استشارات

أنا طالب علم وأريد نصائح في طلب العلم لأستفيد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب دراسات علياء، وأريد أن أصبح عالماً عظيماً في إحدى المجالات العلمية الدنيوية، لكي أخدم بذلك الإسلام والمسلمين وأؤجر عليه يوم القيامة، ولكن كثيراً وأنا أدرس مواد تخصصي أحس بضيق في الصدر وطفش شديد، وأنا في بداية المذاكرة تمنعني من الإكمال والاستمرار في المذاكرة.

على الرغم من أن المواد التي أدرسها جذابة علمياً، وأيضاً فشل في محاولة المذاكرة، وعدم النجاح في المحاولة، وأعتقد أن لدي عدم توفيق كامل من الله في الدراسة، بمعنى أن الله وفقني للقبول في هذا البرنامج الدراسي، ووفقني في بعض المواد، ولكنه ليس توفيقاً كاملاً.

أنا لدي ذنوب متعددة لم أتب منها بعد، وما أريده أن يفتح الله علي فتحاً عظيماً في طلب العلم، لدي سؤالان:

-أذكر لي ( كل) ما كان يفعله العلماء المسلمون على مر العصور، عندما يتعرضون لمثل ما أتعرض له في سبيل طلبهم للعلم؟

على سبيل المثال ابن تيمية، كان إذا أشكلت عليه المسائل يلجأ للتوبة والاستغفار.

ما الأسباب التي أفعلها لكي أكون موفقاً توفيقاً كاملاً في طريقي لطلب العلم؟ “وما الذي ينتج عنه النجاح الكامل في طلب العلم”؟ علماً أني أدرس علماً دنيوياً وليس شرعياً.

 

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن يزيدك علماً وفضلاً، وأن ينفع بك الإسلام والمسلمين، والجواب على ما ذكرت:

أهمية العلم في العلوم التجريبية، يأتي تالياً للعلوم الشرعية، وهو من فروض الكفايات التي إن قام بها البعض من المسلمين رفع الحرج عن الآخرين، وفيه تحقيق عمارة الأرض بالخير، ونفع المسلمين والبشرية جميعاً، وحرصك ونيتك الصالحة على أن تكون عالماً في تخصصك، لك أجر على هذا، وسيوفقك الله على ما تصبو إليه.

-الشعور بالضيق عندما تقرأ أو تدرس أو تراجع في تخصصك لا بد أن تعرف ما هو سبب هذا الضيق؟ وكيف تتخلص منه؟ ومن وجهة نظري أن من أسباب الضيق الشعور بالقلق من المستقبل، وأن تريد أن تكون في قوة علمية أحسن مما أنت عليه، أو أن جدول الدراسة والقراءة لديك فيه شدة لا تتحمله نفسك، أو أنك تعاني من مشكلات أسرية أو ظروف مادية، أو أنه بسبب التقصير في طاعة وارتكاب المعاصي وأنت أشرت إلى هذا في أثناء كلامك معنا.

كذلك قد يكون بسبب قلة الذكر وعدم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، لأن الإخلال بالذكر قد يكون سببًا لأشياء نفسية تقع للإنسان، فذكر الله يقي الإنسان من داء الغفلة وقسوة القلب والأمراض النفسية.

– ما فعله علماء المسلمين حتى حصلوا ما حصلوه من الخير، كانوا يمتازون بصفاء النفس وقوة التركيز، والاهتمام في طلب العلم.
– كانوا ينوون النية الصالحة في طلب العلم، ويحرصون على العمل بعلمهم نفعاً لأنفسهم ولأمتهم.
-كانت لهم همة عالية في طلب العلم، وحرص على تعلم العلم بتدرج وتأني دون تعجل أو طي للمراحل الزمنية قبل وقتها.

-كانوا على صلة عظيمة بالله حتى إذا انغلقت عليهم مسألة من العلم كانوا يسارعون إلى التوبة، والاستغفار.

-كانوا يرحلون في طلب العلم، ويأخذون العلم من أهله المبرزين فيه، ويهتمون باستغلال أوقاتهم في الاستزداة من العلم، وضبط أبواب العلم ومسائله بدقة متناهية.

-كانوا يتحملون المشاق وشضف العيش، ويتحملون المتاعب والأمراض في طريق طلب العلم، وكانوا يتلذذ أحدهم إذا أتقن باباً من العلم، ويعد هذا أعظم من ملاذات أهل الدنيا بدنياهم.

-كانوا ينشرون العلم لمن يطلبه ولا يكتمون ما يعلمونه، وكانوا يصنفون المصنفات العظيمة في شتى الفنون، والتي استفادت منها البشرية إلى يومنا هذا.

– من جانب آخر، فإن التوفيق بيد الله وحده، ويتحقق التوفيق بتحقق أسبابه، فله سببان رئيسان.
الأول: الصلاح في الدين وتقوى الله، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً)، وكثرة الدعاء والذكر الاستغفار، وإخراج الصدقات، وطاعة الوالدين، وصله الأرحام، وحسن الخلق، ونحو ذلك، فينبغي أن يكون لك نصيب من أبواب الخير، لتنال منها الأجر والمثوبة عند الله، وتنال بها أيضاً التوفيق في حياتك إن شاء الله.

الثاني: سبب مادي في حياة الإنسان، وخاصة طالب العلم، ومن ذلك الرغبة في اختيار التخصص الدراسي، وإدراك أهميته، واستحضار النية الصالحة، وما فيه نفع لك ولأمتك الإسلامية، ومن ثم تنظيم الوقت في الدراسة والقراءة وأوقات الراحة، ونحو ذلك، ومنها أن تستعين بالله، وتتوكل عليه في تحقيق ما تريده من الخير، ومنها الصبر والتحمل على ما تجد من مشقة، وقد يكون في بداية دراسة التخصص لأن نفسك لم تعتد على هذا ولكن مع مرور الأيام يسهل الأمر عليك إن شاء الله تعالى، ومنها القراءة في سير العلماء الذين حققوا إنجازات عظيمة في حياتهم، ومنها مجالسة ذوي الهمة العالية حتى تقتدي بهم.

-أخيراً أرجو أن تعرض نفسك على طبيب لينظر ما سبب الضيق الذي تجده في نفسك، ولا تنس أن تقرأ على نفسك الرقية الشرعية، من قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات، صباحاً ومساءً، فإن لها نفعاً في تفريج همك.

وفقك الله لمرضاته.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499