السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 24 سنة، مررت بضغوط نفسية بسبب أنني مغترب وبعيد عن عائلتي، وأمور الحياة الأخرى، وتقريباً خلال السنتين الماضية كنت دائم الجلوس بالمنزل دون عمل، وتعاطيت مادة الحشيش، وكنت أعلم أن هذا الشيء خطأ، وأعاني من صراع داخلي بسبب أفعالي، وأنا الآن -بفضل الله- تركت التعاطي، وبدأت الصلاة، ولكن لدي إحساس بالعجز وتقلبات مزاجية.
في الفترة السابقة كنت متقبلًا فكرة أن أكون بلا عمل، ولكن الآن قد خطبت وأحاول بناء حياتي من جديد، وأشعر بعدم وجود حافز نفسي، مع العلم أنا أعلم كل أخطائي، وماذا يجب أن أصلح، لكن لا أستطيع تطبيق أفكاري، أحتاج منكم نصيحة أو دواء يساعدني، ويعطيني نشاطاً بدنياً ومزاجاً مستقراً، بعد البحث شعرت أنني أعاني من مشكلة نفسية، مع العلم أنني أعطي من حولي حافزًا نفسيًا ونصائح، ولكن وجدت نفسي عاجزًا عن تغيير روتيني اليومي، وأجهل السبب.
ولدي شيء أود ذكره، أنني تناولت مرة واحدة حبوب تسمى لريكا، وكنت أشعر بتغير كامل بنفسي وشخصيتي، وأنا لا أود أن أدخل في طريق الخطأ أو التعاطي، ولدي إرادة قوية جعلتني أستطيع ترك هذا الطريق السيء، أتمنى منكم المساعدة، وأنا لا أمتلك قدرة مادية لمراجعة طبيب نفسي، وأرجو من الله أن أجد لديكم الحل لمشكلتي والتخلص من شعور العجز القاتل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي: طبعًا الإنسان حين يغترب ويبتعد عن أسرته وعائلته حتى وإن كان يعيش ظروفاً حياتية إيجابية قد يشعر بشيء من عدم التكيف أو التواؤم، ويُعبّر عن ذلك عن طريق ما يمكن أن نسميه بـ (القلق الاكتئابي البسيط)، أو ما يُعرف بـ (عسر المزاج)، ربما تكون قد مررت بظرفٍ من هذه الظروف، وبكل أسف -كما تفضلتَ- لجأت للمعالجات الخاطئة، وهي تعاطي الحشيش، لكنّك -بفضلٍ من الله- التفت لهذا الأمر، وصححت مسارك، ولا يمكن للإنسان أن يعالج وضعًا سلبيًّا بما هو أخطر منه.
طبعًا الـ (ليريكا Lyrica) أيضًا غير مفضّل تمامًا، اليريكا أو ما يُعرف (بريجابالين Pregabalin) دواء ممتاز ورائع جدًّا لعلاج الخدر والآلام التي يُصاب بها مرضى السكري في أطرافهم، لكن بكل أسف أُسيء استخدامه كثيرًا، -فالحمد لله تعالى- أنت ابتعدت عن هذه المركبات، ولن تسيء استخدامها أبدًا.
الحشيش -يا أخي- أحد مشاكله الأساسية أنه يؤثّر على الفص الأمامي عند الإنسان، وكذلك الفص الصدغي، وهذه هي المراكز الرئيسية في المخ التي تتحكم في الوجدان والعواطف وطريقة التفكير وكيفية إدارة المستقبل، والفص الأمامي على وجه الخصوص هو المستودع الذي يتحكّم في شخصياتنا، -الحمد لله تعالى- أنك قد ابتعدت عن هذا التعاطي -أخي الكريم-.
أخي الكريم: إن شاء الله أنت بخير، ولديك طموحات أن تسير على الطريق الصحيح، وهذا في حد ذاته أمر جيد.
بالنسبة لموضوع التسويف وعدم الالتزام بما هو مهم وضروري في الحياة: هذا قد يحدث لكثير من الناس، لكنّ الإنسان يبدأ بالأساسيات -أخي الكريم- أن تكون الصلاة في وقتها -أخي الكريم-، لقوله: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا}، الإنسان حين يحتّم على هذا الأمر ولا يُساوم فيه قطعًا هذه بداية عظيمة جدًّا، والإنسان تكون له أهداف، ضع هذه الأهداف حتى وإن كانت الأهداف أهدافاً بسيطة جدًّا، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، ومن ثم ألزم نفسك بها.
أخي الكريم: من الضروري جدًّا ألَّا تُضخم المشاكل أيضًا، الإنسان إن كانت لديه مشكلة يجب أن يفتّتها في جزئيات، يجب أن يُقسّمها إلى أجزاء، ولا يأخذها ككتلة واحدة تجعله يُصاب باليأس والسأم من أنه لن يحلّ أي مشكلة في الحياة.
الرياضة مهمّة جدًّا، لأن الرياضة هي التي تمتص الطاقات النفسية السلبية، وتأتي بطاقات نفسية إيجابية، والرياضة تقوي النفوس قبل الأجسام، فيا أخي: اجعل لنفسك نصيبًا منها.
وعليك بالصحبة الطيبة، الإنسان يحتاج لمن يُسانده، يحتاج لمن يأخذ بيده، يحتاج لمن يُعاونه، وأنت -إن شاء الله تعالى- تكون على هذا المنوال.
برّ الوالدين أمره عظيم، يُحسّن الدافعية عند الإنسان.
بقي أن أصف لك أحد الأدوية الجيدة والسليمة، والتي -إن شاء الله تعالى- تساعدك على تحسين الدافعية لديك من خلال تحسين مزاجك، الدواء يُعرف باسم (فلوكسيتين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (بروزاك)، لكن قد تجده في تركيا تحت مسميات أخرى، -والحمد لله- الأدوية في تركيا نسبيًّا رخيصة الثمن المادي.
تبدأ في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة صباحًا -عشرين مليجرامًا-، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
وهنالك دواء آخر يُسمَّى (دوجماتيل) هذا هو اسمه التجاري واسمه العلمي (سولبيريد)، أيضًا من الأدوية الجيدة جدًّا لإزالة القلق وتحسين الدافعية، والجرعة هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
كلا الدواءان من الأدوية السليمة والفاعلة، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.