السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة من متزوج، وأقيم كل حقوقه وواجباته، وهو كذلك، ولكن ما ينغص علينا حياتنا هو أسلوبه في الحياة؛ فهو يطلب مني زيارة زوجته ومكالمتها والاحتكاك بها، وأنا لا أريد ذلك، ولكي أرضيه ذهبت لزيارتها أكثر من مرة، وأحضرت لها الهدايا ولأولادها، ولكنها لم تأت لزيارتي حتى ولو مرة واحدة، فقلت لن أذهب بعد ذلك، فأصبح يحملني كل أخطائهم، فهي لا تطبخ لهم، فيطالبني بإنزال وجبات لهم، فقمت بذلك، ولكن أولاده لا يأكلون طعامي، فقلت: أنا وأولادي أحق بهذا الطعام من القمامة، المهم مرضت أمهم كثيراً، وأحضر أولاده لأرعاهم، فقمت بذلك، ويشعرني أن هذا واجب علي.
كما أنه يحب أن يعاملني برفع الصوت والتآمر، ويقول: أنا زوجك ويجب أن تتحملي مني أي شيء، وعندما يضيق بي الحال وأرفع صوتي أو أبكي يتضايق، ويقول: لا تنكدي علي، فماذا أفعل؟ أجيبوني على رسالتي ولا أريد روابط.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحباً بك -أيتها الكريمة، نحن نشكر لك طاعتك لزوجك، وحرصك على النزول لرغبته، مجاهدة نفسك، وهذه كلها أعمال محسوبة لك، ولن تنعدمي خيرها وبرها في دنياك وآخرتك، وكوني على ثقة تامة بأن الإحسان للآخرين سبب جالب لمودتهم وحبهم، وإن تأخر ذلك، فإن الله تعالى أخبرنا بأن دفع السيئة بالتي هي أحسن من أعظم الأسباب التي تقلب العداوة مودة كما قال سبحانه وتعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.
فنحن نوصيك بالاستمرار على هذا الطريق الذي اخترته، وهو الإحسان إلى ضرتك وإلى أولادها، راجية من الله تعالى المثوبة والأجر على ذلك، وتواضعك لهم وتقديمك شيئاً من الخدمة لهم، وإن كان لا يلزمك شرعاً ذلك، ولكنه عمل نبيل، وتستحقين عليه الشكر من الناس والثواب من الله تعالى، والله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يضرك كون ضرتك لا تبادلك المودة بالمودة ولا الزيارة بالزيارة، ربما كان هذا الأسلوب منها مع استمرارك مع ما أنت عليه من العمل أدعى إلى زيادة أجرك وإخلاصك في عملك، وإنك حينها تفعلين ابتغاء مرضات الله تعالى وحده، ومن ثم لا ينبغي أبداً أن يكون أسلوبها في التعامل معك مانعاً لك دون الخير الذين بدأته.
وأما زوجك فواضح جداً أن انزعاجه من بكائك وتضايقه من ذلك، دليل على أنه يكن لك المودة والحب، ولا يحب أن يراك حزينة أو باكية، ولذلك يسمي هذا تنكيداً عليه في عيشه، ولو كان لا يبالي بك ولا يتضايق لذلك لما ألقى بالاً لبكائك وحزنك، فينبغي أن تتعاملي مع هذا بشيء من الإيجابية، فتحرصي على التبعل، والمبالغة في الطاعة لزوجك، ولا حرج عليك في أن تفهميه بأن ما يطالبك به من الخدمة لأولاده أو لزوجته الثانية، أن هذا كله لا يلزمك شرعاً، والواجب على كلا الزوجين أن يقف كل واحد منهما عند حدود الله تعالى، ولكن باب الإحسان واسع، وصدقة الإنسان تنفعه في دنياه وآخرته، فلا حرج عليك في أن توصلي إليه هذه الرسالة في الوقت المناسب، حين يكون الزوج يتمتع بقدر كبير من الهدوء وصفاء البال وسرور النفس، لا حرج عليك أن تستغلي مثل هذه الأوقات لإيصال هذه الرسالة إليه، بشيء من المودة والمحبة، وسيقر ويعترف لك بالفضل.
وعلى كل حال أيتها الكريمة: كلا الزوجين مطالب بأن يعاشر الآخر بالمعروف وبالتي هي أحسن ، فإن قصر أحد الجانبين فلا ينبغي للآخر أن يقصر، فكل سيلقى ثواب عمله عند الله تعالى، ونحن نوصيك بمزيد من الصبر، ومغالبة النفس، واحتسبي أجر ما تفعلينه من الخير لزوجك أو لغيره عند الله تعالى، ولن يضيع أجرك سدى، نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.
وبالله التوفيق والسداد.