السؤال
السلام عليكم
للأسف الروح المرحة الحبيبة التواقة للحياة ماتت، ما عدتُ أرى الكثير من الأمور التي تسعدني مع أن أبسط الأمور سابقًا كانت تسعدني جدًا!
من جهة أخرى مات الاهتمام وانتشر التبلد في الحس وفي الحياة، رغم وجود الجميع إلا أنني أشعر بالوحدة، في الأمس كنتُ الأول بين أقراني واليوم أنا الأخير.
الحقيقة المخزية أنني كثير التسويف والأول في الكسل، أقضي ساعات في التخطيط للأهداف وفي الغد والله لا أعلم أيّ خطة أو ما شابه ذلك، أكمل على روتيني اليومي المقرف.
مهما كانت لدي من إرادة للتغير لا أرى أي فرق أو مبادرة، الله عزّ وجل قد هيأ لي من كل أنواع النعم لا تنقصني ناقصة، ولله الحمد مشكلتي الوحيدة هي الدوامات والصراعات الداخلية التي لا أكسب فيها أبدًا.
ببساطة المعضلة هي أنا، كيف يمكنني أن أستعيد النفس الطيبة المحبة للحياة والأخذ والعطاء؟ كيف يمكنني أن ألتزم في أمرٍ أريد تحقيقه؟
أتمنى منكم إجابة شافية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن الطمأنينة والسعادة وجودة الحياة طريقها واحد، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، وقال سبحانه في حق من يؤمن ويعمل الصالحات فلنحيينه حياة طيبة).
قال ابن القيم حياة طيبة في الدنيا وفي البرزخ، وفي الآخرة، وقال سبحانه: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى).
إذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن جعل همه الآخرة جمع الله شمله وأتته الدنيا وهي راغمة).
أنت ولله الحمد، ممن عرف حلاوة النجاح وطعم النصر، ومثلك يسهل عليه أن يعود، وسنة الله المستقرة، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
تعوذ بالله من العجز وهو النقص، في التخطيط وتعوذ بالله من الكسل، وهو النقص في التنفيذ، وتعوذ بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، ولكن كيده ضعيف، قال تعالى: (وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله).
جدد العزم وأيقظ همتك وتوكل على ربك، واستعن به سبحانه، ولا تقف طويلاً عند مواقف الهبوط، ولكن ركز على النجاحات، وطلق السلبية، ولا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان.
احرص على أن تشجع نفسك، وافرح بالقليل، واشكر الكريم الوهاب على ما أولاك حتى تنال بشكرك له المزيد، وانظر إلى من هم دونك في الدنيا لتعرف ما أنت فيه من النعم، وانظر إلى من هم فوقك في أمور الآخرة لتتأسى بهم وتتشبه فإن التشبه بالكرام فلاح.
أما بالنسبة للصراعات الداخلية: فالجأ إلى خالق النفوس رب البرية، وطرد خواطر السوء عند أول طروقها، وتذكر أن المطلوب هو بذل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب.
اعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك، وأن العاقل يسعى لإرضاء رب الناس، وتذكر أن الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله.
ثق بأن السعادة الحقة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسعد بالاستمرار في التواصل، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.