السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عازبة، أبلغ من العمر 25 سنةً، أرى أنني وصلت للسن الذي أستطيع فيه تحمل مسؤولية الزواج وتكوين أسرة، لكن للأسف لم يتقدم لي إلا من هم كبار في العمر فقط؛ أي ما بين 40 -50 سنةً، وأرفض بداعي الفرق الكبير بيننا، وحيث أن أمي عاشت نفس التجربة بالضبط، وتطلقت، فأخاف من تكرار الأمر.
لكن مؤخراً تقدم لي طبيب يعالج جدتي، هو مطلق، وأب لطفلين، عمره من عمر والدتي 47 سنةً، كان قد درس معها، ونعلم بعض الأشياء السطحية عن عائلته، أيضاً يقول أنه أعجب بي من النظرة الأولى، وينوي التقدم لي؟
لا بد أنكم تتساءلون عن آراء عائلتي، تعلم أمي وجدتي فقط بالأمر، وهم موافقون جداً عليه، ويمدحون شبابه وماله.
عن نفسي أنا متخوفة من الأمر؛ لأن أمي عاشت نفس التجربة، وهو أب لطفلين أيضاً، ولا أحب أن يعانون من شيء لا زلت أعاني منه، رأيكم يهمني جداً بالموضوع.
كما أني دائماً ما أرفض التعرف على رجل بقصد الزواج عبر الهاتف أو اللقاء في مكان عام، فإذا كان لابد من هذا الأمر في هذا العصر، فما هي الدواعي السليمة للتواصل؟ وما هي المدة الزمنية للانتقال من الخطبة إلى الزواج في حالتي؟
أقدر لكم وقتكم وإجابتكم مسبقاً، دمتم في رعاية الله وحفظه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.
لا شك أن هذا الشاب -صاحب الدّين والخُلق والوضع الطيب- الذي تمدحه الجدّة وتمدحه الوالدة، وطرق الباب، ورغب في الارتباط بك مناسب، ولا تخافي من فارق العمر؛ فإن الحب لا يعرف فوارق العمر، ولا يخفى عليك الفارق الذي كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين زوجه خديجة -رضي الله عنها وأرضاها-.
ولذلك هذا تلاقي الأرواح، وهي: (جنودٌ مجنّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، والأمر لك؛ فأنت صاحبة القرار، لكن رأيُّنا ألَّا تُفرّطي في مثل هذه الفرص.
أمَّا بالنسبة لأطفاله الصغار: فاحتسبي في تربيتهم ما عند الله تبارك وتعالى، واعلمي أنهم سيكونون إضافةً فعليةً، والإنسان ينبغي أن يحتسب الأجر في مثل هذه المهام التي فيها بُعد إنساني، ويرغب الإنسان في الثواب الذي أعدَّه الله تبارك وتعالى لمن يُقدِّم الخدمة لأمثال هؤلاء الضعاف، ومن كان في حاجة الناس كان العظيم الكريم الرحيم في حاجته.
كما أرجو أيضًا ألَّا تقفي طويلاً أمام تجربة الوالدة؛ فإن الإنسان قد ينجح في مكان لم ينجح فيه غيره، وأيضًا خوفك أن يُعاني هؤلاء الصغار دليل على أنك ستنجحين في رعايتهم، ورأيُّنا –كما قلنا– نميل إلى عدم تفويت الفرصة، وأحسنتِ برفضك للتعرُّف على الرجال بالهاتف أو باللقاء في مكان عام، ولكن إذا كان هذا يتولّى علاج الجدة والوالدة موجودة؛ فأعتقد أن هذه فرصة، تتكلّم معه الوالدة وتتكلّم معه الجدة، ويمكن أيضًا أن يكون هناك حوار من أجل أن يتعرّف، وتبدؤون الخطوات الأولى.
لكن دائمًا نحن نريد أن نقول: إذا تحققت النظرة الشرعية فهذا يكفي، وعليه:
أولاً: أن يُحدد وتُحدّدوا، فإذا تمَّ القبول والارتياح والانشراح جاءت الخطبة، وعندها يُتاح لكم مزيداً من التعرُّف على بعضكم بوجود أحد من الأقارب، ولا نُؤيد أن تكون فترة الخطبة طويلةً، بل إذا ثبت لها أنه صاحب دين وخُلق، وثبت له أنها صاحبة دين، ورضيها ورضيتْ به، فنحن نقول: (لم يُرَ للمتحابين مثل النِّكاح)، فلا ننصح بأن تكون فترة الخطبة طويلةً، وخير البر عاجله، ولا ننصح أن يكون هناك توسُّع في الكلام قبل مرحلة الخطبة، وحتى بعد الخطبة ينبغي أن يكون الكلام في الأمور العادية التي تخدم الأسرة في مصلحتها المستقبلية، أو تُخطط لها خطوات البناء الأسري الصحيحة.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يشفي هذه الجدة، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.