السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا خريجة من المرحلة الثانوية بنسبة ممتازة جدًا، معدلي التراكمي 100 %، والقدرات 95 %، أما التحصيلي فلم تظهر نتيجته حتى الآن، وأنا واثقة، في التسعينات علقت أملي في الحصول على بعثة من أرامكو التابعة إلى برنامج السي بي سي، وللأسف لم أحصل على القبول، أطمح إلى الدراسة في الخارج، وإلى تطوير لغتي الإنجليزية, هو حلم وأتمنى أن يتحقق -إن شاء الله-.
قرأت كثيرًا حول التخصصات المطلوبة في المملكة من المنتديات، ووجدت بأن كلام الناس متناقض نوعًا ما، معدلي مناسب لدراسة الطب, وأغلب من استشرتهم من أهلي ومعلماتي رشحوا لي دراسة الطب، بالأخص الطب البشري, أحببت تخصص الجراحة والأطفال، ولكنني أفضل الفهم أكثر من الحفظ , بالإضافة إلى أنني أكره مادة الفيزياء، وحسب معلوماتي فإن دراسة الطب تركز على مادة الأحياء والفيزياء، دراسة الطب لها مستقبل ممتاز، ومرتب عال ومطلوب، وطريقه واضح، ووظيفته محترمة.
أخاف أن لا أدخل هذا التخصص فأندم في المستقبل، وأشعر بأنني ضيعت تعبي وجهدي ودرجاتي في شيء غير الطب, وأخاف أن أدخله وكل ما سوف أكسبه كلمة دكتورة، لقب فقط دون أن أميل لهذا المجال، ولا أعلم إن كنت قادرة على الاستمرار في هذه المهنة، لا أشعر بالميل إليها كثيرًا، ولكنني أرشحها فقط لأنها ترضي تعبي ومعدلي, استشرت البعض وقالوا بأنني سأحب الدراسة عندما أدخل في المجال وأختلط في بيئة العمل، ولكنني أشعر بالارتياح في العزلة أكثر، والطب يحتاج إلى الاختلاط مع الناس.
قرأت أيضا حول تخصص الحاسب، بالأخص تخصص هندسة البرمجيات، أكثر تخصص أشعر أنني أميل إليه عندما أتعمق في القراءة عنه، لكن مشاعري تتبدل في فترة وجيزة، وتتغير نظرتي عند النظر إلى باقي التخصصات، فأحتار أي تخصص أختار.
أخبرتني إحدى طالبات الجامعات وهي متخصصة في هذا المجال, أن الطب ليس أعلى من الحاسب, وهناك وظائف متوفرة لمن درسوا الحاسب, وأنه تخصص جميل جدا، وحينما بحثت عنه كانت النتائج معاكسة لكلامها، النسب المطلوبة فيه أقل بكثير من الطب لأنه مسار علمي وغير صحي, أي أن تعبي يضيع دون جدوى، بالإضافة إلى أن المرتب قليل، والوظائف غير مضمونة بسبب تكدس الخريجين في مجال الحاسب, ومن الصعب جدا الحصول على وظيفة في هذا المجال في الشركات الكبيرة, مثل: أرامكو أو سابك، وفرص الحصول على البعثة الخارجية في هذا المجال ضعيفة جدا.
دراسة الحاسب تعتمد على الرياضيات والفيزياء والكيمياء, الفيزياء فيه تشبه التي درسناها بالثانوية, ويعتمد المجال على الفهم كثيرًا، علما أنني في المرحلة الثانوية درست بعض البرامج التي لهما علاقة بالبرمجة, برنامج الفيجول بيسك وبرنامج NSB, فلدي خلفية بسيطة عن المجال، وعندما أقرأ عنه أو أستمع إلى كلام شخص ما عن التخصص أجد بأنه أكثر مجال ينشرح صدري له، لكنني أخاف أن أدخله ولا أحصل على بعثة خارجية، ولا يمكنني الحصول على بعثة أو دراسة الإنجليزية بالخارج على حسابي بسبب الظروف، وأخاف أن لا أحصل على وظيفة ذات مردود مالي جيد, وأن التخصص للأشخاص الذين لديهم معدلات منخفضة, وبذلك فإن تعبي في الثانوية وفي اختبارات مركز القياس ستكون في الهامش.
وقرأت حول تخصص الجرافيك ديزاين، هو تخصص جميل ومناسب لهواياتي، ولكنني لا أعلم إن كان تخصصا ممتاز، ويتناسب مع تعبي بالسنوات السابقة.
مجال المحاسبة معلوماتي عنه ليست واسعة، كل ما أعرفه أنه يعتمد على الرياضيات والإدارة، وأنه تخصص مطلوب كثيرًا في سوق العمل، ولا أعلم عن الفرص الوظيفية للبنات، ولا أعلم هل يمكنني الحصول على بعثة للدراسة بالخارج في هذا التخصص.
تخصص الرياضيات الاكتوارية، لا أميز الفرق بينه وبين المحاسبة, لكنه تخصص نادر ومطلوب ويعتمد على الفهم.
أتمنى قبل التخصص أن أدرس في الخارج، فالسفر للدراسة بالنسبة لي حلم كبير، وأتمنى أن يتحقق، لكن كيف يمكنني الحصول على بعثة والسفر للدراسة على حساب الدولة؟ ما كان يحفزني على الدراسة والتعب هو زيادة فرصة القبول في الحصول على بعثة خارجية، وتطوير اللغة الإنجليزية، فأنا لا أرغب في الدراسة داخل المملكة مع أشخاص لم يتعبوا كما تعبت، محتارة في كيفية اختيار التخصص المناسب.
