السؤال
السلام عليكم
تم عقد قراني على شخص، ثم ُطلقت منه لعدم التوافق بين شخصيتي وشخصيته، ثم تقدم لي آخر، وتم عقد القران، فاكتشفت أنه ضعيف الشخصية، وأيضاً لا يرغب في إتمام الزواج، لعدم امتلاكه المال.
كنت أرى صعوبة في تقبل شخص ضعيف الشخصية، ويتلعثم في الكلام، لكني وافقت عليه، واكتشفت بعد ذلك أنه لم يكن متوازن العقل، ورضيت أن أكمل معه، حتى لا أدخل تجربة طلاق مرة أخرى، فقد كانت تجربة مؤلمة، وكنت محبطة.
لكن الآن صرت مطلقة قبل الدخول للمرة الثانية، وهذا الشيء يضايقني بسبب كلام الناس حولي، هذا الشعور سبب لي أزمة نفسية، أبكي طوال الليل، ونفسيتي تعبت، أخاف ألا أتزوج، وأخاف إن تزوجت أن تتكرر المشكلة، فكيف أتخطى هذا الشعور؟ وكيف أتعامل مع الرجل الذي يتقدم لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.
بداية نتمنّى ألَّا تنزعجي، ولا تنتبهي لكلام الناس، فإن كلام الناس لا ينتهي، ورضاهم غاية لا تُدرك، واسألي الله دائمًا أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، واعلمي أن لكل أجلٍ كتاب، وهذا الكون ملْك لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى، فاستعيني بالله، وتوكلي عليه، واجتهدي في طاعته، وأكثري من اللجوء إليه، وحاولي دائمًا عندما تحتارين في أمرٍ أن تستخيري؛ لأن الاستخارة من الأمور المهمة، ولأهميتها كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعلِّمُها لأصحابه كما يُعلِّمُهم السورة من القرآن.
ثم شاوري من حولك من العلماء والفاضلات العاقلات، وامضي بعد ذلك بعد أن تستشيري وتستخيري؛ فإنه لن تندم مَن تستخير ولن تخسر مَن تستشير، وتوكلي على الله القدير سبحانه وتعالى.
ولا تهتمّي بالنظر إلى ما يقوله الناس، وكونك ستكونين كذا وكذا، فإنَّا ما كُلِّفنا أن نعبر الجسر قبل الوصول إليه، ودائمًا اجعلي ثقتك في الله عظيمة، وأحسني الظن في الله، فإن من أحسن الظن بالله يجد الله عند حسن ظنِّه، وأمّلي الخير تجديه، واعلمي أن الحياة أمل، والأمل يُحققه عمل، وعند الله تُجازى كلُّ نفسٍ بما تفعل.
فاحرصي دائمًا على الخير، ولا تُكلّفي نفسك ما لا يطيق، ولا تستسلمي للشيطان، فهمُّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، ولكن -ولله الحمد- {وليس بضارهم شيئًا}. هذا الشيطان ضعيف، {إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون}، ولا سلطان له على أهل الإيمان والصلاح {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون}، فكوني من المؤمنات، وتوجّهي إلى رب الأرض والسماوات، وتضرعي إليه بالدعوات، واستشيري وشاوري ثم أكملي وتوكلي، لأن الله يقول: {فإذا عزمت فتوكل على الله}.
ولا تنظري إلى الناس، فليس العبرة بالإنسان نجح أو فشل أو كذا، لأن هذا ابتلاء، واعلمي أيضًا أننا معاشر الرجال ومعاشر النساء لا نخلو من نقص، فلا تطلبي الكمال المطلق؛ لأن الفتاة لن تجد شابًّا بلا عيوب، كما أن الشاب لا يمكن أن يفوز بامرأة بلا نقائص، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، ولا ننصح أيضًا أن تجاملي الناس، أو تدخلي في مشروع خوفًا من كلام الناس، ولكن ادخلي على قواعد راسخة، أعطي نفسك فرصة، وقدّري الأمور تقديرًا صحيحًا، ونكرر دعوتنا لك بأن لا تُكثري من ردِّ الخُطّاب، لأن لا بد أن نُدرك أن الكمال محال، وأن الإنسان سيجد إنسانًا فيه إيجابيات علينا أن نضخمها، وفيه سلبيات علينا أن نحجّمها، ثم نسعى في اختصارها وعلاجها.
ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النيّة، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.