السؤال
لي زوجة مسرفة، ومبذرة، وغير مرتبة، ومهملة، احترت معها، وأنصح لها منذ أكثر من 15 عاماً، ولا توجد فائدة، لدرجة أني عرفتها على امرأة فقيرة لأجل أن تعطي لها بقية الأكل بدل التلف، ولا فائدة.
إنها تترك الطعام يتلف وترميه، وأنا أريد حلاً لا يكون فيه ظلم لها، ولا أعرف ماذا أعمل!
وشكراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
بخصوص ما تفضلت به، فلا شك أن خطر الإسراف عظيم، ولا بد أن تصل رسائل لأختنا حفظها الله في ذلك، لا بد أن تعلم أختنا أن الله أمرنا بعدم الإسراف، فقال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) (الاعراف31)، ونهانا عن التبذير، فقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) (26)، وبين القرآن أن هذا صنيع إخوان الشياطين: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء (27).
بل تجاوزت مسائل السنة مسألة الإسراف في هدر الطعام إلى مسألة الشره في الطعام، وأكل ما اشتهاه الإنسان مما هو فوق حاجته، ففي سنن ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنَ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ).
قد ذكرت أنك دائم النصح لها منذ خمسة عشر عاماً، ولم تستطع أن تتأقلم، ولعل مرد ذلك -أخي الكريم- هو تركك الأمر كله لها، وعدم ابتكار حلول عملية تشرف أنت عليه، وعليه فإننا ننصحك حتى يستقر البيت ويهدأ إلى اللجوء إلى مثل هذه الابتكارات مع قيامك بها، فمثلاً يمكنك:
1- جلب الطعام لها على قدر الحاجة أو أقل، فأنت من تشتري حاجيات البيت، وأنت من تستطيع أن تتحكم في الداخل منه.
2- إن لم تستطع ذلك، فتدريب نفسك والأولاد في العمل على تخصيص وجبات إضافية من بقية طعامكم على أن يكون بعد كل وجبة وتوزيعها على الفقراء والمساكين.
هذا مع إشراكك لأولادك في توجيه والدتهم وتذكيرها بحرمة الإسراف، والاستعانة بها عند تحضير الوجبات، المهم تواجدكم على رأسها حتى لا تتكاسل، ولعل هذا يكون درساً علمياً لها، واحتسب الأجر في ذلك عند الله.
أخي الكريم: نذكرك أن هذه زوجتك، وأن كل البيوت فيها مثل تلك المشاكل وأكثر، بل لعل حصر مشاكل زوجتك في هذا أهون بكثير مما نراه ونستمع إليه، فاحذر أن يضخم الشيطان هذا الخطأ، وينسيك محاسنها في بيتك، فتضيق عليك الدنيا وتتحول حياتك إلى شيء نعيذك بالله منه.
تذكر دوماً قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك -أي لا يبغض- مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر)، وهذا هو المنهج المعتدل في المحافظة على البيت.
نسأل الله أن يصلحكما وأن يعينكما، وأن يصرف عنكما كل شر، إنه جواد كريم.