السؤال
السلام عليكم حياكم الله وبركاته.
أنا فتاة في 26 من العمر، أتممت دراستي الجامعية منذ سنتين، بطبعي أنا إنسانة شغوفة بعدة مجالات؛ إذ لم يكن تخصصي الجامعي محبباً لي بدرجة كبيرة على المستوى العملي، فحاولت بعد التخرج العثور على مجال آخر يكون أقرب إلى نفسي فأتعلمه وأعمل به، علاقتي بالجانب الديني كما أحسبها جيدة، والله أعلم.
أشتغل حالياً كمعلمة قرآن، ولي نشاطات علمية أخرى.
مشكلتي ربما كانت متواجدة معي، ولم أنتبه لها من قبل، لكن خلال هذين العامين بالذات انتبهت إلى أني كثيرة الشكوى من ألم الرأس بعد أي تفكير طويل، أو إذا تحدثت إلى شخص مثلاً عن فكرة أريد تطبيقها، وكانت الفكرة في طور النضوج عندي، وليست كاملة، يعني لا زالت لم تكتمل في ذهني، فإذا حدث وأن هذا الشخص لم يفهم القصد من كلامي تماماً أجدني في عصبية وعدم رغبة في إتمام الكلام.
كذلك يحدث عندي ألم شديد في جوانب الرأس يستمر إلى وقت طويل، وربما أبدأ في البكاء بعدها، مع الإشارة إلى أن سبب عدم فهم ذلك الشخص لِما أردت قوله هو عدم توضيحي أنا لما أريد السؤال عنه.
أحس وكأني أخرج تلك الأفكار كلها مبعثرة أمام الشخص الذي أتكلم معه، وأتوقع منه بالمقابل أن يفهم قصدي، حالتي كمن يفكر بصوت مرتفع.
حالتي هذه ليست دائمة، في عموم أوقاتي يصفني من حولي بالفتاة الهادئة رزينة الكلام، لكن حين يحدث هذا الأمر معي أكره نفسي وأستغرب حقاً كيف وصل بي الأمر هكذا.
أريد أن أعرف ماذا يحدث معي؟ وهل تتطلب حالتي زيارة لطبيب نفسي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: نحمد الله الذي أنعم عليك بتدريس القرآن الكريم، و(خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه)، وإن شاء الله يكون ذلك صدقة جارية، وما أعظمها من صدقة.
ثانيًا: لا بأس من البحث عن عمل آخر، لكن لا يكون على حساب مهنة تدريس القرآن، أي: الانصراف الكلي لعمل آخر والبعد تمامًا عن هذه المهنة الشريفة، فيمكن للإنسان أن تكون له مهنة أساسية ثم تكون له أعمال أخرى يمارسها بغرض أن تدر عليه بالمال أو بغرض أن يجد فيها نفسه، وبذلك ترتفع معنوياته ونفسيته بهذا العمل.
ثالثاً: بالنسبة للتوتر الذي ينتابك والذي يُسبب الصداع أحياناً؛ فهذا يعتبر ردة فعل للموقف الذي يحدث في حالة عدم فهم الآخرين للفكرة التي تريدين طرحها، والواضح أن هناك مبالغة في ردة الفعل وتهويل للموقف، فالأمر يكون عاديًا للطرف الآخر، وربما تكون المسؤولية مشتركة بينك وبين الذين تشاركيهم الحديث، أي أن عدم الفهم ليس بسبب تعبيرك أنت فقط، فهناك بعض الناس يحتاج إلى تكرار أو إلى مفردات لفظية معينة، كي يفهم، والبعض الآخر فهمه واستيعابه بطيء بطبيعة الحال، والبعض أيضًا ربما يكون غير مركز أو منتبه لحظة الحديث.
كذلك الناس مستويات في عملية الفهم، فلا تتحملي المسؤولية وحدك، فأي رسالة هي بين مُرْسِلْ ومستقبل، فينبغي التركيز على محتوى الرسالة، والوسيلة التي تنتقل بها، سواء كانت لفظية أو غير لفظية.
وهناك طرق عدة يعرفها التربويون والإعلاميون ربما تساعدك في حل المشكلة، فحاولي البحث عنها وتطبيقها أو التدريب عليها.
أما بالنسبة للجانب النفسي فحاولي التحدث بنبرات هادئة ومريحة بعد تنظيم أفكارك، وأن تأخذي نفسًا عميقًا بين الجملة والأخرى، ولا تستعجلي الكلام، واستخدمي الأمثلة، فربما يساعد ذلك في استيعاب الطرف الآخر لما تريدين توضيحه.
الأمر ليس بالأمر الصعب، إنما يحتاج منك إلى تدريب، ويحتاج منك أيضًا إلى التفكير في محتويات الكلام الذي تريدين أن توصليه بشكل جيد لمستمعك.
والله الموفق.