استشارات

لم أجد تفسيرا للدوخة التي أشعر بها، فهل هي بداية سرطان؟

السؤال

السلام عليكم

أولا: أود أن أشكركم على جهودكم المبذولة جعلها الله في ميزان حسناتكم -إن شاء الله-.
أعاني منذ 4 شهور تقريباً من دوخة، وثقل بالرأس لا يصاحبها دوار ولكنها مستمرة من الصبح إلى الليل، زرت طبيب القلب، والعيون، والأذن والأنف والحنجرة، كل شيء سليم، وعملت تحليلاً لفقر الدم والغدة، النتائج كلها سليمة، ما عدا فيتامين (د) منخفض، أتعبتني الدوخة، وأدخلتني في دوامة من الخوف والتوتر والقلق الدائم.

كل الأطباء يقولون الشيء ذاته: إن الدوخة نفسية، ولا ينصحونني بالذهاب إلى طبيب المخ والأعصاب، فذهبت إلى طبيب الأسرة، وبعد الكشف بالإيكو تبين أن عندي عرق الخباط، وأن كل الذي أشعر به هو حالة نفسية، شككت بكلام الأطباء، وصرت أذهب كل يوم عند طبيب؛ بسبب الخوف، والجميع كلامهم موحد ويقولون الشيء ذاته، ويصفون لي دواء (سولبيريد) ولكن دون جدوى.

منذ يومين تطورت عندي الحالة، واشتدت، وصرت أشعر بشد على الرأس متقطع ولكن دون ألم، بحثت على الإنترنت وتبين أنه أعراض سرطان وأورام في الرأس وغيره، ومنذ ذلك اليوم وأنا خائف، أتعبني التفكير والتوتر، أرجوكم ما العمل؟

 

 

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: أنا شخصيًّا مرّت عليَّ حالات كثيرة تكون الدوخة فيها هي العرض الرئيسي ولا يوجد أي مرض عضوي، ونجد الإنسان الذي يشتكي من هذا النوع من الدوخة المصحوب بثقل الرأس وربما بعض أعراض القولون في بعض الأحيان لديهم دائمًا توترات داخلية، لديهم الميول للكتمان، ممَّا يُؤدي إلى احتقان نفوسهم، ولذا تعتبر هذه الحالات حالات نفسوجسدية.

وأذكرُ أن أحد الإخوة قد تمّ تحويله لي من أحد الزملاء الأطباء المتميزين في الأنف والأذن والحنجرة؛ لأنه كان يشتكي من دوخة، وقد قام الطبيب بفحصه تمامًا ولم يجد إلَّا شمعًا بسيطًا في أذنه اليُسرى، لكن لا يُفسّر تلك الدوخة أبدًا، وبالفعل بعد أن جلسنا معه جلسات نفسية دعوناه يُعبّر عن ذاته ويعيش نمط حياة جديد، ينظم وقته، يمارس الرياضة، يمارس التمارين الاسترخائية، يجعل لحياته معنى، بعد ذلك الحمد لله تعالى تحسّن كثيرًا.

فأنا أرى أن حالتك قد تكون مشابهة لحالة هذا الأخ، وعليه أرجوك أن تُغيّر نمط حياتك، أن تجعله إيجابيًّا، أن تتجنب السهر إن كنت من الذين يسهرون، وأن تنام مبكِّرًا، حتى تسمح لأعضائك الجسدية بأن يحدث فيها ترميم كامل، لأن النواقل العصبية الدماغية الإيجابية تكون أكثر فعالية في أثناء الليل وعند النوم المبكّر، وكذلك عند البكور في الصباح.

والإنسان حين ينام مبكّرًا يستيقظ نشطًا ويؤدي صلاة الفجر في وقتها، وهذه هي البداية الحقيقية للحياة في اليوم.

وعليك -أيها الفاضل الكريم- بأن تتجنب الفراغ، أن تدير وقتك بصورة جيدة، هذا يجعلك تصرف انتباهك عن هذه الأعراض، وممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءًا أصيلاً من حياتك. ضع أهدافك في الحياة، وضع الآليات التي توصلك إليها. مارس تمارين الاسترخاء، تمارين التنفّس المتدرجة على وجه الخصوص ستكون مفيدة جدًّا لك، وإسلام ويب وضعت استشارة رقمها (2136015) أوضحنا من خلالها أهمية تمارين الاسترخاء وكيفية ممارستها، علمًا بأنه أيضًا توجد برامج جيدة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

أيها الفاضل الكريم: عليك بالتواصل الاجتماعي الإيجابي، عليك بالاجتهاد في عملك، عليك أن تكون عضوًا فاعلاً في أسرتك. وأرجو أن تعبّر عن ذاتك، ألَّا تحتقن، ألَّا تكتم، لأن كل هذا قد يُعبَّر عنه في شكل أعراض نفسوجسدية كظهور الدوخة مثلاً.

فأرجو أن تطمئن، ليس بك سرطان أو أي واحد من هذه الأمراض، نسأل الله تعالى أن يحفظكم ويحفظنا جميعًا، الأمر كله يدور حول قلق نفسي داخلي مقنّع، ظهر في شكل أعراض جسدية، وأهم عرض لديك هو الشعور بالدوخة.

أيها الفاضل الكريم: الـ (دوجماتيل Dogmatil) لا بأس به، وهو الـ (سولبيريد Sulpiride) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا وخمسين مليجرامًا مساءً، لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا في الصباح لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله. لكنّ الدواء الأساسي لعلاجك سيكون عقار (سيبرالكس Cipralex) والذي يُسمّى علميًا (اسيتالوبرام Escitalopram) وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراماً، أي تبدأ بخمسة مليجراماً يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها حبة كاملة -أي عشرة مليجراماً- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنقصها إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

ويوجد دواء ثالث يُسمّى (نوتروبيل Nootropil) واسمه العلمي (بيراسيتام Piracetam) هذا دواء جيد لتنشيط الدورة الدموية الدماغية، ممَّا يزيد من الفعالية، ويُساعد أيضًا في علاج مثل هذه الحالة، تتناول البيراسيتام -أي النوتروبيل- بجرعة أربعمائة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم أربعمائة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

كلها أدوية بسيطة وسليمة، وخفيفة جدًّا، وليس لها آثار جانبية مزعجة، وهي جزء من العلاج وليست كل العلاج، الجزء الأساسي من العلاج هو الإرشاد الذي ذكرته لك سلفًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499