معرفتنا لوظيفة الثدي لدى الإناث، فلا يزال من غير المعلوم طبيا جدوى وجود عضو الثدي لدى الرجال. ومع هذا، فإن الثدي كعضو ملتصق بالجدار الأمامي للصدر لدى الرجل، عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض، وفي غالب الأحيان أسوة بالنساء، وعليه فإنه يحتاج إلى الاهتمام من الرجال. * أمراض ثدي الرجل
* عند مراجعة المصادر الطبية، تظهر عدة أمثلة لأمراض ثدي الرجال، مثل ظهور كتل من أنسجة الأورام الحميدة. وظهور كتل من أنسجة الأورام الخبيثة، وإفراز الحليب بشكل مفرط من ثدي الرجل نتيجة لارتفاع هرمون الحليب، الناجم في الأصل عن اضطرابات عمل الغدة النخامية بالدماغ. وكذلك الالتهابات الموضعية بالحلمة نتيجة للاحتكاك بالملابس الداخلية، أو ما يعرف بـ«حلمة المهرولين»RUNNER›S NIPPLE والتهابات وقروح الحلمة المصاحبة لمرض «بهجت» الروماتزمي، والتهابات الحساسية في جلد حلمة الثدي، وألم الثدي غير المبرر لدى المراهقين وغيرهم من الذكور.
* «تثدّي الرجل»
* ومن الحالات التي قد تصيب الثدي أيضا، حالة تضخم الثدي، أو حالة «تثدّي الرجل» Gynecomastia وهي مشكلة بالفعل للبعض، قد تدفع بعض المصابين به إلى ارتداء «حمالات الصدر» أو الخضوع لإجراء عمليات تصغير الثدي وقد تتطلب من الأطباء مراجعة لتغيير أحد أنواع الأدوية التي يتلقاها بعض مرضى القلب أو السرطان أو الاضطرابات النفسية أو غيره.
وبالمقابل هناك من يعمل على تكبير حجم الثدي لديه إما بتناول هرمونات الستيرويدات البنائية anabolic steroids، وإما بالطلب من الجراحين زراعة ثدي صناعي من مادة السيليكون، كوسيلة لإظهار الرجولة في كبر حجم عضلات الصدر الأمامية، وبعض الممثلين العالميين وغيرهم بالفعل تمت لهم مثل هذه العمليات!
أسباب تضخم الثدي
وحالة تضخم الثدي لدى الذكور قد تصيب الأطفال أو المراهقين أو الرجال. وقد يصيب التضخم الثديين أو أحدهما. ولا تعتبر مشكلة تضخم الثدي مشكلة صحية خطيرة، إلا أنها قد تتسبب في الألم البدني وفي الإحراج النفسي. كما أنها ربما تزول تلقائيا، أو قد تتطلب معالجة دوائية أو جراحية.
وتشمل أعراض تضخم الثدي لدى الذكور تضخم أنسجة غدد الثدي، والشعور بالألم إما لدى لمس الثدي أو دون لمسه. وبالعموم، تشير الإرشادات الطبية إلى أنه من الضروري على الرجل مراجعة الطبيب إذا ظهر تضخم في أحد ثدييه أو كليهما، أو شعر بألم فيهما، أو ظهرت إفرازات من إحدى الحلمتين، أو أحس بوجود كتلة في أي منهما.
وتجدر ملاحظة أنه ليس كل «كبر» في حجم الثدي هو تضخم حقيقي للثدي بالتعريف الطبي المحدد. وهناك حالة شائعة تسمى «التضخم الكاذب للثدي» pseudogynecomastia، وفيها لا تتضخم أنسجة غدد الثدي، بل يزداد تراكم الدهون في الثدي نتيجة لزيادة كمية الشحوم في الجسم البدين. وفي هذه الحالة تكون المعالجة بممارسة الرياضة البدنية وضبط كمية وجبات الطعام، في سبيل خفض الوزن وإزالة التراكمات الدهنية عن الثدي.
وعلينا ملاحظة أن كلا من هرمون تيستوستيرون الذكوري testosterone وهرمون إستروجين الأنثوي estrogen ينظمان ويضبطان ويحافظان على دوام ظهور الخصائص الجنسية لدى كل من الذكور والإناث. وهرمون تيستوستيرون يضبط الخصائص الذكرية لدى الرجال، مثل حجم العضلات وشعر الجسم وشعر الوجه وخشونة الصوت وغيرها. وكذلك يضبط هرمون إستروجين الخصائص الأنثوية لدى النساء، مثل نمو حجم الثدي ونعومة الصوت وصغر حجم عضلات الجسم واختفاء شعر الوجه وغيرها. وتعتقد غالبية الناس أن جسم الرجال خال من هرمون الأنوثة، وأن جسم النساء خال من هرمون الذكورة، وهذا غير صحيح ألبتة. وأجسام الذكور تنتج كميات قليلة من هرمون الأنوثة، وأجسام الإناث تنتج كميات قليلة من هرمون الذكورة.
