السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا بنت من الجزائر، عمري 21 سنة، أدرس بكلية الطب العام الثالث، راودتني رغبة لأترك الدراسة بسبب ضغوطها المتراكمة عليّ، كما أنني كلما حاولت أن أجتهد تراجعت بخطوات للوراء، وفوق ذلك لم أعد أرى أن في الدراسة هدفا نبيلا، بل هي معصية، خاصة أن جامعاتنا مختلطة وفيها من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، وقد نجحت في التقرب إلى الله واللجوء له وحده، وحسنت من لباسي فارتديت الجلباب بعد عناء وصراع مع أهلي، والآن بعد قراري ترك الدراسة والذي لم أكن لأصر عليه إلا بعدما أيقنت أن عمل المرأة ودراستها في الاختلاط تناقض شرعنا.
أعاني من ضغوطات شديدة من طرف أمي وأبي وأخوتي وحتى عماتي وخالاتي، وكل من يسمع بالقصة يهب لينصحني، وفي كل مرة يجتمع الناس لنصحي، والأدهى من ذلك أن أمي مرضت بشدة بعد أن أخبرتها، وأصبحت تعاملني بالسوء رغم أني أستمر في الإحسان إليها.
الضغوط تراكمت عليّ، وأنا بين أمرين خيرهما شر: أن أترك الدراسة وأتعرض لقسوة الأهل وكلام الغير، وكما يقولون سأضيع مستقبلي، أو أن أعود للدراسة في الاختلاط والفساد وضغوط الدروس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حرصك على الدين والخير، ونسأل الله أن يرزقك حسن القصد وحسن الفهم، وأن يُصلح الأحوال، ويُحقِّق في طاعته الآمال.
لا شك أن الاختلاط بليَّة بُليتْ بها الأمة، ونسأل الله أن يرد الجميع إلى شرعه الحنيف، وأعتقد أن دور أمثالك من الصالحات كبير؛ فلن تخرج من هذا الحرص إلَّا إذا تخصصت فتيات صالحات متحجّبات ومنتقبات في الطب وفي كل المجالات التي تحتاجها بناتنا وأخواتنا، ورغم اتفاقنا معك إلا أن الأمر ليس سهلاً، ولكننا نؤكد أن هناك صالحات مُصلحات منتقبات درسن الطب وتخصصن ونفع الله بهنَّ.
ونحن ندعوك إلى أن تتمسكي بحجابك وبدينك، وتبتعدي عن مواطن الرجل جهدك، مع ضرورة أن تحرصي على إكمال دراستك، واعلمي أن الفتاة المحجبة تجبر الجميع على احترامها، ولا يمكن للرجل أن يقترب من المرأة إلَّا إذا وجد فيها تفريط وتهاون، قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يُعرفنَ فلا يُؤذين} يعني: يُعرفن بأنهنَّ العفيفات الطاهرات.
وهذه قصة فتاة يهودية متبرّجة تعرض لها زملاؤها من الرجال، فقررت أن تحلق شعرها مثل الشباب، ولبست مثل ثيابهم، فازدادوا عليها تسلُّطًا وتحرُّشًا، فلبست النقاب، ومرَّت بهم، فأفسحوا لها الطريق احترامًا وتوقيرًا، فدخلت في الإسلام.
وعليه فنحن ندعوك إلى مزيد من الالتزام والاحتشام مع ضرورة العودة لإكمال مشوارك العلمي، حتى ترفعي الحرج عن المسلمات وتسدّي ثغرة من ثغور الإسلام، وسوف يتحقق لك بذلك بر والديك ورضاهم، ونحذّرك من التأخُّر في مجال الدراسة لما سوف يجلبه عليك من الندامة مستقبلاً.
أمَّا مسألة المستوى العلمي فسوف يتحسّن بتوفيق الله أولاً بتنظيم وقتك، وبتغيُّر الأفكار السالبة التي تطاردك، وأرجو أن تقولي لوالديك سوف أعود لدراستي وساعدوني على طاعة ربي والالتزام بحجابي، وأكثروا لي من الدعاء، فدعاء الوالدين أقرب للإجابة.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.