استشارات منطقة الرأس

دوخة مستمرة وخوف من الموت وعدم الإحساس بالواقع

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 26 متزوج ولي ابنة، وإليك قصتي:

منذ سبعة أشهر كنت مع زملائي، وفجأة أحسست بدوار وقلق شديد، وخوف من الموت فجأة، فذهبت إلى المستشفى وأخذت تحاليل كلها سليمة – ولله الحمد – وذهبت إلى أكثر من مستشفى وكلهم يقولون لي بأني سليم، ويقولون لي: أنت تفكر كثيراً.

وزادت حالتي سوءاً حيث إني كرهت الحياة، وأحس كأني لست بالواقع، وبكاء بغير سبب، وأرى الإضاءة قوية؛ حيث تجهرني، ودوخة مستمرة، تعبت كثيراً، لا يعلم بحالي إلا الله، فكل من رآني قال: أنت توسوس، ومنذ ثلاثة أشهر ذهبت إلى دكتور مخ وأعصاب وشرحت له حالتي فصرف لي دواء اسمه سيروكسات 20 فأحسست بتحسن 70 بالمئة – الحمد لله – ثم غيّره الدكتور قبل عشرة أيام إلى سيروكسات المطور سي آر 25 وارتحت له.

لكن زادت الدوخة وأحسست بضعف في المعاشرة الجنسية، فهل هذه أعراض جانبية للعلاج الجديد؟

والسؤال يا دكتور: هل عدم الإحساس بالواقع خاصة في وقت العصر، والدوخة المستمرة، وشدة الإضاءة، أعراض اكتئاب؟ وإذا كانت أعراض اكتئاب فكم أستمر على الزيروكسات كي تذهب هذه الأعراض خاصة؟ وهل ترجع لي القدرة الجنسية مع ترك العلاج؟

أرجو من الله – يا دكتور – أن تقرءوا رسالتي، وأن تجيبوا عليها بأسرع وقت؟

جعلها الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.

فإن الذي حدث لك هو نوبة من نوبات القلق النفسي المفاجئ والحاد، وتعرف هذه الحالات بحالات الهرع وحالات الرهاب، وأتفق معك تماماً أنها مزعجة جدّاً، ولكن في ذات الوقت أؤكد لك أنها ليست بخطيرة مطلقاً.

أسباب هذا القلق المفاجئ: هنالك من يقول إنه مرتبط بالشخصية، أي أن شخصيتك في الأصل ربما يكون لديك القابلية لهذا القلق النفسي، وبعد ذلك قد تكون أتت ظروف حياتية أو ظروف نفسية حتى وإن كانت بسيطة ربما تكون ساعدت في ظهور هذه الأعراض.

والنظرية الأكثر قوة وأكثر جاذبية فيما يخص أسباب الرهاب أو الهرع المفاجئ، هو: يحدث نوع من الاضطراب الكيميائي فيما يسمى بـ (الموصلات العصبية) بالمخ، وأهم هذه المواد مادة تعرف (سيرتونين Serotonin) يحدث نوع من الاختلال أو عدم الانتظام في إفرازها، وهذا يؤدي إلى هذه الحالة المفاجئة.

وأؤكد لك مرة أخرى أنها ليست بالخطيرة مطلقاً، ولا شك أن هذا القلق من هذا النوع يتأتى منه نوع من الخوف وعسر المزاج والانشغال عن الصحة الذاتية، وهذا هو الذي حدث لك، كما أن الإنسان قد يحس أنه ليس مرتبطاً بالواقع، وهذا أيضاً جزء من القلق وجزء من التوتر.

الأعراض الأخرى وهي أنك لا تتحمل قوة الإضاءة، وأنها تقهرك، ويحدث لك دوخة، فهذه أيضاً ناتجة من زيادة الاستشعار النفسي الداخلي، وزيادة الاستشعار النفسي الداخلي يؤدي إلى هذه الأعراض، وهي أيضاً جزء مكون للقلق وليس دليلاً على وجود اكتئاب حقيقي، ولكن – كما ذكرت لك – لا أستبعد أنك تعاني من عسر في المزاج بسيط، وهذا ثانوي وهو ناتج عن حالة القلق التي اعترتك.