والسبب الرئيسي لحصول حالة تضخم الثدي لدى الذكور هو تضخم أنسجة الثدي الداخلية نتيجة لعدم التوازن فيما بين هرمون إستروجين الأنثوي وهرمون تيستوستيرون الذكوري. وهناك أسباب أخرى، مثل تناول بعض أنواع الأدوية أو الأعشاب الطبية، وتناول المشروبات الكحولية أو بعض أنواع المواد المخدرة، أو كأحد مضاعفات بعض الأمراض في أعضاء مختلفة بالجسم. ومع هذا، ففي نحو 20 في المائة من الحالات لا يمكن تحديد سبب معين للإصابة بتضخم الثدي لدى الرجال.
* تغيرات هرمونية متنوعة
* وعدم التوازن الهرموني المقصود هنا، هو نقص هرمون تيستوستيرون الذكوري بالمقارنة مع كمية هرمون إستروجين الأنثوي الموجودة في جسم الشخص الذكر. ونقص هرمون الذكورة يكون إما بتدني إنتاجه وإما بوجود حالات تعوق عمله وتأثيراته الذكرية أو بحصول حالات ترفع من نسبة هرمون إستروجين الأنثوي.
ولذا، فإن اختلال التوازن فيما بينهما لدى الذكور أو إنتاج كمية عالية من هرمون الأنوثة في جسمه، يدفع إلى نشوء حالة تضخم الثدي. وهذا قد يحصل في أحوال غير طبيعية لاضطرابات الهرمونات، وتتطلب بالتالي معالجة طبية. وقد يحصل أيضا في أحوال طبيعية مؤقتة، ولا تتطلب بالتالي أي قلق طبي.
ومن أمثلة الاضطرابات الطبيعية المتوقعة:
1. تضخم الثدي في المهد. والملاحظ طبيا أن أكثر من نصف المولودين الذكور يولدون ولديهم تضخم في الثدي، نتيجة لتأثيرات هرمون الأنوثة الموجود في جسم الأم الحامل. وغالبا ما يزول تضخم الثدي ذاك في غضون ثلاثة أسابيع بعيد الولادة.
2. تضخم الثدي في المراهقة. ومن الشائع نسبيا حصول تضخم في الثدي لدى الذكور ضمن مراحل فترة عمليات البلوغ. وذلك أيضا نتيجة لاختلال التوازن بين الهرمونات الجنسية خلال تلك الفترة. ويشعر المراهق بتضخم الثدي وألم فيه عند الضغط عليه. وغالبا ما يزول ذلك التضخم فيما بين 6 أشهر إلى سنتين.
3. تضخم الثدي في الرجال الكبار. ولأسباب هرمونية أيضا، ترتفع احتمالات حصول تضخم الثدي في الفترة ما بين 50 إلى 80 سنة من العمر لدى بعض الرجال. وتحديدا لدى نحو 25 في المائة من الرجال.
مواد وأمراض مختلفة
ويشير الباحثون من «مايو كلينك» بالولايات المتحدة إلى أن بعض أنواع الزيوت النباتية، مثل زيت الخزامى lavender oil وزيت الشاي tea tree oil، لها تأثيرات على الرجال شبيهة بهرمون الأنوثة، ولذا قد تتسبب للبعض في تضخم الثدي نتيجة لاستخدام أنواع من الشامبو أو مستحضرات ترطيب الجلد أو الصابون المحتوية على تلك الزيوت العشبية. وينبغي ملاحظة أن «زيت شجرة الشاي» المقصود هو غير شجرة الشاي التي تقطف منها أوراق الشاي المعروفة التي نصنع منها مشروب الشاي، بل هي أشجار توجد في أستراليا وغيرها من بقاع العالم، ويستخلص منها زيت عطري له تأثير المخدر الموضعي.
الكحول والمخدرات مثل حبوب أمفيتامين Amphetamines وحشيشة الماروانا Marijuana ومخدر الهروين Heroin ومواد الإدمان الأخرى المكونة من تركيبات مختلفة لتلك العناصر وغيرها، والتي تجمعها طبيا عبارة «عقاقير الشوارع» Street drugs.
