السؤال
المشكلة الأولى أني أحب الدعوة كثيراً والتفقه في الدين ولا أعرف كيف أصل لهذا، فقط أنا أشاهد المحاضرات على التلفاز لتفسير وشرح القرآن، ومحاضرات كثيرة جداً أتابعها منذ سنة وأيضاً على النت أقرأ الكثير والكثير، وأنا الآن أرى نفسي وكأني لم أتذكر شيئاً ولم أستفد شيئاً ملموساً أبداً،ً فقط فهم مؤقت.
كيف أستطيع أن أتفقه في الدين بدون الذهاب إلى معهد أو كلية أو حتى الخروج من البيت؛ لأن الظروف عندنا لا تسمح أبداً.
والمشكلة الأخرى صحية:
وضعت تقويماً منذ سنتين وانتهى وشلته منذ سنة (انتهت مدته) ولكني أعاني ألماً في اللثة منذ ذلك الحين، وسببه أني منذ كان التقويم في فمي من الألم كنت أدفعه بلساني بدون وعي، وصارت عادة عندي حتى أفعلها بدون وعي أيضاً بالرغم من محاولاتي الكثيرة جداً أن أتخلص منها إلى الآن، وهذا سبب لي الإحراج ولا أدري ماذا أفعل؛ لأني أظن السبب نفسياً أكثر من أنه صحي، وبعض المرات أحرك لساني إلى الأعلى لكي لا ألمسه ولكن لا يفيد.
الألم مستمر لأني دفعت اللثة بلساني.
أرجوكم أفيدوني، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه لنا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنحن بحمد الله عز وجل أمام فتاة شرف الله همتها وجعلها تحرص على معالي الأمور، تحرص على أن تكون في الدرجات العلى عند الله جل وعلا، فأنت تسعين في أمر هو خير الأمور وأفضلها وأعظمها قدراً عند الله جل وعلا.. إنه الرفعة في هذا الدين، فأنت تريدين التفقه في دين الله، فهنيئاً لك يا أختي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)، وهنيئاً لك قوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال صلوات الله وسلامه عليه: (من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع) أخرجه الترمذي في السنن، وخرج أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة).
وأيضاً فأنت بحمد الله تسعين في الدعوة إلى الله عز وجل، وترغبين في أن تدعي الناس إلى الحق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) أخرجه البخاري في صحيحه، وقال صلوات الله وسلامه عليه: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النعم) والحديث متفق عليه، وأيضاً قال صلوات الله وسلامه عليه: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) أخرجه مسلم في صحيحه.
فأنت بحمد لله تسعين في معالي الأمور وفي مكارم الأخلاق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها) أي المحقرات منها. والحديث أخرجه الطبراني في المعجم.
فالحمد لله الذي شرف همتك ورفع من عزيمتك وقوَّاها حتى تطلبت ما تطلبه الكاملات العاقلات ولم تلهثي وراء الحرام ولا وراء العلاقات المحرمة ولا وراء تضييع الأوقات، وهذا كله من فضل الله عليك، وقد قال الله تعالى: ((قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ))[يونس:58]، وقال تعالى: ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ))[الحجرات:7-8].
وأما عن سؤالك عن كيفية التعلم في البيت؟ فهذا أمر مقدور عليه بحمد الله، وأنت تستطيعين أن تتعلمي وأنت في داخل بيتك وسوف نضع لك نظاماً تقريبيّاً للعمل به ولكن عليك أولاً أن تقدمي أمراً عظيماً قبل ذلك.. إنه الاستعانة بالله وإنه الحرص على التوكل على الله؛ فقدمي توكلك على الله واستعانتك به على أي أمر تحاولينه، فطلب العلم لابد أن يسبقه استعانة بالله جل وعلا؛ كما قال جل وعلا: ((وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا))[طه:114] .. فاسألي ربك دوماً الكريم أن يهبك العلم النافع وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك.
