السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ 4 سنوات، زواجاً تقليدياً، ولم أكن أعلم الكثير عن زوجي، غير أنه طيب، وابن ناس، ومؤدب، إلا أنني مع الوقت اكتشفت أنه مدمن كحول؛ فكل يوم يذهب إلى الحانة من الصبح، ثم يرجع في العصر ليتغدى، ويبقى نائماً إلى ما بعد المغرب، وأكون طوال الوقت في البيت، وبمجرد أن يستيقظ يرجع إلى الحانة، ومع الوقت أصبت بالملل، وأصبحت أذهب لزيارة أهلي بمجرد خروجه!
علماً أنه لا يتحمل المسؤولية؛ فقد كان يترك لي المصروف وأنا أتصرف، وإلى الآن ليس لدي أولاد؛ لأن زوجي لا يعاشرني إلا مرةً في كل عدة أشهر؛ والسبب في ذلك إدمانه على الخمر.
لقد صليت كثيراً، ودعوت ربي أن يهديه، وأعلم أنه ابتلاء، ولكن أكثر ما يجعلني أتمسك به هو أنه وحيد؛ فأمه متوفية، وأبوه قاسي القلب لا يهتم لأمره، وكلما كلمت إخوته عن حاله اختصروا الموضوع بعبارة: إذا لم يكن يعجبك فاتركيه واذهبي في حال سبيلك!
لقد تعبت؛ فهو كثيراً ما يتجاهلني، ولا يقبل النقاش معي، فلم يكن مني إلا أني تكلمت معه بطريقة جارحة، وأخبرته بأنه ليس له قيمة، فضربني، وبالرغم من ذلك كنت أطلب منه العفو يومياً، ولكنه لم يسامحني، أعترف بأني أخطأت، ولكن لم يكن ذلك مني إلا بعد صبر 4 سنوات، حرمت فيها من حقي الشرعي، ومن حق الأمومة.
كما أني مؤخراً حصلت على وظيفة جديدة، ولكني ما إن أرجع حتى ينكد علي، كما أنه ينوي الآن تطليقي، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قرأتُ رسالتك كلمةً كلمةً، واتضح لي من خلال سؤالك هذا وما تضمّنه من وصفٍ لحالك مع زوجك أنك امرأة صبورة، قادرة على تحمُّل المسؤولية، تتعاملين مع الأمور بموضوعية كبيرة، وهذا كلُّه دليل على رجاحة في عقلك، فنسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك، ويوفقك لأرشد أمورك، وأن يهدي زوجك، ويردّه إلى الحق ردًّا جميلاً.
لا شك -ابنتنا الكريمة- أنك أصبت، ووفقت للخير حين صبرت على زوجك هذه المدة، وتحمّلت كلّ ما جاءك منه من إساءة أو تقصير، ونحن على ثقة تامّة من أن الله سبحانه وتعالى لن يُضيع عملك هذا، فإنه لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، ووصيتنا لك:
أولاً: أن تكوني حسنة العلاقة بربّك، دائمة الذكر له، مؤديةً لفرائضه عليك، فإن تقوى الله سبحانه وتعالى من أعظم الأسباب في تفريج الكربات، وجلب الأرزاق، فقد قال الكريم سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
وثانيًا: ننصحك بأن تبذلي الأسباب الممكنة في سبيل إصلاح زوجك، وردّه عن هذا الطريق الذي هو سالكه، وبذلك ستنالين -بإذن الله تعالى- ثواب الأمرين معًا: إصلاح الزوج، وثواب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فحاولي أن تؤثري على زوجك بالوسائل الممكنة ممَّا تعرفين منه التأثُّر بها، ومن أهم هذه الأسباب: تذكيره بالله سبحانه وتعالى، ولو بطريق غير مباشر؛ بأن تحاولي إسماعه المواعظ التي تُذكّره بالجنة، وما أعدَّ الله تعالى فيها من الثواب للطائعين، وتذكيره بالنار وأهوالها وشدائدها، وما أعدّه الله تعالى فيها للعاصين، التي تُذكّرُه بالقيامة، ولقاء الله، ووقوف الناس بين يدي الله للحساب والجزاء، المواعظ التي تُذكره بالموت، وقُرب حصوله، وانتهاء هذه الحياة. فهذا النوع من الوعظ والتذكير ينفع -بإذن الله تعالى-، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
– ومن الأساليب النافعة أيضًا محاولة إقامة علاقات مع أسر فيها رجال طيبون لعلّه يتأثّر بهم، ودعاء الله سبحانه وتعالى من أعظم الأسباب الموصلة للنتائج، فأكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يُصلح حالك وحاله.
فإذا فعلت هذه الأسباب، فانتظري النتائج من الله سبحانه وتعالى، ومع إحسانك إليه، وإحسان معاملته، والصبر عليه، وإظهار حرصك على مصالحه، نأمل أن يكون ذلك كله سببًا في التأثير على قلبه، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها.
أمَّا إذا قرّر أن يُطلقك، ولم تنفع فيه تلك الأسباب، فاعلمي أن ما يُقدّره الله تعالى لك هو الخير، وإن كان مكروهًا لك، فقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وإذا وقع الطلاق فاعلمي أن الله سبحانه وتعالى لن يُعجزه أن يُعوضك خيرًا منه، فقد قال في كتابه الكريم: {وإنْ يتفرقا يُغنِ الله كلًّا من سعته وكان الله واسعًا حكيمًا}.