السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب، عمري 30 سنةً، أعيش مع أهلي، وهم يكرهونني؛ لأنني أفضل منهم، فوالدي كان يحسدني ويضربني لكي لا أستقيم وأصبح إماماً، وأمي والبنات وضعن لي شيئاً في الأكل أيام البكلوريا، فمرضت بالفصام، ولم ألتحق بكلية الطب، وأضاعوا علي استقامتي ومستقبلي.
أنا الآن أصلي، وأخلاقي جيدة، ومريض بالفصام، وعمري 30 سنةً بلا عمل، وغير متزوج.
أسرتي حطمتني، فلم أعد أرغب في الحياة، همهم الوحيد أن لا أكون سلفياً، أو أفضل منهم في العلم، وأن لا أصبح عالماً.
أنا لا أكلمهم إلا نادراً، ولكن لا أرفض طلباتهم في الذهاب للسوق، تراجع مستواي الدراسي، مما أثر علي وعلى دراستي، وفرضوا علي تخصصاً لا أحبه، فلم أتحصل على علامات جيدة فيه، أنا محطم، فكيف أصلح نفسي وأبدأ من جديد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر لك -أخي الكريم، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: أنت ذكرت أنك تعاني من مرض الفصام، ولا شك أن أحد المكونات الرئيسية لمرض الفصام هو وجود شكوك وظنانات، فيا -أيها الفاضل الكريم- يجب أن تتناول علاجاً دوائياً، فالفصام يعالج دوائياً كعلاج رئيسي، وتوجد -بفضل من الله تعالى- أدوية فاعلة جداً الآن، منها عقار أولنزابين، ودواء آخر يسمى رسبيريدون، وثالث يسمى اريببرازول، ورابع يسمى هلبيردون وهكذا، قائمة طويلة جداً من الأدوية الجيدة والمفيدة، لكن من الأفضل أن يصف لك الطبيب الدواء.
وفيما يتعلق بما ذكرته من أن أهلك يكرهونك، وأن والدك يحسدك؛ هذا الكلام -أيها الفاضل الكريم مع احترامي وتقديري لشخصك الكريم لا يمكن أن يكون صحيحاً، أنا طبعاً أتعامل مع الأمور باحترافية وشفافية، وحتى أكون منصفاً لك ولأسرتك الكريمة أقول لك: إن وطأة المرض وتكالبه عليك أصابك بإجهاد نفسي، وجعلك تفكر على هذا النمط؛ لأن محبة الآباء والأمهات أبناءهم أمر غريزي، أمر فطري وجبلي، ولا يمكن لوالدك أن يحسدك.
الضرب قد يوجد في بعض الأسر كمنهج تربوي، ونحن لا نقره أبداً في جميع الظروف، الشيء الذي استنتجته من رسالتك أن أسرتك ربما تكون متخوفة عليك فيما يتعلق بمنهجك الديني، أن لا تكون متشدداً، أن لا تكون متنطعاً مثلاً، ربما يكون هذا الذي يقصدونه، لكن أن تكون على طريق الدين الصحيح، وأن تكون على طريق المحجة البيضاء، وأن تكون مسلماً ملتزماً، ليس لأحد الحق أن يمنعك من الأداء، بل يجب أن يشجعوك، وأنا أنصحك أن تجالس العلماء الذين تطمئن لهم، جالس إمام مسجدك، جالس من تراه جيداً من العلماء وهم كثر؛ وهذا سوف يجعل الأسرة تطمئن أكثر حين تكون مع عالم مشهود له بالعلم والمعرفة والصلاح.
اجتهد في دراستك، فكل التخصصات من وجهة نظري ممتازة إذا تميز الإنسان فيها، عليك بالإجادة، عليك بالاجتهاد، وعليك أن تطرد هذه الأفكار التي تساورك حول أسرتك، وأنا متأكد من أن تناولك لأحد الأدوية الفعالة سوف يساعدك كثيراً، عليك بالصحبة الطيبة، عليك ببر والديك، ويجب أن تحسن إدارة وقتك، وأن تمارس الرياضة، وأن تتجنب السهر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.