السؤال
السلام عليكم
أبلغ من العمر 20 سنة، أخذت شهادة البكالوريا في عمر 18 سنة بتخصص لم أستطع دراسته، كونه يدرس بالفرنسية، لذا أعدت السنة مرتين.
الآن أريد أن أحول إلى تخصص علم الاجتماع، لكن الجميع يقول لي: إنه تخصص فاشل، وأنا خائفة من الفشل مرة أخرى وإعادة السنة؛ لأنني سأطرد، ومن جهة أخرى أريد إعادة شهادة البكالوريا، إلا أنني أحس أنني ضيعت بالفعل عامين، ولا أريد تضييع المزيد، كما أنني كبرت.
لهذا لا أعرف ماذا أفعل؟ فأنا محتارة، وأشعر بالخوف والقلق لأنني متأخرة جدا، كما أنني فقدت الثقة بنفسي، وأحس أنني سأفشل دوما.
وعلى الرغم من أنني أصلي صلاتي في وقتها، وأقرأ القرآن، إلا أنني لا أشعر بالسعادة أبدا، وأشعر بالخمول والفشل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك بنتنا في الموقع، نشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يُصلح الأحوال.
لا شك أن الفتاة التي استطاعت أن تتحصّل على البكالوريا قادرة على الاستمرار في طريق العلم؛ لأن الإنسان لا يصل لهذه المراحل إلَّا بعد أن يكون عنده قدرة على الاستيعاب والفهم، وإذا كان هذا التخصص الذي درسته وتخرّجت منه تعبت في الحصول عليه؛ فاعلمي أن طريق العلم أيضًا يحتاج إلى مجهود، ولا أظنّ أن هناك إشكالا في أن تدرسي مرة أخرى علم الاجتماع، خاصة وهذا العلم له علاقة بأخواتنا وبناتنا في الجوانب التربوية والجوانب المهارية والحياتية والاجتماعية.
ولكن قبل ذلك أرجو أن تتشاوري مع المعلمات، ومع مَن هم أعلم بقدراتك العلمية، وتنظري أيضًا إلى مَن لهم خبرات في سوق العمل وسوق الحياة والتعليم؛ لأن هؤلاء يستطيعون أن يُقيموا ما تملكين من قدرات ثم يُعطوك التوجه الصحيح.
وأحب أن أؤكد أيضًا أن الإنسان إذا صعب عليه مجال علمي، فلا ينبغي أن يلوم نفسه ويُعاتبها حتى يفقد ثقته في نفسه؛ لأن هذا من الظلم للنفس، واعلمي أن كل إنسان مُيَسَّرٌ لما خُلق له، لكن لا يُوجد إنسان بلا مؤهلات ولا قُدرات، فاكتشفي القوة عندك واحمدي الله تبارك وتعالى عليها.
واحرصي دائمًا على أن تنظمي وقتك وحياتك، وانظري للجانب الإيجابي في حياتك، واعلمي أننا نظلم أنفسنا عندما نكبّر قدرات الآخرين ونصغِّرُ ونحقق ما عندنا من القدرات والمواهب، والإنسان ينبغي أن يعرف مقدار نعم الله عليه، واعلمي أن نعم الله مقسمة، فاكتشفي النعم التي وهبك الله تبارك وتعالى وميَّزكِ بها، ثم اجعلي الانطلاق منها، وتداركي بعد ذلك الجوانب الأخرى.
واحرصي على أن تكوني ذاكرة لله مطيعة لله تبارك وتعالى، وتعوذي بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، وإذا كنت تصلين الصلاة في وقتها، وتقرئين كتاب الله تبارك وتعالى، فعليك أن تزدادي من هذا الخير، ثم عليك أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، واعلمي أن السعادة لا ترتبط بدرجة علمية ولا بأموال؛ لأن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.
نؤكد أنك قادرة بإذن الله على الانطلاق من جديد، فحافظي على الأذكار، ولا مانع من قراءة الرقية الشرعية على نفسك، أو الذهاب إلى راق شرعي يُقيم الرقية الشرعية على قواعد هذا الدين العظيم، وتعوذي بالله من العجز والكسل؛ فالعجز نقصٌ في التخطيط، والكسل نقصٌ في التنفيذ، والنبي عليه الصلاة والسلام عالج هذا الإشكال بهذا الدعاء، فحافظي عليه وأكثري منه، تعوذي بالله من العجز والكسل، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.