بالنسبة للعلاج فهنالك علاجات دوائية، والزيروكسات هو أحد هذه الأدوية التي تُعطى في مثل هذه الحالات وهو يفيد كثيراً.

وبالنسبة للإحساس بالضعف في المعاشرة الجنسية فإن هذا الأمر قد ذكر حقيقة أن الزيروسكات ربما يسبب ذلك، ولكن الشيء الأكيد هو أن الزيروكسات يسبب تأخيراً في القذف، وبعد ذلك يأتي شعور لدى بعض الرجال أنه ربما يكون لديهم علة في مقدراتهم الجنسية ومن ثم يحس البعض بهذا الضعف في المعاشرة الجنسية.

إذن الأمر فيه الجانب الذي يسببه الدواء، ولكن الجانب النفسي نعتقد أنه هو الجانب الأقوى، وعموماً هذه الحالة – أي حالة عدم الارتياح الجنسي والضعف الجنسي – هي حالة مؤقتة جدّاً وتزول بعد التوقف عن الدواء، وأؤكد لك أن الذي يحدث من اضطراب جنسي بسيط لا يؤثر مطلقاً على الذكورة أو على الإنجاب؛ لأن الكثير من الناس يتخوف من هذه الناحية.

الزيروكسات المطور هو علاج جيد جدّاً، والزيروكسات العادي أيضاً هو علاج ممتاز.

فإذا كنت ترى أن مشكلة المعاشرة الجنسية أو المشكلة الجنسية ارتبطت بالزيروكسات المطور فلا مانع أن تذكر ذلك لطبيبك وترجع وتستعمل الزيروكسات العادي، فلا فوارق أساسية بين الاثنين، وأنا أعتقد أن شكواك من علة الضعف الجنسي المرتبطة بالزيروكسات المطور فيها الكثير من الجانب النفسي مع احترامي الشديد لمشاعرك.

إذن استمر على الدواء، ولكن إذا ما واجهتك أي صعوبات أخرى مع الدواء ولم تحس بالتحسن المطلوب فهنا يمكن أن يغير لك الطبيب الدواء، وهنالك عقار يسمى تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويسمى علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram) يعتبر أيضاً من الأدوية الرائعة جدّاً والمتفوقة في علاج حالات الرهاب والهرع، ويوجد أيضاً عقار يسمى تجارياً (فافرين Faverin) ويسمى علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) هو أيضاً من الأدوية الجيدة جدّاً والمتميزة، ويتميز بأنه لا يسبب أي آثار جنسية سلبية، كما أنه لا يؤدي مطلقاً إلى زيادة في الوزن، ولكن يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى عسر في الهضم في الأيام الأولى لأنه يؤدي إلى زيادة في إفراغ العصارة المعدية.

ولكن هذا الأثر الجانبي أيضاً يمكن التخلص منه وذلك أن يتناول الدواء بعد تناول الطعام.

بجانب العلاج الدوائي أرجو أن تتأكد أن هذه الحالة حالة قلقية وليست أكثر من ذلك، وأعتقد حين تتفهم ذلك فسوف يساعدك كثيراً في العلاج، وأرجو ألا تتردد على الأطباء كثيراً، التزم مع طبيب واحد كطبيب نفسي واحد، وهذا – إن شاء الله – يكفي تماماً، فإني أعرف أن الكثير من الناس يذهبون إلى أطباء القلب وأطباء الباطنية كي يستفسروا عن حالتهم هذه، فإن هذا المرض ليس مرضاً عضوياً، بل هي حالة نفسية بسيطة جدّاً.

أنصحك أيضاً بممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي، فهي تساعد تماماً في القضاء على هذا النوع من القلق، كما أن تمارين الاسترخاء إذا استطاع الإنسان أن يمارسها ويلتزم بها تعتبر جيدة جدّاً، فأرجو أن تتحصل على أحد الكتيبات أو أحد الأشرطة التي توضح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء هذه، ولديكم في الكويت أشرطة جيدة جدّاً للدكتور (صلاح الراشد) وبعض الكتيبات التي توضح كيفية التخلص من القلق ومن التوتر ومن نوبات الهرع.

أخيراً أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وجزاك الله خيراً، وكل عام نحن وأنتم وجميع المسلمين بخير.

Related Posts

1 of 71