كما يحصل تضخم الثدي لدى الرجال كأحد مضاعفات أمراض عدة. وذلك عبر طريقين:
* الأول: إعاقة إنتاج أو عمل هرمون تيستوستيرون الذكوري، مثل فشل الخصية نتيجة إصابات الخصية في الحوادث Testicular trauma، أو التواء الخصية Testicular torsion، أو التهابات الخصية الفيروسية Viral orchitis، أو كسل الغدة النخامية أو أورام الغدة النخامية Pituitary tumors، أو بعض الأورام التي تتسبب في اضطرابات هرمونية جنسية، مثل أنواع من سرطان الرئة أو المعدة أو الكبد أو الكلى. وفشل الكلى، والملاحظ أن أكثر من نصف الذكور من مرضى فشل الكلى الذين تجرى لهم بانتظام عملية غسيل الكلى، هم بالفعل مصابون بتضخم الثدي. وكذلك حالات زيادة نشاط الغدة الدرقية Hyperthyroidism. ولأسباب عدة، ترتفع الإصابة بتضخم الثدي لدى كبار السن الذين لديهم سمنة.
* الثاني: زيادة إنتاج هرمون إستروجين الأنثوي. مثل بعض أنواع أورام الخصية أو الرئة أو المعدة أو الغدة فوق الكلوية، وفشل الكبد وتشمع تليف الكبد cirrhosis، وهناك عدة آليات وراء ارتفاع الإصابة بتضخم الثدي لدى مرضى تشمع تليف الكبد، وخاصة منهم الذين تسبب الكحول في فشل الكبد لديهم، منها الاضطرابات الهرمونية المصاحبة للحالة، ومنها الأدوية التي يتم العلاج بها.
آثار جانبية للأدوية
* تشير بعض الإحصائيات الطبية بالولايات المتحدة إلى أن الأدوية هي السبب في نحو 30 في المائة من حالات تضخم الثدي لدى الرجال. وهناك عدد كبير من الأدوية التي من آثارها الجانبية ظهور تضخم الثدي لدى الرجل، وكثير من هذه شائع استخدامها. ويمكن تقسيمها إلى 7 مجموعات، سنقتصر على ذكر بعض من الأدوية الشائعة منها، وهي:
أدوية علاج القلب والأوعية الدموية. ومن أنواع أدوية القلب وارتفاع ضغط الدم واضطرابات إيقاع نبض القلب، مثل عقار «ديجوكسن» digoxin الشائع الاستخدام في ضعف عضلة القلب واضطرابات النبض وأمراض صمامات القلب. وأدوية مجموعة «حاصرات قنوات الكالسيوم» calcium channel blockers، مثل «نيفيدبين» الذي يتوافر في هيئة دواء «أدلات» ADALAT، والأنواع الأخرى لهذه المجموعة الشائعة الاستخدام في علاج خفض ضغط الدم. وبعض أنواع أدوية خفض الكولسترول من مجموعة «ستاتين» مثل عقار «زوكور». وبعض أنواع الأدوية المثبطة لتحويل أنزيم «أنجيوتنسين» ACE inhibitors، مثل «كابتوبريل» captopril و«إنالابريل» enalapril وغيرها مما يستخدم في خفض ضغط الدم وتنشيط القلب. وعقار «الدوميت» Aldomet المحتوي على مادة «ميثايل دوبا» methyldopa لخفض ضغط الدم. ومدر البول «ألداكتون» Aldactone المحتوي على مادة «سبايرونولاكتون» spironolactone.
أدوية من مجموعة anti-androgen لمعالجة اضطرابات البروستاتا. وغالبية أدوية معالجة سرطان البروستاتا أو معالجة تضخم البروستاتا الذي يعوق عملية التبول، تحتوي على مواد تمنع عمل الهرمون الذكوري. مثل عقار «بروسكار» Proscar المحتوي على مادة «فيناستريد» finasteride. وعقار «كايبروستيت» CYPROSTAT المحتوي على مادة «كايبروتيرون» cyproterone. ومدر البول «ألداكتون» Aldactone المحتوي على مادة «سبايرونولاكتون» spironolactone. وعقار «كارديورا» CARDURA.
أدوية نفسية antipsychotic drugs لمعالجة القلق والاكتئاب. ومن مضادات القلق عقار «فاليوم» Valium المحتوي على مادة «ديازابام» diazepam. ومجموعة «ثلاثية الحلقات» Tricyclic antidepressants المضادة للاكتئاب. وعقار «بروزاك» PROZAC، وعقار «زولفات» ZOLOFT، وعقار «زانان» XANAN، وعقار «لوكسيتان» LOXITANE، وعقار «ليونيستا» LUNESTA، وعقار «أميتربتيلين» Amitriptyline، وغيرها.
أدوية معالجة الإيدز. من كوكتيل مجموعة «الأدوية المضادة لفيروسات ريترو الشديدة الفاعلية» highly active anti-retroviral therapy (HAART).
