السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة أدرس في كلية الصيدلة، وأحب أن أنشر العلم في سبيل الله، وكسب أجر زكاة العلم، فهل تعتبر نشر الدراسة الجامعية زكاة العلم؟
كنت من الأوائل -ولله الحمد- في كل مسيرتي الدراسية، والآن أصابني الوهن والضعف، وهناك خلايا متمددة في دماغي ولا أستطيع الدراسة من شدة الصداع والتشويش، لكن لا أفكر كثيرا بالألم، وأغلب صديقاتي اللاتي كنتُ أساعدهن في الدراسة تخلين عني، ويدعين أني لا أساعدهن، فكيف أتصرف معهن؟ علما أني أساعدهن كلما طلبن ذلك عندما كنت بصحة جيدة.
هل أجاهد نفسي وأقوم بتدريسهن في سبيل الله؟ الآن أنا بحاجة إليهن، ولكني لا أطلب المساعدة، وهن على علم بذلك، كيف أتعامل مع ابتلائي؟ كنت -ولله الحمد- من الأوائل، ولم أجحد ولم أتكبر يوما، والآن أطلب النجاح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- . نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء. كما نسأله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، ويكتب لك النجاح والتفوق.
وقد أصبت – ابنتنا الكريمة – فيما قمت به من إعانة زميلاتك بما يحتاجونه منك من التعليم، وإن كان ذلك ليس واجبًا شرعيًّا تأثمين بتركه، ولكنَّه عملٌ عظيمٌ، وقد رتَّب الله تعالى عليه أجرًا عظيمًا، وقد سمَّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الإحسان إلى الناس بكل أنواع الإحسان، سمَّى ذلك (صدقة)، فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم: (تَعْدِلُ بين الاثنين صدقة، وتُعينُ الرجل في دابَّته فتحملُه عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكلُّ خُطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة)، وهكذا في أحاديث كثيرة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنواعًا من الإحسان إلى الناس وسمَّاها (صدقة).
فكلّ ما تقومين به من إعانة لزميلاتك من نشر للعلم النافع – سواء العلم الديني أو الدنيوي – فإنه صدقة من الصدقات، احتسبي أجرك عند الله تعالى، وستجدين ثوابه، فإن الله لا يُضيع أجر مَن أحسن عملاً.
ولا تنتظري جزاءً ولا شكورًا من أحدٍ من الناس لما تقومين به من الخير، ولا تضيق نفسُك وينقبض صدرُك إذا وجدتِّ من الناس الجحود والنكران، فإن هذا هو الغالب في أحوال الناس، فإن أكثر الناس لا يشكرون ربَّهم سبحانه وتعالى، مع عظيم إنعامه عليهم، وهذه حقيقة مُقرّرة في كتاب الله تعالى، فكثيرًا ما يذكر الله تعالى إنعامه على الناس وفي الوقت نفسه يقول سبحانه وتعالى: {وقليلٌ من عبادي الشكور} وإذا عوّدتِّ نفسك الإحسان إلى الناس ابتغاء الثواب من الله فسيهون عليك بعد ذلك ما تجدينه منهم من الجحود والنكران.
وأمَّا ما تفعلينه مع زميلاتك الآن في وقت ضعفك، فينبغي أن تحرصي على نفعهنَّ بما تقدرين عليه، إذا قدرتِ على فعلِ شيءٍ فبادري إليه محتسبةً أجرك وثوابك عند الله، وإذا لم تقدري على شيء فسبحانه (لا يُكلِّفُ اللّه نفسًا إلَّا ما آتاها) ولا حرج عليك ولا جناح في أن تطلبي من زميلاتك الإعانة بما تحتاجين إليه، فإن فعلنَ فالحمد لله، وإن لم يفعلنَ فسيتولى الله تعالى عونك وتيسير أمورك.
أمَّا البلاء الذي نزل بك فإن طريقة التعامل معه تتمثّل في النصائح التالية:
أولاً: أن تقابليه بالصبر والاحتساب، فإن الله تعالى يُجزي الصابرين بغير حساب، والبلاء قد يجرُّ للإنسان من الخيرات ما لم يَدُر في خلده، والله تعالى إذا حبَّ عبدًا ابتلاه.
ثانيًا: خذي بالأسباب لدفع هذا القدر (البلاء) بالتداوي والحرص عليه، وفوضي أمورك إلى الله تعالى، فإن لكلِّ أجلٍ كتاب، فحين يأتي الأجل الذي قدّره الله تعالى لرفع هذا البلاء عنك سيُرفع وسيزول، وسيبقى لك الثواب والأجر الجزيل الذي رتَّبه الله تعالى على هذا البلاء والاختبار.
نسأل الله تعالى أن يُوفّقك لكل خير.