السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ ستة أشهر، زوجي خلوق ومؤدب، ويحسن لي، ويحبني، لكنه يأمرني أن أصافح وأسلم على أخيه الكبير، وأقابله من غير حجاب، وهذا امتثال لأوامر أمه، وهو يعلم أنه حرام، فهو وأهله معتمرون، لكنهم يعتبرونني لا أحترم أخاهم بهذه الطريقة.
وقد فعلت ما بوسعي لإقناع زوجي، وفي كل مرة يخبرني بأني يجب أن أطيعه؛ لأني أعلم طبيعة عائلته وعقليتهم قبل الزواج، ويحتج بقوله لم أكذب عليك، وأنت تعرفين هذا من قبل الزواج، فلماذا وافقت على الزواج بي، ولم ترفضي قبل الزواج، وهذه عقليتي؟!
ملاحظة: الطلاق ليس حلاً، فأهلي لن يعترفوا بي، وليس لدي مكان أذهب إليه، فهل طاعتي له حرام؟
أرجوكم أريد المساعدة، فقد يئست منه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا العزيزة، أولاً: نحن ندعو الله تعالى ونسأله أن يعينك على الثبات على دينك، وأن يصرف عنك كل مكروه، وأن يلين قلب زوجك تجاهك، ويديم الألفة والمحبة بينكما.
ونوصيك: بأن تسلكي هذا السلوك، وهو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى أولاً، وتكثري من دعائه أن يجعل لك فرجاً ومخرجاً، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فإذا سألت ربك سؤال اضطرار، ولجأت إليه بصدق، وتحينت أوقات الإجابة؛ فإنه لن يخيبك -بإذن الله-، خاصةً وأنت تريدين بذلك تقوى الله، وقد قال الله في كتابه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا). هذا أولاً.
ثم ثانياً: -أيتها البنت الكريمة- لا تسمحي لليأس أن يسيطر على نفسك، ولا للشيطان أن يخوفك بأنك إذا خالفت زوجك فإن البديل هو الطلاق، فلم تصل الأمور إلى ذلك المبلغ، وأنت بحسن تبعلك لزوجك، ومبالغتك في طاعته، والإحسان إليه، والقيام بحقوقه من حيث الخدمة له، وحسن التجمل له، وحسن الخلق، وغير ذلك من أخلاق الزوجة الصالحة، فإن هذه الأخلاق ستجعله يفكر ألف مرة بدل المرة قبل أن يتخذ قرار الطلاق، فليس قرار الطلاق بهذه السهولة التي يحاول الشيطان أن يخوفك بها، لتستسلمي لترك أمر الله تعالى لك بالحجاب.
ثالثاً: ننصحك -أيتها البنت العزيزة- بالاستعانة في إيضاح موقفك الشرعي لزوجك، وأنك تلتمسين بذلك طاعة الله تعالى ورضاه أولاً، وتخافين عقابه، وأن هذا الفعل لو كان يجوز لما ترددت لحظةً في طاعة زوجك فيه.
وكلميه بأنواع من العبارات الجميلة المؤثرة في النفس، كأن تقولين له: ليس أحد في هذا الوجود أغلى عندي منك، ولا أحب إلي من أن أطيع أمره منك بعد الله ورسوله، ونحو ذلك من الكلام، ولكن يمنعني من ذلك أن الله تعالى لا يرضى بهذا، وأن التزامي بديني هو مصلحتي ومصلحتك، ونحو ذلك من الكلام اللين الذي يرق له قلب الزوج، ويدرك أن ما تقومين به ليس مصدره العناد لشخصه، أو محاولة إثبات شخصيتك أمام شخصيته، فربما يحاول الشيطان أن يزين له الأمر على هذا النحو، فأزيلي عنه هذا الشعور، وأعلميه بأنك لا تفعلين ذلك إلا خوفاً من عقاب الله سبحانه وتعالى.
فاطلبي منه أن يسأل علماء الدين الموثوقين المعروفين بالتمسك بالشريعة، والدعوة إلى الخير والصلاح في المجتمع، واستعيني بكل الوسائل المؤثرة عليه من إسماعه بعض المواعظ، أو الاستعانة ببعض الصلحاء في مجتمعك، حاولي أن تنشئي علاقات مع أسر فيها رجال متدينون ليؤثروا عليه، استعيني بالله تعالى في كل هذه الخطوات، ولن يخيبك الله، نحن نرى أن الموقف سيحل بهذه الخطوات -أيتها البنت العزيزة- وأنك لن تحتاجي لشيء وراء ذلك.
ولكن من باب الأمانة العلمية أقول لك: إنك إذا قدر أنه بعد كل هذه الخطوات وصل الحال إلى تخييرك بين الطلاق وبين أن تفعلي هذا الفعل، فحينها لا بد من المقارنة الدقيقة والأمينة والمتجردة عن الهوى والغرض الشخصي، المقارنة بين مفسدة طلاقك وما ستتعرضين له بعد الطلاق من الضياع أو نحو ذلك، وبين بقائك في أسرتك مع فعلك لهذا الفعل الذي يعلم الله تعالى منك كراهيته، فتفعلين أقل الأمرين ضرراً، وأقل المفسدتين، ولكننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يوصلك إلى هذه المراحل، وأن يجعل لك فرجاً ومخرجاً عاجلاً غير آجلاً.