استشارات

كنت أحب دراستي ومجتهدة فيها، ولكن فجأة تغيرت حالتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أريد أن أطرح مشكلتي، وأتمنى أن تفيدوني فيها:

أنا طالبة أدرس في الجامعة، وقبل نجاحي في الثانوية العامة كنت مجتهدة ومثابرة، وأحب الدراسة ولا أتكاسل عنها، وأسهر ساعات طويلة، وأنا أدرس، وكنت أركز في أعمالي وكل ما أقوم به، وعبادتي لم أعجز عنها، وكنت أؤمن بكل شيء أنه مقدر من عند الله، حتى دعائي كان نابعا من قلبي، وأتمنى الخير للجميع.

لكن منذ دخولي الثانوية العامة انقلبت حالي وتغيّرت، ولكن بقدرة الله -جل جلاله- نجحت وبمعدل مرتفع جدا، ودخلت تخصصا طبيا في الجامعة -والحمد لله-، ولكنني منذ أن دخلت الجامعة وأنا لا أطيقها، ولا أطيق الذهاب إليها، ومهما حاولت أن أركز في المحاضرات لا أركز، أحس بأني غبية! وفي دماغي فراغ كبير، وأعود للبيت ولا أدرس أي شيء، وعلاماتي متدنية جدا مع أنه لا شيء يشغلني إلا أن نفسيتي متعبة من موضوع الدراسة؛ أكون سعيدة، وأريد أن أدرس، وفجأة يتشتت عقلي، ويتعكر صفوي، ولا أصبر عليها، حتى في حياتي العادية مشتتة؛ لا أركز ولا أثبت على أمر، وأنا خجولة جدا، وتخصصي يتطلب مني التعامل مع الناس، كما أنني أصبحت في السنة الثالثة، وأنا أشعر بأني لم أتعلم شيئا، وهذا التخصص طبي، وفيه أرواح بشر، ويؤنبني ضميري: كيف سأتعامل معهم، وأنا لا أفقه شيئا ولا أتعلم!.

جميعهم يقولون بأنه الحسد؛ لأن صحتي تدهورت، وحتى شكلي تغير، ولم أعد كالسابق؛ ظهرت الأمراض كلها فجأة في جسدي، ولست الوحيدة، بل كل أفراد عائلتي انقلبت حالهم فجأة خصوصا أنهم كلهم متعلمون، وتخصصاتهم مميزة أيضا، لكن تغيرت حالنا إلى السيئة، والحمد لله على كل حال طبعا، مع أنني كنت أقول لهم دائما: لماذا يحسدننا الناس؟ ولا أعتقد بأن أحدا يتمنى الشر لغيره، لكنني الآن بت أكره الجميع وحتى نفسي!

أتمنى أن يهديني ربي، وأعود خيرا مما كنت عليه.

 

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختنا الكريمة: أولاً، نقول لك: الحمد لله على تفوقك، ودخولك الجامعة؛ فهذه أمنية تتمناها كثير من الفتيات في سنك، ومنهن من وفقت، ومنهن من تتحسر.

ما تعانين ربما يكون نوعا من اضطرابات المزاج، فأثر على نشاطاتك الشخصية والاجتماعية. وحل المشكلة يكمن في المواجهة والجلوس مع النفس، والبحث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، فمثلاً: انتفال الشخص من مرحلة إلى مرحلة علمية تصحبها كثير من التغيرات، وذلك لاختلاف المرحلتين في العديد من الأشياء، والمطلوب هو إيجاد طرق للتعايش والتأقلم مع المرحلة الجديدة، فإن كان لديك صديقات عزيزات في المرحلة السابقة فابحثي عن من يملأ هذا الفراغ في المرحلة الحالية، فإيجاد صديقات لهن من الصفات والسمات ما كان لدى السابقات، وإن كنت متوافقة مع أسلوب الدراسة، ونظم وقوانين المرحلة السابقة فابحثي عن طرق للتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية. وإن كانت لديك طرق معينة في تحمل المسئولية في المرحلة السابقة؛ فابحثي عن ما يزود قدراتك لتحمل المسئولية في المرحلة الحالية.

فاعتبري المرحلة التي تمرين بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل. واعلمي أن كل من سار على الدرب وصل، فقط كيف نبدأ الخطوة الأولى ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه؟ ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن؛ فيكون.

العين -لا شك- هي حق، والحسد موجود أيضا في دنيا الناس، ولكن بالأذكار والتحصينات اليومية نقي أنفسنا من ذلك -إن شاء الله- ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

ونوصيك بالإكثار من الاستغفار؛ لأنه مفتاح الفرج، وستتبدل حالك -إن شاء الله- إلى أحسن حال، وتسعدين بدراستك وبتخصصك. فلا تحقري من نفسك ومن قدراتك وإمكانياتك، بل حاولي استغلالها والاستفادة منها. ولا بد من إعادة النظر، وتجديد أهدافك، ومحاولة تحقيقها بالسبل المتاحة، واستعيني بالله ولا تعجزي.

بالنسبة للخجل تعلّمي كيفية المحادثة مع الآخرين –أولاَ- بالاستماع الجيد لما يقولونه، ثم كيفية إلقاء الأسئلة بالصورة المبسطة، والاستفسار بطريقة فيها احترام وتقدير للشخص الآخر، وإظهار الإعجاب والتعليق على حديثهم ومقتنياتهم بالطريقة التي يحبونها. وإذا أتيحت لك الفرصة للتحدث عن نفسك؛ اغتنميها، ولا تترددي، بل انتهجي نهج المبادأة، وكوني أول من يبدأ دائماً بالتعريف، أو الحديث عن النفس.

ولإبعاد الملل وللاستمرار في الحديث؛ حاولي سرد بعض الحقائق العملية أو الدينية، أو القصص الممتعة التي تجذب مستمعيك، وتجعلهم يتفاعلون معك بصورة إيجابية، وتجنبي الصفات التي تؤدي للشعور بالنقص مثل:

– الرغبة في بلوغ الكمال.
– سرعة التسليم بالهزيمة.
– التأثر السلبي بنجاح الآخرين.
– التلهف إلى الحب والعطف.
– الحساسية الفائقة.
– افتقاد روح الفكاهة.

وفقك الله تعالى، وسدد خطاك.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499