السؤال
السلام عليكم
منذ سنة كنت ناوية على تقديم الماجستير هذه السنة، وعلى أساسها درست وبحثت حتى رغم الظروف العامة التي حصلت بشكل عام من كورونا وإلى آخره لم تمنعني.
استخرت رب العالمين وأقدمت على الأمر وقبل البدء بإرسال أوراقي حصل تغير منع تقديمي للجامعتين اللتين كانتا من ضمن قائمة اختياري، فقلت في نفسي أكيد في ذلك الخير، وعلى أساسها بحثت عن جامعة وقسم آخر، واستشرت أهل العلم واستخرت، وقدمت أوراقي للجامعة الجديدة، وبعدها بأسبوعين حصل تغيير وأصبحت الجامعة الأولى هي المتاحة، أصبح عندي خيبة أمل، لكني لم أستسلم، وعدت واخترت واحدة من الجامعتين اللتين كانتا من ضمن خياري الأول، واستخرت وقدمت أوراقي وبعد يومين أتاني رفض من الجامعة، ولم يبق لي خيار غير جامعة واحدة بقسم أنا مترددة في اختياره، وخاصة أنه ليس من مجال اختصاصي، وليس لدي علم به غير أن الجامعة تكاليفها عالية نوعا ما بالنسبة لحالتي، فلا أستطيع المغامرة بالتقديم لها، ويجب أن أكون متأكدة استخرت كثيرا واستشرت حولي ناس، ولكني ما زلت مترددة بالتقديم لها.
كيف أعرف نتيجة استخارتي الأخيرة؟ وهل يجب أن أقدم على الجامعة أو لا؟ علما أنه لم يبق لدي الكثير من الوقت؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذه الرغبة في الخير، وهذا الطموح في طلب العلم وعلو الهمَّة، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.
لا شك أن التي تستشير وتستخير تكون قد أدَّت ما عليها وقامت بواجبها، وما عليها إلَّا أن ترضى بما يُقدّره الله تبارك وتعالى، واعلمي أن كل الذي حصل فيه خير، وأن ما يختاره الله للإنسان أفضل ممَّا يختاره الإنسان لنفسه، وكما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار وفي الذي يُقدّره الله تبارك وتعالى).
واعلمي أن صلاة الاستخارة لا تعني أن كل الصعاب ستزول، فالحياة من أولها إلى آخرها جُبلتْ على كَدرٍ، ونحن نريدها صفوًا من الأكدار والأقذاء، ومكلِّف الأيام فوق طِباعها مُتطلِّبٌ في الماء جذوة نارٍ.
لكن صاحبة الهمَّة العالية تحاول وتكرر المحاولات، وحتى الاستخارة لا مانع من تكرارها، وأيضًا مساحة الاستشارة أيضًا لا تزال مفتوحة، والإنسان عندما يستشير مَن هم أصحاب خبرة وأصحاب تجارب وأصحاب تخصص يُضيفُ عقولهم إلى عقله، ووعيهم إلى نُضجه، وبالتالي يصل إلى الخير وإلى الحق.
فإذًا نحن ندعوك إلى المزيد من المشاورات، ومزيد من تكرار صلاة الاستخارة، فإنها دعاء وفيها الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.
وحقيقة نحن لا نؤيد فكرة الدخول فقط من أجل الدخول؛ لأنك الآن تقولي هذه الجامعة تخصصها لا علم لك به، وليس التخصص الذي ترغبين فيه، فنتمنَّى دائمًا ونأمل أن يُقدّم كل طالب وطالبة في المجال الذي يجد فيه نفسه، الذي يميل إليه، أيضًا بالتكاليف المعقولة التي لا تؤثّر على بقية الواجبات، ولا يخفى عليك أن طريق الدراسات العُليا طريق طويل، وهو طريق مفتوح، إذا لم يتيسّر في هذا الفصل الدراسي فقد يتيسّر في الذي بعده، وكما مرَّ معك الجامعة التي تكون مرفوضة اليوم مقبولة غدًا.
فإذًا عليك أن تستمري في مزيد من البحث ومزيد من التشاور مع أهل الاختصاص، ويفضّلُ أن يكونوا ممَّن يعرفوا وضعك وممَّن يعرفوا قُدراتك، وممَّن يعرفوا أيضًا الجامعات المقصودة التي تريدي أن تُقدّمي لها، ونحن مرة أخرى ندعوك دائمًا على الحرص على التخصص والمجال الذي تُتقينه وتجدي نفسك فيه وميلك إليه؛ لأن هذا بابٌ واسع للنجاح، ويجعل الإنسان يتفوق ويُحرز أعلى الدرجات وأعلى العلامات، بل يستطيع أن يُفيد أُمّته وبلده وأهله بهذا التخصص الذي دخله عن رغبة.
وعامل الزمن واختيار الكلية كل ذلك من تقدير الله، ونحن علينا أن نسعى ثم نرضى بما يُقدّره الله تبارك وتعالى، ولكل أجلٍ كتاب.
نسأل الله أن يجعلنا وإياك ممَّن إذا أُعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.