السؤال
السلام عليكم
شكراً لكم على هذا الموقع الرائع ونفع الله بكم .
بدايةً أنا بعمر 39 سنة، أصبت بداء الحزاز في فروة الرأس، وحصل لي خوف شديد منه، خاصىة بعد أن أخبرني صديقي أن صديقاً له أصيب بحبوب في رقبته، وبعد فترة توفي.
بعدها حصل لي فزع وخوف وتفكير قاتل، مع تسارع لضربات القلب، وراجعت الطوارئ وعملت تحاليل، ولا يوجد شيء.
راجعت طبيب باطنية، وعملت وظائف الغدة الدرقية، وكلها سليمة، ووصف لي علاج زولفت حبة 50 غم لكل يوم، وتحسنت عليه، وأكملت الشريط وتركته.
بعد سنتين أو أكثر رجعت لي نفس الحالة، وهو الخوف من أي مرض، وتسارع ضربات القلب، والدوخة لحد الإغماء، وتعب شديد في قدمي، وأكاد لا أستطيع الوقوف من شدة التعب.
علماً بأني طالب دكتوراه في الكيمياء الحيوية السريرية، لدي مختبر في التحليلات المرضية، وبدأت أخاف حتى الذهاب للمستشفى، ولمكان عملي في المختبر، وفقدت الرغبة في كل شيء حتى زوجتي وأطفالي لم أستطع الخروج معهم، ولا أستطيع أن أفسحهم في الأماكن العامة خوفاً من التسارع والدوخة والتعب.
بدأت قبل فترة بالدخول إلى موقعكم الموقر، وقرأت في إحدى الاستشارات، وكان فيها كيفية أخذ عقار زولفت، وبدأت آخذ عقار زولفت نصف حبة يومياً بعد العشاء، واليوم صار لي أسبوع.
قررت أخذ نصف حبة لمدة عشرة أيام، وبعدها حبة لمدة شهر، وبعدها حبتين لمدة شهرين، وبعدها أقلل الجرعة تدريجاً، ولحد الآن ومنذ أن باشرت بأخذ نصف حبة أحس أني أفضل من قبل، لكن أشعر أني خائف جداً.
علماً أنه بسبب الخوف، وتركت الصلوات في المسجد، وصلاة الجمعة، وأصلي في البيت فقط، لأني في أحد الأيام كنت في صلاة الجمعة وأصابتني النوبة، وشارفت على الموت، ومن بعدها لم أدخل المسجد.
أفيدوني، وأنقذوني، لكي أرجع لنفس نشاطي سابقاً، وأزاول مهنتي وعملي ونشاطي مع عائلتي. هل أستمر على الزولفت وبنفس الجرعة التي ذكرتها أم لكم رأي آخر؟ وهل يوجد أمل أن أعود لنشاطي بعيداً عن الخوف والرهبة؟
علما أني شفيت من داء الحزاز منذ أكثر من خمس سنوات، لكن ترك فراغات كثيرة في شعري.
هذا ولكم وافر الشكر والاحترام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك .. ونشكرك على تواصلك معنا، نحمد الله تعالى أن عافاك من المرض الجلدي وإن بقي هناك كما ذكرت بعض الفراغات في شعر رأسك، وإن شاء الله يمكن هذا أن ينمو مع الوقت.
الذي حصل لصديقك من أن هناك من أصيب بحبوب في رقبته ومن ثم توفي فلا ندري ما حصل معه، إلا أنه ليس هناك ما يشير إلى أنك حالتك مشابهة لتلك الحالة، فالله أعلم بها.
من الواضح من سؤالك أنك تعاني لفترة من الرهاب المرضي والخوف من أن تصاب ببعض الأمراض، وقد ترافق هذا بما وصفته من تسرع ضربات القلب، والتي نسميها نوبة الذعر أو نوبة الهلع، وهي كثيراً ما تأتي مرافقة لحالات القلق والتوتر ورهاب المرض، رهاب المرض ونوبات الذعر أثرت في حياتك حتى أنك توقفت عن الذهاب للمسجد بعد أن أصبت بهذه النوبة وأنت في المسجد، وهذا ما يقع فيه بعض الناس خطأ حيث يبدؤون في تجنب الأماكن التي تحصل فيها هذه النوبات نوبات الهلع، ولكن الأفضل عدم التجنب والعكس هو الإقدام واقتحام هذه الأماكن كي تعتاد عليها، بالرغم من أن النوبة قد تأتي مرة أو مرتين حتى تعتاد فلا تعود هذه النوبات لتزعجك مجدداً.
أيضاً بدأ هذا الرهاب المرضي ونوبات الهلع بدأت تمنعك من الخروج مع أسرتك مع زوجتك وأولادك إلى الأماكن العامة، لذلك يبدوا من سؤالك أيضاً ونتيجة كل ما حدث أنه ربما هناك بعض أعراض الاكتئاب الذي نتج عن معاناتك من الرهاب المرضي ونوبات الهلع هذه.
الخبر السعيد أن دواء الزوالفت الذي ذكرته في رسالتك والذي تحسنت عليه في الماضي هو نفسه مضاد للرهاب المرضي ونوبات الهلع، وكذلك الاكتئاب، فهو بالأصل مضاد للاكتئاب يعمل عن طريق مادة السيرتونين التي يعتقد أنها وراء الإصابة بالاكتئاب وغيره.
أنصحك بالاستمرار بالطريقة التي ذكرت من الزيادة المتدرجة لجرعة الزوالفت كما وصفت في سؤالك، فهذا عادة ما نصفه للمصاب، وإن كان عادة ننصح أيضاً بأن يكون التشخيص والعلاج عن طريق مراجعة طبيب نفسي من خلال العيادة الخارجية، فهذا أسلم لمعرفة الجرعة التي تحتاجها ومدى استجابتك للعلاج لأنه في بعض الحالات قد نضطر إلى تغيير الدواء إلى دواء آخر، ولكن أعتقد معك كونك استفدت منه في الماضي فالغالب أنك ستستفيد منه مجدداً، وخاصة بعد زيادة الجرعة كما وصفت في سؤالك.
أخيراً نعم -أخي الكريم- هناك أمل كبير في الشفاء والتعافي، فعلاج الرهاب ونوبات الهلع والاكتئاب أصبح ميسوراً في هذه الأيام.
لذلك أنصحك بالاستمرار في العلاج، وبأن تبدأ بالخروج مجدداً مع أهلك وأولادك إلى الحياة الاجتماعية، وإن كان بالتدرج، وأنصحك أيضاً بأن تعود إلى بيت الله سبحانه وتعالى، وإن كان في البداية بعض الانزعاج من نوبة الهلع إلا أنك ستعتاد على هذا، فكثير من الناس عانوا من هذا بعد الحجر المنزلي وإغلاق المساجد في أزمة الكورونا، ولكن -الحمد لله تعالى- أن الأمور بدأت ومنذ فترة تعود إلى طبيعتها، أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية.