السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا محمد طالب جامعي بكلية الأسنان، وأنا الآن في السنة الثالثة.
منذ دخولي للجامعة تغيرت كثيرا، ولم أجد الطريقة الأفضل للدراسة، وذلك تسبب لي بالكثير من المشاكل منها ازداد وزني؛ لأني لجأت إلى الأكل الشره للتهرب من الواقع وغيرها من المشتتات والعادات السيئة الأخرى مثل استماعي للأغاني، وتضييع الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب.
من الأشياء الأخرى التي قامت بزيادة هذا الشعور بعدم الراحة وأني أصبحت شخصا مهملا هو أني بدأت بمقارنة نفسي أيام الثانوية بوضعي الحالي، وأنني كنت الأفضل بمدرستي وحصولي على التراتيب الأولى دائما من نصيبي.
أيام الثانوية كنت أستمتع بالعبادة وأركز بالأشياء التي أريدها ولا أخضع للمشتات، وأستمتع بالدراسة والعلم.
أما الآن فأشعر أنني داخل دوامة من الوهم وتضييع الوقت الذي يجب أن أكون فيه في أفضل حالاتي؛ لأن كلية الأسنان لطالما كانت حلم حياتي.
دائما أريد العودة للسابق ولكن أجد نفسي في نفس الحالة.
في كثير من الأحيان عندما أتكلم مع أهلي بخصوص هذه المشكلة يبدأ كل منهم بإلقاء اللوم علي، وأني فقط يجب أن أتوقف عن المماطلة، ولكني أجده صعبا.
على سبيل المثال: عندما أقوم بحضور المحاضرات في الجامعة، يجب علي دراساتها في المنزل، وتخصيص الوقت للرياضة والراحة.
لطالما كان هذا الجدول هو هدفي ولكن أجد نفسي في نهاية اليوم مع الكثير من الدروس المتراكمة، وعدم ممارستي للرياضة، وقد قمت بتضييع وقتي في لا شيء.
أعتذر عن رسالتي المضطربة، وربما غير قد تكون واضحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
الجميل في موضوعك هو أنك تحب تخصصك الأكاديمي، وتسعى إلى النجاح والتفوق فيه، وقد حصل لك ذلك فعلا على مدار السنوات السابقة، وبالتالي فحصول فترة زمنية تشعر فيها بالتعب والفتور هو أمر طارئ على وضعك العام الذي يتسم بالنشاط والسعي نحو الهدف المحدد، وهو التخرج من هذا التخصص الذي تحبه.
قد يكون لهذا الفتور أسباب متعددة، ربما تكون أنت أكثر الناس إدراكًا لها، فقد يمر الشخص بتجربة عاطفية ثم يصاب بالإحباط مثلا، أو قد يصاب بالاكتئاب نتيجة صدمة طرأت عليه، وقد عبرت بنفسك عن هذا الموضوع عندما ذكرت بأنك لجأت لكثرة الأكل هربا من الواقع!
وأخذت تقارن نفسك بأيام الثانوية العامة لتكتشف الفرق بين مستواك الحالي ومستواك السابق وهذا يزيدك إحباطًا، لذلك لا داعي لهذه المقارنة، لأنك لست غبيا، ولكنك تمر بظروف نفسية معينة، بحاجة لجودة تشخيص وطريقة علاج.
وقد لا تحتاج لذلك كله، فقط تحتاج إلى شيء من التحفيز أو الدافعية لتعود إلى وضعك السابق.
الطبيعة البشرية تقتضي أن يمر الإنسان فيها بفترة نشاط وفترات خمول أو ضعف، ولكن من المهم عدم الاستسلام للضعف وأفكاره السلبية، وإنما يتم استثمار هذا الضعف في الحصول على قسط من الراحة، وقد روى الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو مرفوعا: “لِكُلِّ عملٍ شِرَّةٌ، ولِكُلِّ شرَّةٍ فَترةٌ، فمن كانَت فَترتُهُ إلى سنَّتي، فَقد أفلحَ، ومَن كانت إلى غيرِ ذلِكَ فقد هلَكَ” الشرة: شدة النشاط، الفترة: الفتور وضعف النشاط. وهذا يشمل العبادات والعادات، وقد ذكرت في ثنايا حديثك ضعفك في العبادات أيضا.
قد تتساءل: هل يعقل أن يستمر الفتور طوال سنة كاملة؟
والجواب: لا، فالفتور يأتي لفترات قصيرة ومحدودة، تشبه فترة استراحة المحارب من تعب القتال، أو استراحة المسافر من السفر، ولكن ما يحصل هو أن الشخص يعتقد بأنه أصبح شخصا لا نفع فيه، وتهجم عليه الأفكار السلبية فيصاب بالإحباط فلا يواصل السير ولا يتقدم إلى الهدف الذي رسمه له في بداية الطريق، فيظل يراوح مكانه، ويستسلم للفتور!
هذا إذا استبعدنا -بالطبع- الأسباب الأخرى، كالأسباب الصحية كنقص الفيتامينات أو اضطراب الغدد ونحوها.
ربما يفيد البحث عن صديق مجتهد ونشيط تتشارك معه المهام والواجبات البحثية المتعلقة بالتخصص، لعلك تكتسب منه شعلة النشاط مرة أخرى.
من المهم عودتك لترتيب جدولك مرة أخرى، ومحاولة الالتزام به، وممارسة التمارين الرياضية، فهي وإن كانت مرهقة بدنيا، إلا أنها مفيدة نفسيا.
أيضا يمكنك اللجوء إلى المقاطع التحفيزية على اليوتيوب وهي كثيرة لتكتسب منها بعض الحماس والدافعية.
وأعظم سبب للدافعية هو طلب العون من الله تعالى، (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، فمن توكل على الله كفاه، ومن لزم بابه أعطاه.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.