استشارات

وسواس الموت يطاردني حتى أثناء النوم، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ 6 أشهر كنت أصلي، فدعوت الله أن يأخذني إليه وهو راضٍ عني، فشعرت بتنميل البدن، وتسارع دقات القلب، فقلت: إنه الموت، ففقدت الوعي لجزء من الثانية، وفي اليوم التالي أصبحت أفكر في الموت كثيراً، مع وخز في القلب، وقرقرة، وغازات في البطن.

ذهبت إلى طبيب القلب، وأجرى لي الفحوصات، وكانت النتائج سليمة -والحمد لله-، فبحثت في الإنترنت، فاكتشفت أنها نوبة هلع، أو نوبة قلق، فأصبحت تأتيني على شكل متكرر، والآن خفت حدتها، فأصبحت لا أفكر كما في السابق.

عندما أكون لوحدي، أشعر بوخز في القلب، أفكر أنه الموت، وعند النوم أقول: سوف أنام، ولن أستيقظ، مع كثرة وسواس الموت، والتوتر، وأحياناً وخز في اليد أو القدم، مع عدم التفكير جيداً.

وعند السماع عن موت شخص، يصيبني توتر، وأقول: الآن سوف أموت، وأحياناً أنظر إلى أشخاص، وأقول: هل هذا تفكيره طبيعي؟ هل يفكر في الموت؟ وأنظر إلى الناس فأراهم سعداء، أقول: هل هؤلاء لا يفكرون في الموت؟ أرجوكم ما الحل؟

ولكم جزيل الشكر والتقدير والاحترام على هذا الموقع.

 

 

الإجابــة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: بالفعل الذي حدث لك هو نوبة هلع وهرع، وطبيعة الدعاء الذي دعوت به قد يكون هو السبب في أن الأعراض قد اشتدّت وتكاثرت، وأطبقت واستحوذت، وأصبحت مُلحّة، وأعراض الهلع أو الفزع بالفعل هي مخيفة، خاصة إذا كان العرض الأساسي هو الموت، والشعور بأن المنيّة قد قربت ودنت.

أيها الفاضل الكريم: لا بد للإنسان أن يكون معتدلاً في دعائه، والأدعية المأثورة هي الأفضل، فأرجو أن تراجع كتب الأدعية وتلتزم بما ورد فيها، واحفظ ما شئت منها.

وبالنسبة للهلع والقلق الذي يُصاحبه والمخاوف وكذلك الوسوسة: من أهم وسائل العلاج هو التجاهل، وألَّا يفكّر الإنسان في الأمر، والخوف من الموت يجب ألَّا يكون خوفًا مرضيًّا، إنما يكون خوفًا شرعيًّا، فالخوف المرضي لا فائدة منه أبدًا، يؤدي إلى المزيد من التوتر والوسوسة، أمَّا الخوف الشرعي والذي نقصد به أن الإنسان له قناعة مطلقة بالموت، وأن كل نفسٍ ذائقة الموت، وأن الآجال بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يُؤخره ولا يُقدمه، والإنسان يعيش حياته بقوة وبأمل ورجاء، ويكون نافعًا لنفسه ولغيره، وفي نهاية الأمر: {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}، {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموتُ فيقولَ ربِ لولا أخرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصدقَ وأكن من الصالحين * ولن يُؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها} بمعنى: أن يكون الإنسان مستعدًّا للقاء ربه، ولا يأتيه الموت وهو متلبس بالذنوب والآثام.

أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج لأن تمارس تمارين الاسترخاء بكثافة وتركيز، فإن ذهبت إلى الطبيب النفسي سوف يقوم بتدريبك عليها، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فهنالك برامج على اليوتيوب، توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

يجب أن تسمو وأن تعلو بتفكيرك وتجعله تفكيرًا إيجابيًا ومنطقيًّا، كما أنه من الضروري جدًّا أن تتخلص وتتجنب الفراغ الزمني والفراغ الذهني، بمعنى أن تدير وقتك بصورة صحيحة ومفيدة، ويكون لك أهداف وآمال وطموحات، وتضع الوسائل التي توصلك إلى أهدافك.

كن شخصًا فاعلاً في أسرتك، وبارًّا بوالديك، هذه الوسائل كلها تصرف الانتباه عن قلق المخاوف أيًّا كان نوعه، خاصة نوبات الهلع والفزع.

أيها الفاضل الكريم: أنت تحتاج لدواء، الدواء المثالي والجيد، والذي أثبتت البحوث والتطبيقات العملية أنه الأفضل في نوبات الهلع، هو العقار الذي يُسمَّى (اسيتالوبرام) وهو أصلاً أحد مضادات الاكتئاب الجيدة، لكن اتضح أيضًا أنه مفيد في نوبات الفزع هذه، كما أنه يُعالج الوسوسة والخوف بجميع أصنافه.

الجرعة التي تحتاج لها هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرامات – يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرامات) لمدة شهرين، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم اخفضها إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها بعد ذلك خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أيضًا، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء لا يُسبب الإدمان، وهو دواء ممتاز، ويجب أن تلتزم بجرعته كما هو موصوف.

أيها الفاضل الكريم: تجنب السهر، وعليك بالنوم الليلي المبكّر، مفيد جدًّا في علاج نوبات الهلع والخوف، وطبعًا الإنسان الذي ينام مبكّرًا يستيقظ مبكّرًا، ويؤدي صلاة الفجر في وقتها، ويقول أذكاره، ويتلو ورده القرآني، ثم ينطلق في الحياة، كن على هذا المنوال، وكن على هذا المنهج، وسوف تكون -إن شاء الله تعالى- بخير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

المصدر

طالع أيضا

Related Posts

1 of 499