السؤال
السلام عليكم.
أختي توفيت وتركت طفلين صغيرين، هما الآن يعيشان معنا في البيت، معي أنا وأسرتي، فأنا لم أتزوج بأبيهم لأنه غير أمين أو صالح، وكانت أختي تعاني وهي معه، لذلك لم أجرؤ على الزواج به للاهتمام بالأطفال.
ولكنه الآن يتعامل معنا وكأننا تحت خدمته وخدمة الأولاد، ولا يعد هذا معروفاً في حقه أو حق أولاده، وأمي تبلغ من العمر 50 سنة، وصحتها ليست كما كانت، ولكنها تقوم برعايتهم على حسب قدرتها، وأنا أساعدها في هذا الموضوع.
الأب أحياناً يتهرب من مصاريفهم كي يجعلنا نقوم بذلك، والله إننا لم نبخل، ولكن الحال ليس أفضل ما يكون، أحياناً يأخذ الأطفال ظناً منه أنه يعاقبنا بابتعادهم عنا عندما نبدي سخطنا من تصرفاته غير المهذبة معنا، وطريقة حديثه في بعض الأوقات بأسلوب وقح.
المهم: أنني أشعر بالذنب تجاه الأطفال، وخصوصاً عندما يأخذهم؛ فهما صغيران: الأول عمره 3 سنوات، والآخر سنتان، وأخاف أن يكون هذا اختباراً لي من الله وأرسب فيه، غير اختبار موت أختي والصبر عليه.
أرجو إفادتي في ذلك فإن ضميري لا يصمت أبداً حتى إن لم أكن مخطئة، هو يحب أطفاله لا أنكر ذلك، ولكنه في كثير من الأوقات يكون وقحاً معنا بدون سبب، والله شاهد على ذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هؤلاء الصغار، ونبشِّرُك بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أنا وكافل اليتيم -له أو لغيره- في الجنَّة كهاتين)، وأشار بالسبّابة والوسطى.
ونسأل الله أن يُعينكم على الاستمرار في الاهتمام بهؤلاء الصغار، وأن يجعل هذا في موازين حسناتكم.
وننصحكم بأن تفرّقوا بين تعامل والد الأيتام وبين هؤلاء الأيتام، فإن العظيم يقول: {ولا تَزرُ وازرةٌ وِزْرَ أخرى}، فاستمروا في الإحسان لهؤلاء الصغار، وقوموا بما عليكم تجاههم، وإذا قصّر والدهم أو أساء فوزره على نفسه، لذلك أتمنى أن تستمروا في تقديم الخدمات رغبة فيما عند الله من الأجر والثواب.
وإذا كان الأمر فوق الطاقة فلا داعي للحزن، فإن الله العظيم يقول: {لا يُكلِّفُ الله نفسًا إلَّا وسعها}، ويقول: {لا يُكلِّف الله نفسًا إلَّا ما آتاها}.
المهم هو: أن تقوموا بما عليكم بحسب استطاعتكم، ولا لوم عليكم طالما كان الأمر بالطريقة المذكورة.
وأكرر: لا ينبغي أن تقصّروا فيهم لأجل كلام والدهم، ومَن يُحسن فلنفسه ومَن أساء فعليها، نسأل الله أن يهديه وأمثاله لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسن الأخلاق إلَّا هو.
وإذا كنتم تعانون من فقد هذه الأخت فأكثروا لها من الدعاء، ولا شك أن الأمر ليس بالسهل، ولكن الأموات بحاجة إلى الدعاء لهم، بحاجة إلى استغفارنا لهم، كما أن الإحسان لهؤلاء الصغار لونٌ من الوفاء لوالدتهم التي نسأل الله أن يرحمها، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين.
والإنسان ينبغي دائمًا أن يحرص على أن يكون إذا أُعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فلا تحمّلي نفسك ما لا تُطيقي، وقومي بما عليك من الخدمات من أجل هؤلاء الصغار رغبة فيما عند الله تبارك وتعالى، ولا تجعلي ما يحصل منه من إساءة أو تجاوز أو كلام سببًا للتقصير، أو سببًا لعدم القيام بالواجبات تجاه هؤلاء الصغار.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظهم ويحفظكم، وأن يهدي هذا الرجل، ويهدي لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، ورحم الله أمواتنا وأمواتكم وأموات المسلمين.