السؤال
السلام عليكم
أنا شاب، عمري 23 سنة، أعاني منذ الصغر من الرهاب الاجتماعي، والوسواس القهري، والاكتئاب، ذهبت إلى الطبيب، ووصف لي دواء (انافرانيل) ولكن لم أستفد منه فتركته، وذهبت إلى طبيب آخر، ووصف لي (بروزاك) وكذلك لم أستفد منه، وطبيب آخر وصف لي (ريسبردال)، سبب لي الاكتئاب، وتركته.
لدي مشكلة وهي الانعزال وعدم الخروج من المنزل لفترة طويلة، فأنا لم أخرج من المنزل منذ سنوات طويلة بسبب الاكتئاب، فلدي اكتئاب حاد، وأفكر في الانتحار، وكذلك لدي وسواس قهري أعاني منه منذ مرحلة الطفولة.
أشعر بالحزن والاكتئاب طوال اليوم، وكذلك أشعر أنني بدون قيمة، أريد علاجاً يخلصني من الاكتئاب الحاد الذي أشعر به.
وشكراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: نحن ننزعج تمامًا حين نسمع أن بعض شباب المسلمين يتحدّثون عن الانتحار وأفكار الانتحار. هذا أمرٌ لا يليق أبدًا بشبابنا، ومهما أتت هذه الأفكار الشيطانية للإنسان يجب على المسلم أن يكون قويًّا ومؤمنًا صلبًا، ويستعين بالله تعالى، فـ (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير)، الحياة طيبة حتى وإن تكاثرت المشاكل والمضايقات والأعراض السلبية على الإنسان، فكاشف الضر هو الله، ورافع البلاء هو الله، ومنفّس الكرب هو الله، ومن أراد الخير يجده، والخير موجود في هذه الأمة المحمّدية إلى أن تقوم الساعة بحول الله وقوته.
فيا أيها الفاضل الكريم: أذكّرك بقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا}، وأذكرك بقوله: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي}، وبقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يُحب المحسنين}.
أنت شاب، في بدايات الشباب، حباك الله تعالى بالقوة وبالمقدرات وبالمهارات، وهذا شيء مؤكد بإذن الله، مهما كانت هناك أعراض اكتئاب أو وساوس أو خلافه، هذه كلها -إن شاء الله تعالى- أمور واهية، وحقيقةً هي أمور ضعيفة جدًّا، بالمثابرة والجُهد وتحقير الفكر السلبي وبناء فكر جديد يستطيع الإنسان أن يتخلَّص من اكتئابه وخلافه.
فيا أخي الكريم: أنت مثلاً على سبيل المثال أريدك أن تنخرط في برنامج اجتماعي، تخرج مع الشباب من سِنّك، تُرفّه على نفسك بما هو طيب وجميل يُرضي الله تعالى، تخرج لتزور أرحامك، تُؤدي الواجبات الاجتماعية مثل زيارة المرضى، المشاركة في الأفراح، المشي في الجنائز، ممارسة رياضة جماعية مع أصدقائك.
فيا أخي: هذه كلها وسائل علاجية فاعلة جدًّا، وليست صعبة، وهي متاحة، وسهلة جدًّا. فأرجو أن تُغيّر مفاهيمك، تنتقل من الفكر السلبي إلى الفكر الإيجابي، وكذلك من المشاعر السلبية إلى المشاعر الإيجابية، واجعل لحياتك هدفاً، هذا مهمٌّ جدًّا، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءًا من حياتك.
أمَّا بالنسبة للعلاجات الدوائية: فأنا أنصحك بعلاج (فينلافاكسين Venlafaxine) والذي يُعرف باسم (إفيكسور Efexor)، دواء فعال جدًّا وسليم جدًّا، وقوي لعلاج المخاوف والاكتئاب وكذلك الوساوس.
تبدأ بجرعة (37,5 مليجراماً) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم ترجع الجرعة إلى (75 مليجرامًا) يوميًا، وإن لم تجد جرعة الـ (37,5 مليجراماً) فيمكنك أن تبدأ مباشرة بجرعة (75 مليجرامًا)، وتستمر على جرعة الخمسة وسبعين مليجرامًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها مائة وخمسين (150 مليجرامًا) يوميًا، وهذه الجرعة الكافية جدًّا بالنسبة لك، علمًا بأن الجرعة الكلية هي ثلاثمائة (300 مليجراماً) في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة.
استمر على جرعة المائة وخمسين مليجرامًا، كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر مثلاً، ثم بعد ذلك خفضها إلى خمسة وسبعين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين إلى ثلاثة، ويمكنك التواصل معنا، أو مقابلة الطبيب النفسي.
أخي: يجب أن ترفع من مشاعرك الإيجابية، وأنت صاحب قيمة، كيف تقول (ليس لي قيمة)؟ الله تعالى حباك بكل الخصائص الطيبة، هذا فكر اكتئابي سلبي خطير، يجب أن تُحقّره.
أريدك أن تدخل في الحياة بكل قوة وإيجابية وإن شاء الله تعالى تتبدل مشاعرك، وتحس بالراحة والطمأنينة والسعادة -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.