مدرستي الثانوية التي تخرجت منها تعد سيئة إلى حد ما، لم أتقبلها منذ اليوم الأول حتى يوم تخرجي، كنت عصبية وأتضايق بسرعة طوال فترة الدراسة، كنت أشعر بأن لا أحد يحبني، وبالمقابل لا أحب أحدا منهم بسبب شعوري بأنني مجبرة على الدراسة في مدرسة لا أريدها ولا أتقبلها، لم أحتمل ذلك مع أن مدة الدراسة كانت ثلاث سنوات فقط, فكيف أدرس وأتخصص ثم أعمل وأبقى على تلك الوظيفة بقية سنوات عمري وأنا لا أحبها؟ لذلك يجب علي أن أسلك طريقي بعناية تامة، ولن أتمكن من ذلك وحدي.
أفضّل الفهم أكثر من الحفظ، وقدراتي عالية في المجالين, أحب الرياضيات والكيمياء، وأرغب بتعلم اللغة الإنجليزية أكثر من بقية المواد, وكما ذكرت فإنني أحببت الحاسب من برنامجي الفيجول بيسك وبرنامج NSB بشكل خاص.
من الناحية الشخصية أحب العمل المستقل في الغالب، ولدي قدرات جيدة في إدارة الأعمال والأشخاص, دقيقة, وأرتاح في العزلة أكثر من الأماكن المزدحمة، لا أستطيع الاختلاط مع الناس بسهولة, لدي القدرة على طرح أفكار جديدة، ربما تفيد هذه المعلومات في مساعدتي على اختيار التخصص المناسب.
لا أريد التمسك بالمثاليات دون فائدة, أرغب في أن أدخل التخصص الذي أشعر أنني أميل له، بغض النظر عن فرصه الوظيفية والمردود المادي وتعبي السابق، لأن من يتخصص فيما يحب سوف يحصل على الوظيفة أينما وجدت, أحتاج لفكر ورأي واقعي يدعمني ويساعدني في اتخاذ القرار.
أعتذر على الإطالة، ولكم جزيل الشكر والتقدير، وأتمنى الحصول على الرد بأسرع وقت ممكن بسبب فتح أبواب الجامعات في هذا الشهر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا بكل هذا، وبعض ما يدور في نفسك حول مستقبل دراستك، وكما يقال “إذا أردت أن تحيّره خيّره” أعانك الله وشرح صدرك لما فيه خيرك وسعادة دنيا وآخرة.
لقد ورد في سؤالك بعض الصفات الشخصية التي تصف طبيعة شخصيتك، وما يمكن أن تحبيه، وما يصعب عليك تقبله، وهذا أمر مفيد جدا.
وعندما نأتي لاختيار التخصص أو فرع الدراسة فبالنسبة للكثير من الناس فإن الأمر بسيط، حيث ربما عندهم رغبة ومنذ الصغر في أن يكون الواحد منهم مهندسا أو معلما أو طبيبا، وبالتالي نراهم يسيرون فيما قرروه ومنذ زمن بعيد.
وفي كثير من الأحيان يتوفق الشخص في تحقيق مراده، ولكن في حالات أخرى قد يعيق طريقه أمر ما كعدم توفر فرع الجامعة المطلوب، أو عدم تحصيل الطالب على الدرجات المطلوبة لدخول الفرع المرغوب.
بينما الكثير أيضا من الشباب، في مثل حالتك، حيث عند الواحد منهم عدد من الميول والرغبات، وقد يجد هذا الشخص نفسه أمام فروع علمية أو أدبية إلا أنه ربما لا يدري عنها الكثير، ولم تدرّس له في المدرسة، وهنا يفيد القيام ببعض الأمور ومنها:
1- تعرفي على الجامعة القريبة منك، وعلى الفروع المتوفرة فيها.
2- قيمي بعض الجامعات من خلال “اليوم المفتوح” الذي تفتح فيه الجامعات أبوابها للزوار من طلاب الثانوية للتعريف بالجامعة والفروع المتوفرة، فاحرصي على هذه الاجتماعات.
3- يمكنك مقابلة أساتذة بعض الفروع الجامعية لتأخذي منهم فكرة جيدة عن فروعهم.
4- يمكنك أيضا الحديث مع بعض طلاب الجامعة سواء من الأصدقاء أو الغرباء.
5- من الطرق التي يستعملها البعض، وخاصة عندما يحتار بين أكثر من فرع، ويشعر أنه راغب بكل هذه الفروع، إلا أن عليه أن يختار واحداً منها، فيمكنه هنا كتابة أسماء هذه الفروع، ومن ثم تصفيتها وحذف ما يستطيع منها مما يستبعد ميله لها، ويفعل هذا مع كل فرع دراسي واحداً واحداً، حتى ينتهي بالفرع الأخير الذي يرتاح له، تسمى هذه الطريقة طريقة الحذف.
6- لقد أصبحت هناك معلومات كثيرة عن الجامعات وفروعها على المواقع الكثيرة على النت، فادخلي واقرئي واسبحي في هذا المحيط.
شخصيا أراك فتاة طموحة وذكية وتريد أن تستفيد وتفيد غيرها، فإذا تمكنت وتوفرت لك دراسة الطب فهو خيار جيد، وخاصة لفتاة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فالحاجة كبيرة، والله تعالى قد أعطاك مواهب وقدرات فحاولي أن تستغليها بالشكل الأفضل.
وفقك الله، وهداك لما فيه الخير والفلاح “اعملوا فكل ميسّر لما خلق له” وإن شاء الله نسمع أخبار نجاحاتك وتفوقك.