السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 16 سنةً، وأدرس في المرحلة الثانوية العامة، أعاني من قلة التركيز أثناء الدراسة، وتشتت الذهن، والتفكير المفرط في بعض الأمور المستقبلية أيضًا.
وقلة التركيز تشمل: الدراسة، واللعب، والصلاة، رغم محافظتي على الصلوات في وقتها، إلا أنني لا أخشع بسبب قلة التركيز والتشتت الكثير أثناء ممارسة أمور حياتي.
الأمر الثاني: هو أنه ليس لدي شغف في مجال معين في حياتي، وأشعر بالضياع المستمر.
الأمر الثالث: هو وجود تضارب كبير لدي في المفاهيم؛ أي أنني أسمع من بعض الناس بأنه يجب أن أرضى بالوضع المادي أو أي وضع أنا فيه، ولكن إذا كان يجب علي الرضا بوضعي هذا، فلماذا أحاول السعي رغم أنني بلا هدف واضح؟
أما المفهوم الثاني الذي لدي فيه تضارب: هو أنني أعرف أنه يجب أن أتواضع، ولكني أحتقر نفسي في كثير من المرات ظنًا بأن الذي أفعله تواضعاً، فما الفرق بين التواضع واحتقار الذات؟
والمفهوم الثالث عن الكبر: هو أنني عندما أقول للناس بأني أتقن عملاً ما أشعر بأنه تكبر وتفاخر، وإذا قلت إنني أعرف عمل هذا الشيء قليلاً أرجع لنقطة تصغير نفسي، واستنقاصها، ولا أعرف ماذا أفعل؟ فأنا أريد أن أعلم ما هو الفرق بين هذه المفاهيم؟
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً بُنيَّ: أنت في هذا الصف الثالث الثانوي (الثانوية العامّة)، ومن الطبيعي أن تشعر بالتوتر والقلق للامتحان أولاً، ولما يمكن أن يأتي بعده ثانيًا، وقد أشرت إلى هذا في قلقك حول المستقبل، وما يمكن أن تكون الأمور عليه بعد اجتياز الثانوية العامة، وهذا كله أمرٌ طبيعي، ولكن لفت نظري ما اشتكيت منه من قلة التركيز في كل ما تعمله، أو تحاول القيام به، كالدراسة، والصلاة، واللعب، وغيرها، وهنا لا أدري إن كان هذا فقط بسبب القلق والتوتر، أم أنها مشكلة قديمة عندك؟
إذا كانت هذه مشكلة قديمة في قلّة التركيز، وكثرة التشتت –أي في المراحل التعليمية السابقة، سواءً الابتدائي، أو الإعدادي، أو الثانوي – فهنا ربما يفيد أن تستشير أحد الأطباء النفسيين عندكم في الأردن -وهناك زملاء فضلاء-، وربما يكون عندك اضطراب تشتت الانتباه، وهذا له علاجه بما يُساعدك على التركيز والانتباه، واجتياز الثانوية العامة بتفوق -إن شاء الله تعالى-.
أمَّا ما ذكرتَ من مواضيع أخرى، كالفرق بين الرضا والسعي إلى المستقبل: فلا أرى فيه تعارض؛ فالرضا نقصد به: أن يطمئن به الإنسان إلى ما بين يديه والحالة التي هو فيها كنقطة انطلاق؛ ليحاول أن يُغيّر ويُعدّل ويطوّر؛ ليصل إلى الوضع الأفضل الذي يريد أن يصل إليه. فإذًا ليس هذا أو ذاك، إنما ننطلق من الرضا بالواقع لنُغيِّر ونصل إلى ما نريد.
أمَّا المفهوم الثاني: الفرق بين التواضع والاحتقار:
نعم التواضع أمرٌ جميل، ولا أظنُّ أنه يجب أن يُشكل عليك بين التواضع وبين الاحتقار؛ فالتواضع إنما هو أمرٌ طيب، يُتيح لك التعامل الأنسب مع الناس.
أمَّا النقطة الأخيرة: فلا حرج في أن تعرض إمكاناتك وقدراتك، وبأنك قادرٌ على القيام بالأعمال؛ فنحن نقرأ في سورة يوسف -عليه السلام- أنه قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]، فهو ذكر قدرته على إدارة الأمور، فلا حرج في هذا.
أرجو أن يكون في جوابي ما يُساعدك على تجاوز ما أنت فيه، وهنا أيضًا فاتني أن أقول: إنه يُفيد أن تستشير الأخصائي النفسي الموجود عندك في المدرسة؛ فلربما يُعينك في قضية التركيز في الدراسة والمدرسة، داعيًا الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك.