السؤال
السلام عليكم
كان لدي صديق دامت علاقتي به تسع سنوات، وكان صديقًا صالحًا، ويساعدني بأمور كثيرة، لكن حدث سوء فهم وللأسف تخاصمنا، لكن لا زلت أريد صداقته، واعتذرت له، وقد سامحني، لكنه لا يريد أن يرجع العلاقة.
حالتي تزداد سوءًا؛ لأني أحس بالذنب، وأحس أني غلطت عليه، ولأجل ذلك أشعر بأني أعاقب وأتألم، وأحلم أحلامًا وتفسيرها أن صداقتنا سترجع لكنها لم ترجع، حاولت نسيانه، لكن سبحان الله يأتي شيء يذكرني به مثل: مكان كنا نلعب فيه ونحن صغار، ومهما حاولت تكوين أي علاقة صداقة من بعد تخاصمنا للأسف تفشل، وتنقطع، ويتركونني لسبب مجهول، وحتى دراستي تدهورت، لكني طالب متفوق، ومع ذلك مهما أجتهد أفشل.
استفساري، ماذا أفعل لأرجع العلاقة؟ وهل ظلمي لصديقي هو سبب ما أعانيه في حياتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلاً بك -أخي الكريم، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يصلح ما بينك وبين أخيك، وأن يكثر لك من إخوان الصلاح والدين.
وبخصوص ما تحدثت عنه -أخي-، فاعلم -بارك الله فيك- أننا نتفهم حديثك، ونعلم يقينًا الألم الذي حل بك جراء ابتعاد أخيك عنك، خاصة مع ما ذكرت من صلاحه وحرصه.
فلا شك أن مثل هذا الصاحب هو من يحرص المرء على أخوته؛ ليحظى بأجر المحبة في الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل في الحديث القدسي: (حقّت محبتي للمتحابين فيّ، وحقّت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقتّ محبتي للمتناصحين فيّ، وحقّت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ)، وهذا فضل عظيم وأجر كبير، ينقل مسألة الصحبة من مجرد العلاقة العادية إلى عبادة يتقرب صاحبها إلى الله تعالى، ولم لا والصحبة الصالحة أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله، فقد صح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه…).
فإذا أضفنا إلى ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: (المُتَحابُّونَ في جَلالي لهم مَنابِرُ مِن نورٍ، يَغبِطُهم النَّبيُّونَ والشُّهَداءُ) وكذلك ما قاله الله في الحديث القدسي: (إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابّون بجلالي؟ أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) علمنا مدى فضل الأخوة والمحبة في الله.
وعليه فإننا ننصحك بما يلي:
1- البحث عن المشكلة الحقيقية التي صرفت أخاك عنك، ومحاولة فهم طبيعتها، ومن ثم التعامل معها.
2- الاعتذار مجلب لرفع العتب، لذا نوصيك مع الاعتذار أن توسط من يحترمه صاحبك على أن يكون أكبر سنًا منكما، مثل شيخ المسجد مثلاً، أو مدرس صالح في المدرسة، المهم أن يجتمع في الوسيط التدين مع احترام صاحبك له.
3- أن تكثر من الاستزادة من الصالحين حتى لا تترك فراغًا يؤرقك أو يتعبك، إلى أن يصلح الله ما بينك وبين صاحبك.
4- أن تكثر له من الدعاء، وأن تحرص في صلاتك على الدعاء بالصلاح لكما.
فإن فعلت ذلك ولم تجد منه استجابة، فدعه وعليك بغيره من الصالحين إلى أن يصلح الله قلبه ويعود إليك.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يصلح ما بينك وبين أخيك، والله المستعان.