السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مشكلة معقدة نوعاً ما، وأريد النصيحة من فضلكم.
أنا متزوجة من ابن عمي منذ سنة، ولم أكن موافقة على هذا الزواج مطلقاً، لكن أهلي أرغموني على ذلك بحجة إن لم يتم الزواج فسيحدث انشقاق في العائلة، وأنا لا أحبه؛ لأنه ابن عمي، وأحس أنني أجامع أخي، ولا أريد أن يقترب مني.
للأمانة هو شخص ملتزم، وله سمعة طيبة بين الناس، وخلوق، ويحبني.
لكنني تحت ضغط كبير لا يعلم به إلا الله، وعلى أمل أن مشاعري نحوه ستتغير، وسأرضى به، لكن لم تتغير مشاعري، ولم أتقبله، وزاد رفضي له، بل أصبحت أكره ذكره، ولا أتحمل أن أراه، وهو يحاول استلطافي، وأن يتقرب إليّ بكل ما يستطيع، كما أني حاولت أن أجاريه في المعاملة، لكن في كل مرة أنهار باكيةً، ولا أستطيع أن أتحمله، وليس لدي شخص آخر في حياتي، وليس هناك أي مشكلة معه، فقط أنا لا أحبه لا أحبه!
وللعلم: ليس لدينا أطفال، وهو الآن في بلد آخر منذ سنة تقريباً، وأفكر في الطلاق كثيراً، لكن أهلي يطلبون مني الصبر والتحمل حتى لا تحصل مشاكل، وأنا أخاف أن أقصر معه (وأنا أصلاً مقصرة) فأدخل في غضب الله، وفي نفس الوقت لا أريد عقوق والديّ، وهل سأكون عاقةَ إن تطلقت؟ علماً بأنهم لا يريدون الطلاق.
انصحوني من فضلكم، ماذا أفعل؟
ووالله ليس كلاماً فارغاً أو مشاعر عابرة أكتبها، لكنها من أعماق قلبي أكتبها وأنا أبكي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به، وأن ييسّر لك أسباب السعادة، ومنها الأسباب التي تُؤلِّف بينك وبين زوجك، وتزيل ما في قلبك من الوحشة تجاهه.
نحن نتفهم -أيتها البنت العزيزة– ما تصفينه من مشاعرك، وهذا أمرٌ ربما يكون خارج حدود قدراتك، فالحب من أعمال القلب، ولا يُكلِّفك الله تعالى الحب، وإنما ينبغي لك أن تأخذي بأسبابه، فإذا لم تجدي في قلبك حُبًّا لزوجك فإن هذا ليس من الإثم الذي يُعاقبك الله تعالى عليه، أو تعدّين بسببه مقصِّرَةً في ما أوجب الله تعالى عليك.
ونحن نؤكد -أيتها البنت الكريمة– ما ينصحك به أهلُك من عدم التسرُّع في الطلاق والمبادرة إليه، وأن تحاولي ما استطعت الأخذ بالأسباب التي تُقرِّبُ زوجك إلى قلبك، فلعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك خلاف هذا الحال الذي أنت فيه، لا سيما وأن زوجك فيه من الصفات الجميلة ما ذكرتِ عنه، ومع ذلك هو يُحبُّك وحريصٌ عليك ولطيفٌ في المعاملة معك.
وممَّا يُقرِّبُه إلى قلبك -أيتها البنت الكريمة– التفكُّر والمقارنة؛ فإنك إذا خسرت هذا الزوج ربما لن تجدي زوجًا مثله، هذا إن وجدتِ زوجًا، فهذه المقارنة تجعلك تقبلين ببعض الخيارات التي لا تُحبينها.
كما أن من المقارنات التي ينبغي أن تعقديها المقارنة بين هذا الزوج وبين نساء كثيرات تزوجن بمن يرغبن فيه ويُحببنه، وكانت الواحدة منهنَّ تظنُّ أنها إذا تزوجت به ستجد كل السعادة في حياتها، ثم إذا بها بعد ذلك تعيش أنواعًا من ضنك العيش وسوء المعاملة، وتبدَّى لها خلاف ما كانت تظنُّه من حياةٍ سعيدة، وغير ذلك، والنماذج التي تتمثّل فيها هذه الحالات كثيرة جدًّا.
فإذا تفكّرت في هذه النماذج وهذه الصور، وقارنتها بحالتك، فإنك حينها ستدركين مقدار النعمة التي تعيشينها، والتوجيه النبوي جاء يلفت أنظارنا إلى هذا الأسلوب لمعرفة النعم والعطايا التي أعطانا الله تعالى إيَّاها، فيقول عليه الصلاة والسلام: (انظروا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ).
فنحن ننصحك -أيتها البنت العزيزة– بألا تتعجّلي الطلاق، وأن تحاولي التغلُّب على هذه المشاعر، وتجاهدي نفسك على ذلك، وألَّا تسمحي للشيطان أن يُعظّم هذه المشاعر في قلبك، فإنه يتمنّى التفرقة بين الزوجين، وأن تستعيني على إزالة هذه المشاعر بكل وسيلة ممكنة تقدرين على الاستعانة بها، ومن ذلك استشارة الأطباء النفسيين.
فإذا لم تقدري على شيءٍ من ذلك وقررت الطلاق للخوف من التقصير في حق زوجك؛ فإن هذا ممَّا يجوز لك شرعًا، وقد أقرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- من طلبت الطلاق لهذا السبب، وليس في هذا عقوقًا لأحد والديك ما دمت لا تقدرين على الاستمرار مع هذا الزوج.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.