السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة، عمري 26 عاماً، لا أعمل حالياً، ولكني عملت لمدة عام كامل في مجال دراسة المحاسبة، ولم يعجبني سوق العمل؛ لما فيه من اختلاط، ومزح، وإجبار على التزين حتى يرضى بي رب العمل، وإلا أصبحنا حثالةً؛ فقررت الاستقالة من العمل حتى أجد فرصةً مناسبةً.
دائماً ما أشعر بالقلق واستنقاص الذات؛ لأنه كلما تقدم لخطبتي أحد لا يعود، ولا أعلم السبب، وتكرر الأمر 7 مرات، ويؤرقني أكثر كلام المجتمع وحتى العائلة: من أن البنت لم يعد يهم جمالها، ولا خلقها، ولا شيء سوى وظيفتها ومالها، وأنا لا أريد الاختلاط بالمجتمع السيئ، وحالياً لا أجد فرصةً.
أشعر بالتضارب في المشاعر، وبلوم الذات، فلو أني تخصصت في مجال التعليم لكان طلب الزواج علي أعلى!
أنا لست مقتعنةً أصلاً بفكرة الصرف على المنزل، ولا بفكرة المعلمة، أريد أن أكون أماً ومربيةً لأبنائي، وأهتم بزوجي، أفي ذلك خطأ؟!
هل حقاً سأرزق على حسب المجتمع الذي أعيش فيه؟ أو أن أحظى بزوج لا يناسبني ولا يؤمن لي عيشةً هنيةً وطبيعيةً؟!
تقول لي أمي: إما أن تجدي شاباً مباشرةً وسيقبل بك على أي عيب سواءً الشكلي أو العمري أو المالي -وأنا لا أريد الاختلاط-، أو أن تقبلي الرفض من الأمهات الخاطبات عن طريق الخطبة التقليدية.
لقد أصبحت بين مطرقة التعارف المحرم وسندان رفض المتقدمين لي عن طريق الزواج التقليدي.
وتأكدت بأني لا أعاني سحراً أو عيناً، فأنا أرقي نفسي دائماً، وأدعو الله، وأريد من كل قلبي أن أصبح زوجةً وأماً.
الموضوع يقلقني بشدة، والعمر يمر بسرعة، فماذا أفعل؟
فهل أتعرف وأخسر نفسي وديني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلاً بك -أختنا الكريمة ، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: الحديث عن أن الشباب يريدون الموظفة، وأن من تعمل يكون الزواج منها أسرع، كل هذا الكلام -أختنا- كلام نسبي، فإذا كان هناك من يبحث عن الموظفة فهناك من يبحث عن ربة البيت التي لا تحب الاختلاط، فالمسألة ليست مرتبطةً بالعمل، بدليل العشرات بل المئات من الأخوات اللاتي يراسلن الموقع، وهن موظفات وجميلات، ولكن لم يتزوجن بعد.
ثانياً: أقدار الله عز وجل ماضية: واعلمي -أيتها الكريمة- أن الزواج رزق من الله عز وجل، وقد قدر الله للجميع نصيبه، وهذا يدعوك إلى الهدوء والاطمئنان، والثقة في أن من قدره الله لك زوجاً سيأتيك وأنت معززةً مكرمةً، ولم لا وهو مكتوب ومقدر من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).
ثالثاً: اعلمي -أختنا الكريمة- أن قضاء الله خير لك مما أردته لنفسك، وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)، فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو أفضل من اختيارك لنفسك.
رابعاً: إننا لا نريدك أن تندمى على ما مر عليك، ولا على دراستك التي أنجزتيها، ولا على قرارك بعدم الاختلاط، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، المهم أن تكوني على يقين بأن رضوان الله عليك أهم وأغلى من كل ما مضى من الحديث.
خامساً: الحمد لله على محافظتك على الرقية الشرعية، وهذا من توفيق الله لك، ونرجو أن يكون هذا ديدنك، وأما انصراف الخطاب -أختنا- فله أسباب عديدة، بعضها أو أكثرها لا علاقة له بالفتاة، ومن هذه الأسباب وحتى لا نطيل: عدم جاهزية بعض الشباب، أو تسلط بعض الأهل، أو بحث بعض الشباب عن المثالية في الاختيار، وغير ذلك كثير، ونحن نخبرك من واقع خبرة أن أكثر سؤال أخواتنا وبعضهن جاوزت الثلاثين بمراحل كان عن هذه النقطة، وعليه فلا ينبغي أن تقلقي على ذلك، خاصةً وأنت تعلمين أن الأقدار ماضيةً كما أسلفنا.
سادساً: إننا نوصيك -أختنا- بالتعرف على بعض الأخوات الصالحات؛ فإن ذلك فيه عدة فوائد، منها: الإعانة على الطاعة، ومنها كذلك أن التعرف على مجتمع نسائي صالح أحد الأسباب المفيدة في مسألة الزواج.
وأخيراً: -أختنا الكريمة- طيبي نفساً، واعلمي أن الرزق سيساق إليك، المهم أن تحسني ما بينك وبين الله، وأن تكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح والذرية الصالحة، ولن يذهب الدعاء سدى بأمر الله.
وفقك الله، وكتب لك الخير حيث كان، والله المستعان.