السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لفتاة في العشرين من عمرها، طالبة جامعية، منذ حوالي ثلاث سنوات ظهر عندها وسواس الوضوء والصلاة، وبدأ يزداد مع الوقت وخاصة في فترة الاختبارات، حيث تقضي وقتا طويلا في الاستنجاء والوضوء قد يصل لساعات، وكذلك في الصلاة تعيد الكلمات والآيات بصورة متكررة، وهذا الأمر أصبح يؤثر على دراستها بشكل كبير.
في أحد أيام الاختبارات النهائية لم تدخل الاختبار بسبب تأخرها في الصلاة لساعة كاملة، بجانب ذلك فهي تعاني من نوبات اكتئاب، وانخفاض تقييم الذات، وشعور بالفشل والدونية، رغم أنها طالبة بكلية الهندسة ومستواها الدراسي جيد.
محاولات الحديث معها بالتوعية والنقاش لا تفيد، والشدة تزيد الأمر سوءًا رغم إدراكها لخطأ تصرفاتها فهي مصرة عليها.
منذ سنتين اكتشفنا إصابتها بمرض هاشيموتو( أجسام مضادة في الغدة الدرقية)، وكان عندنا أمل أن تتحسن بعد بدء علاج الغدة، ولكن الأمر يزداد سوءًا، وعندما بدأ البحث عن حل وجدت أطباء يتحدثون عن ضرورة العلاج الطبي ومراجعة الطبيب، وهذا الموضوع يصعب علينا بسبب نظرة المجتمع للمرض النفسي، فهل يوجد حل لهذه المشكلة عن طريق العلاج السلوكي؟ وما هي الخطوات؟ وإذا كان الدواء ضروريا، فما هو وما هي أضراره؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لهذه الابنة العافية والشفاء.
بالفعل الوساوس القهرية المستحوذة ووساوس الأفعال ذات الطابع الديني تكون معيقة جداً للإنسان، والوسواس يمكن علاجه بل يجب علاجه، هذه الفتاة قطعاً تحتاج لعلاج دوائي يضاف إلى ذلك إرشادات سلوكية، وسوف أصف لها العلاج، وهو علاج سليم جداً يسمى فلوفكسمين، هذا أحد الأدوية المحترمة جداً وغير الإدمانية، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبداً، تبدأ تناول الفلوفكسمين بجرعة 50 مليجراماً ليلاً لمدة 10 أيام، ثم تجعلها 100 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم 200 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى 100 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 50 مليجراماً ليلاً لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
الدواء مهم جداً؛ لأن العلوم الحديثة والأبحاث الطبية النفسية الرصينة أثبتت أن الوساوس القهرية مرتبطة باضطراب كيمياء الدماغ على مستوى مواد تسمى بالموصلات العصبية، ومنها مادة السيرتونين على وجه الخصوص، هذه هي الخطة العلاجية الدوائية وهي مهمة جداً، وتوجد أدوية أخرى كثيرة، لكن الفافرين نسبة لسلامته وفعاليته سوف يفيدها كثيراً.
العلاجات السلوكية بالنسبة للوضوء، أولاً: يجب أن لا تكثروا من النقاش مع هذه الفتاة؛ لأن كثرة النقاش معها يؤدي إلى استحواذ أقوى للوساوس، وهذا أحد الأشياء السيئة جداً في الوساوس القهرية، لكن نحثها على التجاهل وعلى التحقير، وليس أكثر من ذلك، حقري هذه الوساوس، حاولي أن تتجاهليها، وبعد ذلك تقوم بتطبيق برنامج علمي جداً، وهو أن تحدد كمية الماء، لا تتوضأ أبداً من ماء الصنبور، ويجب أن تعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ بكمية قليلة من الماء، حسبها العلماء في وقتنا الحاضر بأنها تقريباً لتر إلا ربع اللتر، هذه الفتاة تحدد هذه الكمية من الماء، أو دعيني أقول لترا من الماء، ثم يجلس معها أحد، شخصك الكريم مثلاً، وتحددي أيضاً كمية الماء بالنسبة لك، وبعد ذلك تتوضأ الفتاة، وفي نفس الوقت تقوم بتصوير نفسها، تضع كاميرا التليفون وتقوم بتصوير فيديو، وتبدأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تغسل يديها وتؤكد على نفسها أنها غسلت يديها ثلاث مرات، وأنت في نفس الوقت تقومين بنفس الشيء، وبعد ذلك الاستنشاق ثم الاستنثار إلى أن ينتهي الوضوء، ويجب أن لا يستغرق هذا الوضوء أكثر من 5 دقائق، أنت تكونين النموذج بالنسبة لها، وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم يكون هو التأصيل لها، والتصوير مهم جداً؛ لأنها حين تعيد مشاهدة نفسها سوف تجد أن وضوءها كان صحيحاً. تكرر هذا التمرين يومياً لمدة أسبوعين، وهذا سوف يقضي تماماً على هذا النوع من الوسواس.
وبالنسبة للصلاة أيضاً أرجو أن تصلي معك لا تصلي لوحدها، وبنفس المستوى سوف تجد أن هذا الوسواس قد انتهى؛ لأن فعالية الدواء سوف تساعد في ذلك، هذه هي العلاجات الرئيسية، وطبعاً نشجعها على إدارة وقتها، وتجنب السهر، ولو قامت أيضاً بتمارين رياضية مناسبة هذا سوف يفيدها كثيراً.
أسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.