السؤال
أمي أصيبت بألم شديد في المعدة، فذهبنا بها إلى المستشفى ظنا منا أنها جرثومة المعدة قد عادت إليها، بعدها بدأت تتبول بشكل شبه لاإرادي مع صداع شديد في الرأس، ثم في اليوم الثالث كانت تتحدث مع أحد أبنائها، وفجأة بدأت تقول كلمات غير مفهومة ثم أغمي عليها.
ذهبنا بها للمستشفى فاختلفوا في التشخيص، منهم من قال جلطة، ومنهم من قال حمى شوكية، إذ أنهم لم يأخذوا منها عينة من النخاع الشوكي، لأنها تحركت، وقرروا أنه نقص في أملاح الصوديوم والبوتاسيوم وحمى شوكية، وبدؤوا بإعطائها الأملاح عبر الوريد، فأفاقت وأدركت من حولها، ثم في اليوم الثالث من بدء العلاج بدأت معها هلوسة خفيفة ثم اشتدت، مع تحسن في النطق، إذ أنها تنطق كلمات غير مفهومة في البداية، ثم أصبحت تتحدث بكلمات مفهومة مع عصبية شديدة ورغبة في الخروج من المستشفى، توقف الطبيب المعالج وقال: نحن لا نعلم ما سبب هذا وعملوا لها أشعة بالصبغة، وكانت سليمة، وعرضت على طبيب المخ والأعصاب، فلم يحدد لنا شيئا، ومن ثم قرروا أنها صدمة نفسية فعرضت على طبيب نفسي فأعطاها منومات؛ لأنه يقول كلما نامت ارتاح مخها وميزت أكثر، ومن ثم أخرجناها للمنزل لعدم رغبتها في البقاء في المستشفى.
ثم عرضناها على طبيب المخ والأعصاب، فقال أن ما لديها هو كهرباء في المخ، وعمل لها تخطيطا للرأس بسبب علاج الحمى الشوكية، وقال إن سب الإغماء هو نقص الأملاح، وأنها لم تكن مصابة بالحمى الشوكية؛ لأنها لم ترتفع درجة حرارتها، وبالفعل هي لم ترتفع درجة حرارتها، وأعطاها علاجا للكهرباء وطلب العودة بعد أسبوع.
سؤالي: هل هناك أمل وترجع أمي مثل ما كانت سليمة؟ للعلم عمرها 58، ولم تكن تعاني من أي شيء سابقا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فحسب المعلومات المتوفرة: والدتك بالفعل حدث لها تغيرات دماغية واضحة، وهذه التغيرات الدماغية ربما يكون منشؤها الدماغ نفسه، أو تكون ناتجة من عوامل أخرى، مثل نقص البوتاسيوم والصوديوم، وكذلك نقص السكر قد يؤدي إلى ذلك، وهنالك أسباب كثيرة، والذي أود أن أصل إليه: إما أن يكون الخلل في الجهاز العصبي – ونعني بذلك المخ والنخاع الشوكي – أو كان الخلل في أجزاء الجسم الأخرى، لكنه أثر على الجهاز العصبي.
ما ذكره الأطباء من احتمال الجلطة أو احتمال الحمى الشوكية، هذه تشخيصات تسمى بالتشخيصات الفارقة أو المفارقة – يعني الاحتمالات التشخيصية – وأعتقد أنهم على صواب، لأن الالتهابات الفيروسية كثيرًا ما تؤدي إلى هذه الصورة التي نسميها بالصورة الإكلينيكية أو السريرية، وظهور الهلاوس واضطراب التفكير وافتقاد الاستبصار وعدم الارتباط بالواقع هي ظواهر معروفة تنتج من الالتهابات الحادة التي تصيب الدماغ، وخاصة أجزاء معينة من الدماغ، فهذه الحالات نشاهدها كثيرًا، وفي معظم الأحيان تكون النتائج العلاجية رائعة جدًّا بعد أن ينتفي السبب.
في حالة والدتك الحمد لله تعالى تم تصحيح مستوى الصوديوم والبوتاسيوم، وهذا إجراء سليم، وما ذكره الطبيب من وجود اضطراب في كهرباء الدماغ أيضًا هذا جائز جدًّا، لكنه غالبًا ما يكون ناتجًا من التهاب فيروسي أصاب أغشية الدماغ أو الخلايا الداخلية، وهذه الحالات تعالج من خلال إعطاء الدواء الذي ينظم الومضات الكهربائية، وفي ذات الوقت لا مانع من إعطاء أدوية مضادة للذهان بجرعات صغيرة.
هنالك عقار يعرف باسم «هلوبريادول» كثيرًا ما يُعطى في مثل هذه الحالات، لكن يجب أن تكون الجرعة صغيرة وبإشراف طبي، وهنالك دواء آخر يعرف باسم «رزبريادون» يُعطى بجرعات صغيرة، وكذلك عقار «زبركسا».
عمومًا هذه الأدوية وهذه المقترحات التي ذكرتها معروفة جدًّا لدى الأطباء، وأنتم ما دمتم الآن تواصلون مع طبيب الأعصاب أعتقد أنكم لدى المختص الصحيح، – وإن شاء الله تعالى – بالتدريج سوف ترجع أمور الوالدة كما كانت.
إذن احتمالات الشفاء هي احتمالات كبيرة جدًّا، لكن حتى يكون كلامنا أكثر مصداقية التحسن من عدمه يعتمد على السبب، ويعتمد كذلك على درجة الإصابة الدماغية أو التغيير الذي حدث في أجزاء أو كيمياء أو الومضات الكهربائية في الدماغ، والمبشرات أعتقد جيدة في حالة والدتك، لأنه ظهر عليها سمات التحسن.
فالمتابعة مع الطبيب مهمة، واتباع الإرشادات والتعليمات الطبية يجب أن تطبق كما هي، وعليكم بالدعاء لها، وبارك الله فيك،