وأما عن كيفية التعلم فهذا يحتاج منك أن تبدئي بالأهم فالأهم، بحيث تضعين نظاماً علميّاً يجعلك ترتقين شيئاً فشيئاً في طلب العلم، وأيضاً فلابد من استحضار أن هذا العلم لا ينال دفعة واحدة ولا ينال جملة واحدة وإنما ينال مع الأيام والليالي، فخذي هذا العلم مع الأيام وخذيه مع الساعات واصبري على تحصيله، فإنك بذلك ترفعين نفسك من درك الجهل إلى درج العلم حتى يجعلك الله جل وعلا ممن قال فيهم: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ))[المجادلة:11].
ومن النظام الحسن في التعلم الشرعي أن تبدئي أولاً بأمرين اثنين: بتعلم العقيدة الإسلامية الصحيحة التي تجعلك تعبدين الله تعالى على بصيرة وعلى نور وهدي من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن تبدئي كذلك بالأمور الماسة التي تمسك مباشرة، وذلك كتعلم أحكام الطهارة وأحكام الصلاة لاسيما أحكام الحيض وأحكام ما يتعلق بإصلاح صلاتك؛ فكل هذا من العلم العيني الواجب الذي لابد أن تسعي فيه، فمن ذلك أن تقرئي أولاً كتاب (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)؛ فهذا كتاب نافع في بابه، وقد جمع توحيد العبودية وبينه وفصله بطريقة سهلة، فمتن الكتاب آيات كريمات وأحاديث عن النبي صلوات الله وسلامه عليه مع شرحٍ موثقٍ جيدٍ قويٍ.
وكذلك تبدئين بقراءة أحكام الحيض وأحكام الطهارة التي تعرض لك في الوضوء وفي قضاء الحاجة وفي الاغتسال من الاحتلام ونحو ذلك من الأحكام الضرورية التي لابد لك أن تطلبيها، وهذا ميسرٌ بحمد الله، ومن الكتب الحسنة في هذا أن تبدئي بداية لطيفة بقراءة ما تيسر من ذلك من كتاب ( فقه السنة ) في المجلد الأول، فإن هذا الكتاب سهل العبارة وهو ميسرٌ يمكن تحصيل العلم منه دون مشقة تذكر، فعليك بأن تبدئي بطريقة تضبطين به هذا العلم، فمثلاً تبدئين بكتاب الطهارة ثم تبدئين في باب من أبواب الطهارة كباب الوضوء مثلاً بحيث تحصرين الأحاديث الواردة فيه وتحاولين أن تتحفظيها وأن تستذكريها مشيرة إلى من خرَّجها من الأئمة كأن تقولي في نهاية الحديث: أخرجه البخاري ومسلم..
فمثل هذا يوثق علمك ويجعلك تنتقلين من حال العلم بلا ضبط وبلا توثيق إلى حال طالبة العلم الموثقة لما تحفظ والعارفة لما تقوله ولما تدعو إليه.
وبهذا الأسلوب يمكنك ضبط الأحاديث النبوية وكذلك الآيات القرآنية، مع الإشارة إلى الحكم الذي تريدين، فمثلاً يمكنك أن تضعي سؤالاً وجواباً؛ فبهذا الأسلوب يمكنك استحضار الأجوبة بسهولة وتكونين قد رتبتها داخل كراسٍ خاصٍ لهذه الأحكام يسهل الرجوع إليه، وأيضاً تنظرين إليه من حينٍ إلى حينٍ حتى يظل عالقاً في ذهنك وتظلي مستحضرة لمعناه.
وكذلك القول في سائر العلوم، وإنما بدئ بالعقيدة وبدئ بالأحكام الشرعية لأن هذه من الأمور الضرورية التي لابد أن تعرفيها والتي لابد أن تقفي عليها، وبهذا ستجدين أنك انتقلت إلى مرحلة العلم وأنك صرت تحفظين أحكاماً شرعية وتحفظين أحكاماً عقدية، وأنك قادرة على أن تبيني أحكاماً تمس الناس فتكونين متعلمة مزكية نفسك وفي نفس الوقت داعية إلى الله تعالى؛ كما قال الله جل وعلا: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))[فصلت:33].