جميع أنواع أدوية هرمونات بناء العضلات، المحتوية على مواد هرمونية للستيرويدات anabolic steroids.
أدوية معالجة قرحة المعدة، مثل عقار «تاغاميت» TAGAMET المحتوي على مادة «سيميتيدين» CIMETIDINE. وعقار «زانتاك» ZANTAC المحتوي على مادة «رانيتيدين» RANITIDINE. وعقار «لوزك» LOSEC المحتوي على مادة «أوميبرازول» omeprazole.
مجموعات من المضادات الحيوية، مثل «ميترونيدازول» metronidazole أو «فلاجيل» FLAGEL، المستخدم في علاج أنواع من بكتيريا الجهاز الهضمي. و«أيزونايزايد» isoniazid المستخدم في علاج مرض درن السل. و«كيتوكونازول» ketoconazole المضاد للفطريات.
أدوية كيميائية chemotherapy لمعالجة السرطان، مثل عقار «سيزبلاتين» cisplatin وغيره.
* التعامل العلاجي مع حالات تضخم الثدي
* يبدأ التعامل الطبي مع حالات تضخم الثدي بعناصر الوقاية. وتقول نشرات الأطباء من «مايو كلينك»: ثمة عدة عوامل يمكن من خلال السيطرة عليها تقليل احتمالات الإصابة بتضخم الثدي، وهي:
* عدم استخدام المواد غير القانونية، ومن أمثلتها المواد الستيرويدية البنائية المنشطة للذكورة androgens، والأمفيتامينات، والهروين والماروانا.
* تجنب الكحول وعدم تناوله.
* مراجعة الأدوية التي تتناولها، وإن كان من المعروف أنها تتسبب في تضخم الثدي، استفسر من طبيبك عما إذا كان ثمة بدائل لها. والتعامل الطبي مع حالات تضخم الثدي يتخذ 3 مسارات، إما عدم المعالجة، وإما العلاج الدوائي، وإما العلاج الجراحي. ولكل منها دواع ومبررات.
وبالعموم، فإن غالبية الحالات تزول مع الوقت ودون معالجة، ولكن إذا ما كان وراءها سبب مرضي أو دوائي معروف، فتتم المعالجة بحسب السبب. وذلك مثل أن تكون الحالة نتيجة أحد الآثار الجانبية لدواء ما، وحينها يجب التوقف عن تناول ذلك الدواء واستخدام بديل لا يتسبب في هذا الأمر، إن أمكن ذلك.
وفي حالات المراهقين الذين لا يعرف سبب لتضخم الثدي لديهم، ينصح بمراقبة الوضع عبر الفحص الدوري كل 6 أشهر. وإذا لم تزل المشكلة خلال سنتين، يكون من الضروري معالجتها. هذا مع ملاحظة أن التضخم الذي قطره أكثر من 4 سنتيمترات قد لا يزول بالكلية.
والعامل الرئيسي في تحديد البدء في المعالجة لحالات غير المراهقين، هو طول مدة وجود تضخم الثدي. والسبب أن القرار يجب أن يتخذ قبل مضي 12 شهرا أو أكثر على بدء المشكلة، لأن طول المدة يرفع من احتمالات حصول تغيرات ليفية، وهي ما تجعل العلاج الدوائي غير مجد في الغالب.
والأدوية المستخدمة في مثل هذه الحالات هي أدوية علاج سرطان الثدي، مثل عقار «تاموكسفين» tamoxifen وعقار «رالوكسيفين» raloxifene. وهما قد يفيدان بعض الحالات، إذا تم استخدامهما في وقت مبكر، ولفترة 3 أشهر. ويشير المتخصصون في «مايو كلينك» إلى أن وكالة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة لم تعط موافقتها على استخدامهما في حالات تضخم الثدي لدى الرجال، بل لعلاج حالات الأورام السرطانية فيها. واستخدام هرمون الذكورة يجب أن تتم متابعة تأثيراته بدقة، لأن بعض الحالات قد تتفاقم بفعل تلقي هذا الهرمون.
واللجوء إلى العملية الجراحية لاستئصال أنسجة الثدي المتضخمة، يكون للحالات الكبيرة أو التي مضى عليها فترة طويلة أو التي فشل العلاج الدوائي في إزالتها. وهناك نوعان من العمليات الجراحية، أحدهما لشفط الدهون Liposuction المتراكمة في الثدي، وهذا يتم بالمنظار، ولكنه لا يزيل أنسجة غدد الثدي نفسها. والآخر استئصال الثدي، وهو النوع الذي تتم فيه إزالة أنسجة غدد الثدي، ويتم أيضا بالمنظار.