السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني الفترة الأخيرة من ارتفاع الشهوة بداخلي، والميل للجنس الآخر، أعلم أن هذا أمر طبيعي، ولكني لم أعهدني كذلك، الحمد لله أنا ملتزمة، وأطلب العلم الشرعي، وأحفظ القرآن، ولكن المشكلة أن الدراسة مشتركة (في كلية الطب)، وحاليا زاد التعامل مع الشباب، أجاهد غض البصر، وألا أخضع بالقول، بات الأمر عسيرا علي في مدافعة الأفكار، أحيانا تأتيني في الصلاة، وأخشي الانتكاس أو ألا يرضى عني الله والعياذ بالله.
أمر الزواج غير مقبول لدى الأهل حتى أتم التعليم، والنقاب مرفوض تماما، لي صحبة ولكنها ليست بالقرب مني، أدعو الله وأستعين به، ولكن تضايقني الأفكار والوساوس، أخشى أن تكون من زنا الأفكار.
ادعوا لي، ودلوني على أعمال صالحة تطهر قلبي، رزقنا الله وإياكم القلب السليم.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة والنفس اللوامة التي دفعتك لكتابة هذا السؤال، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وأن يُعينك على بلوغ العفاف، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
لا شك أن هذا الميل الذي يحدث هو ميل طبيعي، خاصة مع البيئة المذكورة في السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعوبات. واعلمي أن الشريعة دعت الرجال والنساء أولاً إلى غض البصر، ثانيًا: دعتهم إلى البُعد عن بعضهم، فإن الشريعة باعدت بين أنفاس النساء والرجال حتى في صفوف الصلاة، فجعلت خير صفوف النساء آخرها لبُعدها عن الرجال، فلذلك أرجو أن تبتعدي وتنحازي إلى الأماكن التي فيها البنات، وتجعلي تعاملك مع الصديقات ومع الزميلات، و التحاشي التعامل مع الجنس الآخر الذي هو معشر الشباب.
كذلك من المهم أن تُراقبي الله تبارك وتعالى في سِرّك والعلانية، وأن تجعلي تركيزك على الدراسة والتعليم، وتجنّبي كل ما يُحرّك عندك كوامن الشهوة، واستعيني بالله تبارك وتعالى، وحاولي مع الأهل إذا جاء الخاطب المناسب الذي يمكن أن تبلغي معه العفاف أن تتزوجي وتُكملي دراستك، وعندنا مرَّت علينا نماذج رائعة وكثيرة ممَّن تزوجوا وتزوجن ثم أكملوا دراستهم. فالأمر ليس كما يظنّ الناس، الزواج دافع للنجاح وليس خصمًا على النجاح.
وعلى كل حال: أرجو أن يستمر هذا الخوف لأن الإنسان إذا خاف من الوقوع في المعصية واستعان بالله سلم بإذن الله تبارك وتعالى. أكثري من الدعاء، واستعيني بالله تبارك وتعالى، لا تجاري الأفكار، بل تعوذي بالله من الشيطان بمجرد مجيء مثل هذه الأفكار، وتذكري أن همّ الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وأن هذا العدو يدعو إلى الفحشاء والمنكر، لكنّنا نُعانده، لكنّنا نُصادمه، لكنّنا نستغفر، لكنّنا نذكر الله، لكنَّنا نتوب إذا حصل منَّا التقصير، وكلُّ ذلك ممَّا يغيظ هذا العدو الذي أمرنا الله تعالى أن نتخذه عدوًّا، وحذرنا منه وقال: {إن الشيطان لكم عدوٌّ فاتخذوه عدوًّا} ماذا نفعل يا رب: {فاتخذوه عدوًّا}.
لك مِنَّا الدعاء، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، واجتهدي – كما قلنا – في الابتعاد عن كل ما يُثيرك من صور، من مواقع، من أماكن الشبهات والفواحش، واحرصي دائمًا – أكرر – الانحياز إلى زميلاتك من الطالبات، واجعلي التعامل معهنَّ، فإذا اضطررت إلى التعامل مع الدكتور الرجل أو غيره من الرجال فتجنّبي الخلوة، وتجنبي الخضوع في القول، وتجنّبي إطالة الكلام فيما لا فائدة منه، فإن الكلام ينبغي أن يكون معروفًا، ينبغي أن يكون بمقدار، ينبغي أن يكون بلا خضوع، ونعتقد أنك ولله الحمد تعي هذه الأمور، وهذا واضح من خلال هذا السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على الثبات، وأن ييسّر للأمّة أمرها حتى تُباعد بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، فإن الذين ليسوا على الإسلام (الغرب) أدرك خطورة وجود الذكور مع الإناث، لذلك بدأوا في إنشاء جامعات للبنات وحدهنَّ وأخرى للشباب، فنسأل الله أن يهدي القائمين على أمر أمتنا حتى ينبهوا لهذه المخالفة الشرعية.
نسأل الله لنا ولك ولهم التوفيق والسداد.