استشارات اجتماعية

تعري الزوجة لزوجها عبر الإنترنت

السؤال

أنا متزوجة وزوجي مسافر، ونتحدث عبر الإنترنت، لكنه يطلب مني أن يراني بلباس عاري، وأن أعمل بعض الحركات التي تثيره، وأن يرى جسمي، فهل يجوز ذلك عبر الإنترنت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أحسنت إحساناً عظيماً عندما سألت عن حكم هذا الأمر وتثبت في شأنك قبل أن تقومي به، وهذا هو شأن المؤمن والمؤمنة – يا أختي – وهو ألا يقدم على عمل حتى يعرف موضعه ومحله من رضى الله جل وعلا؛ قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))[الحجرات:1]. أي: لا تقولوا ولا تعملوا حتى تعرفوا حكم الله جل وعلا، وقد أحسنت بهذا السؤال لأن هذا الأمر – يا أختي – مما قد يبتلى به الإنسان فيحصل له بعد ذلك الضرر العظيم، وأنت لا يخفى على نظرك الكريم أن رؤية زوجك إياك من الأمور المشروعة، بل على جميع الأحوال التي يمكن أن تثير المرأة فيها زوجها عندما يكون معها في بيت الزوجية، فهذا أمر ليس فقط مباحاً بل وفيه الأجر العظيم حتى قال – صلوات الله وسلامه عليه -: (وفي بُضع أحدكم صدقة) يعني الجماع، فقالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر على ذلك؟ فقال: (أريت إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ فكذلك إن وضعها في حلال يكون له أجر) أخرجه مسلم في صحيحه.

والمقصود أن الله قد أباح للزوج من زوجته النظر والمعاشرة والمعاملة التي تعلمين، وهذا أمر مما لا يخفى على نظرك الكريم، ولكننا قد سُقناه تمهيداً للكلام الذي سيأتي بعده وهو: أن هذا مشروط ألا يكون هنالك ضرر يصيب الإنسان في عرضه وفي دينه، فلو أنك قد كشفت نفسك عارية أمام شبكة المعلومات سواء كان ذلك تعرٍّ لكامل العورة المغلظة أو دون ذلك كما يطلب زوجك وقمت بالحركات المثيرة، فهل تأمنين أنت وزوجك أن تقع هذه الصور في أيدي بعض المتطفلين ثم تحفظ وتنشر بعد ذلك؟! والجواب كما هو معلوم: لا يؤمن ذلك؛ لأن بعض المتطفلين قد يدخل إلى الأماكن المحصنة تحصيناً عظيماً من الجهة الآلية (الالكترونية) حتى إنهم ربما دخلوا على المصارف (البنوك) ودخلوا على الأجهزة الحكومية، وهذا أمر لا زالت الجهات تعاني منه في أرقى البلاد تقدماً في العلوم الصناعية (التكنولوجية).

إذن فلابد من الاحتياط، فلا تعرضي عرضك لأن يكون عرضة للسفهاء من الناس، وماذا يحصل بعد ذلك لو أن هذه الصور قد التقطت لك على هذه الشاكلة من بعض المجرمين ثم نشرت على صفحات وشاشات شبكات المعلومات، لا سيما إذا انضاف إلى ذلك معرفة الاسم ومعرفة العنوان، فالحذر الحذر، ولا يجب عليك طاعة زوجك في هذا الكلام، ولا يعد مخالفتك إياه في هذا الأمر عصياناً له، بل هذا هو الذي ينبغي أن تقومي به، وأن تفهميه مثل هذا الكلام، فإن هذا الطلب من زوجك يدل على أنه عفيف كريم وأنه يريد أن يعفَّ نفسه بالحلال ولا يرى أن ينظر إلى الحرام، وهذا فضل وخير، ولكن عليه أن يصبر.

وأيضاً فما الفائدة التي ترجى من ذلك وهو بعيدٌ عنك، فغاية ما عنده أنه سوف يثار أكثر وسوف يتعرض للتعب والمشقة بالصبر أكثر، فينبغي التصبر وينبغي استخدام الكياسة فالمؤمن يا أختي كيس فطن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) متفق على صحته. وكم من صور قد التقطت ونشرت في صفحات وشاشات شبكات المعلومات وعرضت الحرائر العفيفات المؤمنات عرض السلع نظراً لما يقوم به المتصيدون لمثل هذه اللقطات، فالحذر الحذر، وعليك أن تأخذي بجانب الحزم.

ونود من زوجك الكريم أن ينظر في أمر مصلحته، فلا ريب أنه من أحرص الناس على عرضه ومن أشدهم رعاية له، ولكن قد يقع الإنسان في غفلة فيظن أن هذا الأمر مباح وأنه لا خطر من ورائه أو غير ذلك، فيحصل له مثل هذا الطلب، فينبغي يا أختي أن تحرصي على أن تبيني له وجه الصواب، وأن تتفاهمي معه بالرفق واللين وأن تبيني له أنك تنتظرينه إلى حين عودته وأن هذا أدعى للأشواق وأن هذا أرضى لله جل وعلا وأحفظ للعرض وأصون؛ فإن العرض يصان، بل إن العرض ينبغي أن يحاط بسياج لا يلمس، فقد قال جل وعلا: (( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ))[النساء:34].

فوصفهنَّ الله بالحفظ والحفظ يقتضي الرعاية ويقتضي الصيانة ويقتضي الانتباه، فانتبهي لذلك، والله يتولاكم ويرعاكم ويرحمكم برحمته التي وسعت كل شيء.

وبالله التوفيق.

Related Posts

1 of 39