السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ سنة، وأقيم مع زوجي في بلده بعيدًا عن أهلي، زوجي طيب القلب حنون، يساعدني في البيت، ولا يكسر بخاطري، ولكنني اكتشفت أنه مدمن على القمار، بل وحتى سبب لنا ضررًا ماديًا كبيرًا، وتسبب في فقداني لعملي، مع العلم أني مضطرة للعمل لكي أشعر بالأمان وأساعده.
إدمانه على القمار تسبب في كذبه المستمر علي، ولم أعد أثق به أبدًا، لا أصدقه، ولا أشعر بالأمان معه، وصل به الحد إلى اقتراض أموال بالربا للمقامرة بها، وحين خسرها أخذ أموالاً بدون حق، وتسبب ذلك في مشاكل كثيرة بيننا، هو يقول إنه نادم ويبكي، ولكني لم أعد أصدقه، وتعبت من كذبه، ومن تذكيره المستمر بالتوبة وبالصلاة (مع العلم أنه تارك لصلاته).
عمري 36 سنة، لم يرزقنا الله بأطفال بعد، وأفكر في الطلاق، وعائلتي في دولة أخرى، وعائلة زوجي لا تساعدني، بل بالعكس! أفكر في الطلاق في اليوم ألف مرة، ثم عندما أتذكر لين قلبه، ولطفه عند مرضي وحزني، وخاصة لطفه مع أمي وأبي أتراجع.
أيضًا أخاف أن أسبب حزنًا لعائلتي إذا تطلقنا، الرجاء النصح والإرشاد لقد تعبت، ولا أعرف ما هو الحل المناسب؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة-، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: الزواج المستقر -أختنا- هو ما يؤسس على معايير ثابتة، قد بينها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكد على أن عماد البيت الآمن لمن أراد سعادتي الدنيا والآخرة متمثل في أمرين:
– صحة التدين.
– متانة الأخلاق.
وزوجك الذي تتحدثين عنه مع ما فيه من صفات جيدة كاللين والحلم والإحسان إليك، إلا أن عنده مشكلة خطيرة متمثلة في أربعة أمور:
– ترك الصلاة.
– لعب القمار.
– الكذب.
– أكل المال بالباطل.
وهي مشاكل تحتاج إلى تفكير عميق، وتوازن دقيق بين خير الخيرين وشر الشرين.
ثانيًا: حتى يكون التوازن دقيقًا لابد أن نضع في الحساب ما يلي:
1- صفاته الحسنة.
2- إمكانية إزالة الشر ولو تدريجيًا.
3- النظر بعين الواقعية للقرار بعد ذلك بعيدًا عن العاطفة، فأنت شابة وحاجتك للزوج قائمة، وبعض أخواتنا يظنون بأنهن بعد الطلاق مباشرة سيختارون ويتخيرون من المتقدمين أفضلهم وأحسنهم، لكنهم يصطدمون بالواقع، فالزواج الثاني أختنا ليس ميسرًا كما يظن البعض، ولذا قلنا: علينا النظر بعين الواقعية بعيدًا عن المثالية أو العاطفة، بل لا بد من المقارنة الدقيقة والموازنة العميقة بين الخيارين.
ثالثًا: الزوج من خلال حديثك ليس منكرًا للصلاة، بل ربما يتكاسل عنها، وكذلك ليس راضيًا عن سلوكه في القمار، وقد أبدى ندمه على ذلك، وإذا كان الأمر كذلك فإن إصلاحه أولى من فقده، سيما وفيه تلك الخصال الحميدة.
رابعًا: إننا ننصحك -أختنا- بوضع خطة محكمة لإصلاح زوجك، واستنفار كل طاقتك ومكانتك عنده في ذلك، ويعينك على النجاح ما يلي:
1- إيجاد صحبة صالحة لزوجك تصارع الصحبة الفاسدة، فإن هذا أعون لك على النجاح.
2- تعميق الحوار بينكما والحديث معه في تلك المشاكل بصيغة من تريد النجاة لزوجها لا من تريد إظهار أخطائه وتقزيمه أمام نفسه، فالرجل -أختنا- مهما كان ودودًا لا يحب أن يكون في تلك الدائرة المهينة، لذا عليك الحديث معه واستثمار اقتناعه بعد جدوى القمار، وعدم رغبته في ترك الصلاة، ووضع خطة إنقاذ مشتركة بينك وبينه، على أن يكون شريكًا لك في تلك الخطة، قوامها: المحافظة على الصلاة، وترك القمار، والابتعاد عن الصحبة الفاسدة، واستبدالها بالحسنة.
3- إظهار تقديرك له واحترامك إياه، مع المبالغة في إظهارمودتك، والحرص على الاهتمام بكل شؤونه وتفاصيل حياته، نريده أن يستشعر أهمية وجودك في حياته، وأن الحياة بدونك قد تكون مستحيلة، هنا سيكون أحرص عليك وأرضى لك وسيساعده ذلك في الاهتمام بإصلاح نفسه، لا سيما إذا وجد منك تشجيعًا وتحفيزًا واهتمامًا زائدًا.
4- القبول ابتداءً بالحد الأدنى والتغافل عن الهنات الصغيرة مطلوب طالما الزوج سائر في الإصلاح.
5- استغلي وجوده في البيت للصلاة بك إمامًا، أو أن يقرأ معك بعض صفحات من القرآن، أو أن تسمعوا سويًا محاضرة على أن يكون ذلك بعضًا من الوقت حتى لا يستثقله.
وأخيرًا: الدعاء له بالهداية والصلاح والصبر عليه حتى يتجاوز تلك المحنة على خير.