وتقتنين كتاباً في السيرة لتتعرفي على سيرة الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ومن الكتب الحسنة كتاب ( الرحيق المختوم ) وهو كتاب ميسر وعباراته سهلة ومع هذا فهو موثق أيضاً وفيه أحداث لمجمل ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحداث العظام، وفيه أيضاً لطافة في الأسلوب يمكنك أن تحصلي هذه المعاني منه بكل يسر وبكل سهولة.
وأيضاً فلابد أن يكون لك كتابٌ في التفسير، ومن أحسن الكتب الميسرة في هذا كتاب (تفسير ابن كثير)، فهو كتاب نافع ويمكنك أن تحصلي منه قدراً صالحاً من تفسير كتاب الله وإن أشكل عليك أمرٌ فيمكنك الكتابة إلى الشبكة الإسلامية أو إلى بعض المواقع الإسلامية ليجيبوك على ما تستشكلين من المعاني.
وكذلك لابد أن يكون لك إلمام للآداب والأخلاق وإلمام لبعض العلاقات الاجتماعية والأحكام التي تتعلق بذلك، ومن الكتب الحسنة في ذلك كتاب (منهاج المسلم) لأبي بكر الجزائري؛ فهو كتاب صالح للمستوى الذي أنت فيه، ويمكن أن تحصلي منه طرفاً صالحاً متعلقاً بالعقائد والآداب وغير ذلك من الأمور لاسيما في الأجزاء الأولى منه.
وأما بالنسبة للحديث وشروحه، فإن من الكتب الحسنة التي تبدئين بها كتاب
(الأربعين النووية) مع شرحها للحافظ ابن رجب، أو شرح مختصر يليق بابتدائك كشرح الإمام ابن دقيق العيد – على الجميع رحمات الله تعالى السابغة -..
فهذه أصول لو استطعت أن تحصليها فإنك سوف تجدين بإذن الله عز وجل أنك ارتقيت في طلب العلم وأنك أصبحت تتهيئين شيئاً فشيئاً لأن تكوني داعية إلى الله عز وجل على نور وبصيرة.
وأما المواضيع الأخرى والعلوم الأخرى كعلم مصطلح الحديث وعلم أصول الفقه وعلوم اللغة فهذا له وقت آخر وله شأن آخر فيمكنك بعد ذلك الكتابة إلى الشبكة الإسلامية لنمدك بطائفة من الكتب المقترحة التي يمكنك أن تبدئي بها، ونود أن تتواصلي مع الشبكة الإسلامية في هذا الأمر وأن تظلي على صلة بها لتجدي المعونة والإرشاد، ونسأل الله عز وجل أن يثبتكم على دينكم وأن يحفظكم من شر الأشرار ومن كيد الفجار وأن يجعل لكم من لدنه سلطاناً نصيراً.
وبالله التوفيق.
انتهت إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد مجيد الهنداوي ـ ويليها إجابة الدكتور / ماهر البرديني ـ تخصص أسنان. _____________________________________
عليك أن تراجعي طبيب الأسنان المتخصص في التقويم لكي يضع لك جهازاً مؤقتاً يمنع وصول اللسان إلى اللثة في مكان الألم لفترة مؤقتة حتى يتعود اللسان وتنمو اللثة وترجع لوضعها الطبيعي، وأيضاً عليك بمراجعة الطبيب للتأكد من سبب الألم، هل يوجد سبب آخر أم هذا هو السبب الرئيسي؟ وهل ستحتاجين لعلاج آخر أم لا؟
وأسأل الله أن يفرج كربك وأن يزيل همك وأن يثبتك على الحق وجميع المسلمين.