استشارات اجتماعية

شدة الشهوة مع تأخر الزواج أدخلتني في عنت ومشقة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عزباء أعاني من قوة الشهوة الجنسية، طيلة اليوم أفكر، أحاول أن أصرف فكري من التفكير في الجنس لكن دون جدوى!

أنا -الحمد لله- متدينة، ولا ألجأ إلى الحرام، لا من علاقات غير شرعية ولا من ممارسة العادة السرية، لكن هذا الأمر يرهقني؛ حيث لا أقدر على التركيز في أي شيء، لا في دراستي ولا حتى في حفظ القرآن، وأي شاب أبدى اهتمامه أتعلق به، لكن لا أقترب منه، لكن فكري دائما معه.

أرشدوني إلى حل؛ لأني يئست وبدأت أسأل الله أن يقبض روحي قبل أن أسقط في المعصية!

للإشارة: لم يقدر لي بعدُ الزواج، فأنا أنتظر أن أتزوج، لكن تأخر زواجي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يفرج كربك وأن يقضي حاجتك، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك عاجلاً غير آجل إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإن الشهوة المفرطة شأنها شأن أي ابتلاء آخر من الابتلاءات التي يبتلي الله بها عباده، وأنت تعلمين أن الله جل جلاله إذا أحب عبداً ابتلاه، ولكن الابتلاءات متعددة متنوعة، فهناك ابتلاء بالفقد، وهناك ابتلاء بالعطاء، ابتلاء بالفقد كأن يفقد الإنسان عزيزاً عليه أو أن يفقد عضواً من أعضائه أو أن يفقد وظيفته أو أن يفقد صحته أو جزءاً منها، وكذلك أيضاً ابتلاء بالعطاء، كأن يعطي الله تبارك وتعالى بعض العباد نعمة زائدة، فالشهوة مركبة في كل إنسان، ولكنها عندك أكثر (حدةً) من كثير من النساء، فهذه عبارة عن عطيه زائدة. كذلك المال –المال نعمة من نعم الله تعالى- ولكنه أحياناً يزيد عن قدرة العبد لينظر الله تبارك وتعالى ماذا سيصنع هذا العبد، هل هذا العبد يستعمل هذه النعمة فيما أراد الله تعالى، أم أنها ستكون سببا في إفساده وفي ضلاله وغوايته؟ فبدلا من أن يشكر الله تبارك وتعالى عليها يحولها إلى نقمة عليه.

كذلك الشهوة الجنسية التي تتكلمين عنها؛ فهي ابتلاء من الله يختبرك الله تبارك وتعالى بها ليطلع على حقيقة أمرك، هذا نوع من الاختبار -ابنتي- فأنا أتمنى أن تنجحي فيه، وهذا الاختبار قد يطول وقد يقل فهو بيد الله تبارك وتعالى وحده، وأنت تعلمين أن نبي الله أيوب عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه كان نبياً من أنبياء بني إسرائيل الكرام، ورغم ذلك ابتلاه الله تبارك وتعالى بالمرض عدة سنوات؛ وذلك ليختبره الله تبارك وتعالى -وهو أعلم- ليختبر إيمانه وليرى سبحانه وتعالى ماذا سيصنع عبده مع البلاء.

وكذلك كثير من الناس أنعم الله عليهم بوفرة زائدة في الأموال، فأنت تعلمين أن سيدنا عثمان بن عفان كان من أغنى الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكانت أمواله لا تحصى ولا تعد، كذلك سيدنا عبدالرحمن بن عوف وغيرهم من الصحابة كانت لهم أموال عظيمة، ورغم ذلك هذه الأموال ما كانت سببا في إفساد العلاقة بينهم وبين الله، وإنما وظفها في خدمة الدين وفي تحقيق النفع الذي أراده الله للعالمين، وكانت وسيلة من وسائل دفع البلاء عن كثير من العوائل ومن الأسر الفقيرة والمحرومة، وكانت سبباً في تزويج كثير ممن ليست لديه القدرة على الزواج فكانت نعمة.

لذلك أنا أرى ليس أمامك حقيقة ألا ما أنت عليه من الصبر الجميل والدعاء والثبات وعدم الخضوع لنزغات الشيطان، فإن الشيطان كما أخبر الله تعالى: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا، ولقد نهانا الله تبارك وتعالى عن تتبع خطوات الشيطان فقال: لا تتبعوا خطوات الشيطان، فعليك بالصبر، واعلمي أنها مرحلة امتحان وابتلاء واختبار، وسوف تنتهي بإذن الله تعالى؛ لأن كل شيء له بداية، ثقي وتأكدي أن له نهاية، إلا الله سبحانه وتعالى فهو الأول بلا ابتداء والآخر بلا انتهاء، ما سوى ذلك الصحة، الإنسان نفسه له يوم يولد فيه وله يوم يموت فيه، كذلك الآلام والأمراض لها يوم توجد فيه، ولها يوم تفارق الجسد فيه، وقد تستمر مع الإنسان ولكنها في النهاية سوف تنتهي .

فإذاً هذا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى لك ليختبرك وليختبر إيمانك، هناك نساء كثيرات وهناك مسلمون كثر عندهم ابتلاءات أعظم مما أنت عليه مئات المرات، خاصة ابتلاءات بالأمراض القوية المدمرة التي تظل مع الإنسان وتجعله عاجزاً عن الحركة، يظل طريح الفراش حتى لا يستطيع أن يميط الأذى عن نفسه، أما أنت الآن تتحركين وتذهبين وتروحين وتجيئين وحياتك حياة عادية، أي لا تشعرين بنوع من العجز عن ممارسة حياتك الطبيعية، اللهم هذه الشهوة الزائدة التي من الممكن بالصبر الجميل أن يتم ترويضها؛ ولذلك عليك بالصبر الجميل، وعليك بالمقاومة قدر الاستطاعة، وابشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن الكرب كلما اشتد هان، واعلمي أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، وأسأل الله أن يزوجك عاجلاً، وأن يخفف عنك حدة هذه الشهوة حتى تتزوجي فتنعمين بهذه النعمة العظيمة.

Related Posts

1 of 39