السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شكراً لكم على ما تقدمونه من حلول لذوي الاستشارات، المرجو أن تسامحوني على أسلوبي في الكتابة.
ذات يوم كنت أتصفح مجلدات الكمبيوتر، فوجدت محادثات الماسنجر بين زوجتي وأختها، جل المحادثات فيها سب وقذف بأفظع النعوت في حق والدتي وإخواني، وانصدمت أشد الصدمة! فلم أعد أثق في زوجتي، ولم أقل لها شيئاً.
ذات يوم أتت أم زوجتي، وقمت بتسجيل الأصوات، وذهبت إلى العمل، واستمعت من بعد للمحادثات التي جرت بينهما، فكانت الصدمة أشد من الأولى، سمعت أن زوجتي تنعت أباها بما لا يليق، وتقول: إنه كلب غدار وخنزير، وألفاظ أخرى.
صراحة لم أعد أثق فيها، فأنا الآن في ضيق وهم شديدين، لا أعرف ماذا أقدم وماذا أؤخر!
شكرًا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية: نشكر لك التواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاح هذه الزوجة وصلاح أهلها، وأن يعيننا جميعًا على صيانة هذه الألسن، فإن الإنسان قد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض، والإنسان إذا اعتاد السباب وهذا النوع من الكلام فإن هذا إشكال كبير، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (سُباب المسلم فسوق، وقتاله كفر).
نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدي هذه الزوجة وأختها إلى سواء السبيل، وأن يلهمهم السداد والرشاد، وكذلك نتمنى أن يهديها ويهدي والدتها حتى لا تتكلم في والدها، وهذا لعله من الإشكال الكبير، أن يتكلم الإنسان في والدٍ أمرته وأن يكون بارًا به، محسنًا إليه، وفيًّا له.
إذا كنا نرفض هذا السلوك من الزوجة ومن أختها ومن أمها، فإننا أيضًا نرفض الطريقة التي تعرفت أنت بها على هذا الذي يحدث، فإن الإنسان لا ينبغي له أن يتجسس على مثل هذه الأشياء، لأن هذا من تزيين الشيطان، وهو سبب في أن يُدخل عليك الأحزان، (ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله)، فالإنسان إذا سب آخرين فإنه يعطيهم من حسناته دون أن يلحقهم أذى، والإنسان هو الذي يخسر حين يسب ويتطاول على الناس.
هذه الزوجة وأختها ومن يسب الناس هم الذين يلحقهم الضرر والأذى، ولذلك ما ينبغي أن تعطوا الأمر أكبر من حجمه، ولا تتأثر لأنهم تكلموا في أهلك، فقد تكلموا كذلك في أهلها، بل في أحب الناس إليها، بل في شخص أمرته الشريعة أن يكون وفيًّا له محسنًا له، مؤدبًا معه غاية الأدب، لكنها تجاوزت كل ذلك فتكلمت في والدها.
مع ذلك فإننا أيضًا ندعوك إلى أن تتخذ الأسلوب الحكيم، وأرجو ألا تعرف الزوجة أنك بحثت من ورائها، وأنك دخلت في موقعها، وأنك استمعت لما يحدث، لأن هذا لن يزيد النار إلا اشتعالاً، بل سيعطيها فرصة من أجل أن تتخذ شيئًا جديدًا.
كما أن هذا يفتح بابًا من الشر، لأن هذا الأصل فيه أنه مخالفة، وإذا كنت قد علمت أنها تسب فعليك أن تذكرها بالله تبارك وتعالى، وتأتي لها بالأشرطة التي تحرم السب والمحاضرات، وكذلك كتيبات ومطويات وكل ما يُرشدها إلى الحق والصواب، دون أن تُخبرها بأنك دخلت على الموقع وأنك استمعت لكلامها، أو نحو ذلك، ولا يخفى عليك أن الطبيب إذا عرف المرض لا يحتاج لأن يعيد الفحص، وإنما يبدأ رحلة العلاج، ويطلب من الله تبارك وتعالى التوفيق، وهذا ما نرجوه منك.
عليك أن تستعين بالله تبارك وتعالى، ثم تبدأ في إصلاح هذه الزوجة، ثم تبين لها أهمية أن يحفظ الإنسان لسانه، وحبذا لو كان ذلك بطريق غير مباشر، فإن اعترفت بأنها كانت مسيئة أو كذا فعليك أن تذكرها بالله، وتطالبها بالتوبة النصوح، وتذكرها بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (ليس المسلم بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش، ولا البذيء)، فالمسلم ينبغي أن يكون عفيف اللسان، حريصًا على صيانة لسانه من أعراض الناس، فكيف إذا كان هؤلاء الناس هم أهل الزوج، وكيف إذا كان هؤلاء الناس هم والد الزوجة نفسها ووالد الإنسان الذي حقه الاحترام والتقدير والعطف والشفقة والإحسان إليه.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاحهم، وأرجو كذلك أن تكون قدوة صالحة لهم، ولا تستعجل النتائج، فإن هذه النوعية من الأمراض تحتاج إلى بعض الوقت حتى يبلغ الإنسان العافية، فإن الإنسان الذي اعتاد أن يسبَّ لسنوات قد يكون من الصعب أن يبلغ العافية في أيام وجيزة، ولكن أرجو أن تبدأ مسيرة التصحيح ولا تستعجل النتائج، واستعن بالله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يقر عينك بصلاحهم جميعًا، هو ولي ذلك والقادر عليه.