استشارات

رهاب الامتحانات كيف يمكن علاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ الامتحانات النهائية في السنة الماضية، وتحديدًا امتحان مادة الجغرافيا، أتتني حالة بكاء قوية وخوف من الامتحان، مع العلم أن الامتحان قليل وسهل -والحمد لله- فأنا متفوق جداً.

بعدها أصبحت أجد صعوبة في الدراسة، كلما أردت المذاكرة أتذكر بأن الحالة ستأتي وتأتي بالفعل، مللت جداً من هذا الحال حتى ذهبت مع أبي إلى المستشفى، وظهر لدي التهاب مزمن في الجيوب الأنفية، وأخذت الأدوية وتحسنت من ناحية التنفس، ولكن استمرت الحالة كأنها فوبيا من الامتحانات، وعادة تراودني وأنا في المنزل.

صرت أشعر بأنني عبء على أهلي؛ لأنني أتعبتهم بالموضوع، وذهبت أنا وأهلي إلى شيخ للرقية، وقال: لا يوجد سحر ولا عين، وشربت ماء زمزم ووضعته على عيني وتحسنت قليلاً، ولكن لا زلت أشعر بالقلق، فلا أطيق الدراسة من هذه الحالة، وسئمت اللعب -والحمد لله-، أنا من الناحية الدينية جيد، وأبكي بسبب الدراسة، وأحيانًا بسبب الخوف والسأم من هذه الحالة، الرجاء المساعدة سئمت وضعي.

 

 

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي حدث لك من الواضح أنه نوع من الحالة العصبية أو العُصابية النفسية، وهذا النوع من التوترات يحدث لبعض الناس، خاصة من المتفوقين في بعض الأحيان؛ لأن توقعاتهم دائمًا تكون توقّعات إيجابية، لكن فجأة قد يُصابون بتفكير سلبي ومخاوف، وهذا ينعكس عليهم في شكل مخاوف قوية، وهذا هو الذي حدث لك، وطبعًا أنت في مرحلة تكوينية وطاقات نفسية ووجدانية وبيولوجية وهرمونية، وهذه كلها يصاحبها متغيرات في هذه المرحلة العمرية، وهذا يؤدي إلى ما يمكن أن نسميه بالهشاشة النفسية، التي قد تظهر في شكل توتر، وقلق، ومخاوف، وشيء من عُسر المزاج والوسوسة.

أنا أرى أن هذه الحالة -إن شاء الله تعالى- حالة عرضية ولن تستمر معك، ولا أريدك أبدًا أن توسوس حول هذا الموضوع، يجب أن تقنع نفسك أن هذا موضوع عرضي، وأنه يحدث لكثير من الناس، وأنك -الحمد لله- بخير، ولديك الإمكانات الأكاديمية القوية، ولديك -الحمد لله- الأسرة المستقرة، وأنت حريص على العبادات والناحية الدينية في حياتك، فتذكّر هذه الإيجابيات الممتازة، حتى تتقلَّص لديك الأفكار السلبية التشاؤمية.

كل الأعراض التي تأتيك هي قلقية تشاؤمية وسواسية، والإنسان لا يقبل الفكر السلبي، فأنت يجب أن تستبدل كل هذه الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، وأنا أنصحك أيضًا ببعض الإجراءات العملية البسيطة جدًّا، وأهمها أن تتجنّب السهر، أن تنام نومًا ليليًّا مبكّرًا، هذا يؤدي إلى ترميم كامل في الخلايا الدماغية والجسدية، ممَّا يجعلك تستيقظ لصلاة الفجر، وتصليها في وقتها، ثم تقوم مثلاً بالاستحمام، تتناول كوبًا من الشاي، تقرأ شيئًا من القرآن الكريم، وتذاكر قبل أن تذهب إلى المدرسة، مثلاً لمدة نصف ساعة، أو ساعة في الصباح.

دائمًا الإنجاز الصباحي يُحسن من الدافعية والرغبة عند الإنسان لينجز في بقية اليوم، وهذه حكمة عظيمة، الرسول -صلى الله عليه وسلم- علمنا أن البكور فيه بركة كبيرة، وقال: (بورك لأمتي في بكورها)، والعلم الحديث أثبت أن النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى إفرازات هرمونية إيجابية جدًّا، حتى هرمون السعادة الذي يُسمى (أوكسيتوسين Oxytocin) يكون إفرازه قوياً جدًّا في فترة الصباح المبكّر عند الذين ينامون مبكّرًا.

فهذه خطوة جوهرية في حياتك، يجب أن تلتزم بها، والذين يُطبقون النصيحة التي ذكرتها يُحسنون إدارة وقتهم، وسوف تجد أن يومك قد أصبح سلسًا وسهلاً جدًّا بالنسبة لك، وسوف تزداد رغبتك في المدرسة، ورغبتك في الحياة، وتكون دائمًا متفائلاً، وتعيش على الأمل والرجاء، وهذا الذي نريده لك.

عليك أيضًا أن تمارس أي نوع من الرياضة، رياضة كرة القدم على وجه الخصوص، رياضة الجري، مهمّة جدًّا لأن تتخلص من هذه الطاقات النفسية السلبية، أريدك أن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون لك علاقة طيبة مع الصالحين من الشباب، وأن تكون علاقاتك الأسرية علاقات إيجابية من جميع النواحي، وأن تحرص أن تكون مشاركًا إيجابيًا في شؤون أسرتك، وأن تكون بارًّا بوالديك، هذه -أيها الفاضل الكريم- هي الإرشادات التي أود أن أذكرها لك، وأرجو أن تتبعها.

وأريدك أن تكون لديك نظرة مستقبلية، تتصور نفسك بعد عشر سنوات من الآن، أين أنت؟ ما هي الشهادات الجامعية وفوق الجامعية التي تحصلت عليها؟ العمل، الزواج، انظر إلى نفسك بهذه الكيفية، وهذا -إن شاء الله تعالى- سوف يحفّزك تمامًا.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499