السؤال
السلام عليكم
لا أعلم من أين أبدأ، أرجوكم ساعدوني، أشعر بأنني سأنهار.
أنا في عامي الدراسي الأخير، وسألتحق بالجامعة السنة القادمة إن شاء الله.
مشكلتي هي أنّي أعاني من نوبات هلع وبكاء مفاجئة، أجد نفسي أبكي لأتفه الأسباب، كـعدم فهم معلومة معينة مثلا، مع أن الأمر لا يستحق كل هذا، وسط بكائي أتوقف فورا وأمسح دموعي وأتجاهل الأمر وأعود لأدرس.
أفعل هذا لأني لا أريد أن أفكر بهذه الأمور بشكل مبالغ كي لا أصاب باكتئاب، وأحاول أن أفكر بإيجابية، وأن كل شيء سيكون بخير إن شاء الله.
لكن أحس بأن هذا غير طبيعي، وأني أشكو من مرض نفسي، كل يوم أفكر بأنّي لن أحصل على المجموع الذي أريده كما حصل معي قبل عامين (وما حصل هو انّي حصلت على درجة منخفضة في مادتين ظلماً حالت دون حصولي على المجموع الذي أريده).
ومع أنه عامي الأخير أشعر وكأن جبلاً على صدري، أنا أدرس كل يوم، وكل شيئ بخير والحمد لله، لكن ما إن أواجه أدنى صعوبة في فهم أو حفظ معلومة معينة تأتيني نوبة الهلع والبكاء بأني لن أحصل على المجموع الذي أريده، فأبكي كل يوم خوفاً من أن يتكرر لي ما حصل قبل عامين.
والداي يعتبران أحد أسباب القلق الذي لدي، فهما دائما ما يقارنوني بالذين حولي، قائلين: انظري إلى فلانة حصلت على مجموع كذا وأنت لا!!
أصبحت أدرس بطريقة هستيرية فقط لكي أحصل على مجموع أعلى من فلانة حتى لا يوبخوني، حتى أن نوبات الهلع أصبحت تأتي إلي عندما يقوم مدرسي باختباري، فيضيق نفسي، ويكاد يغمى علي، لهذا أصبحت أدرس بمفردي.
أرجو إفادتي بنصائح عملية يمكنني اتباعها بشأن القلق والدراسة.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: يجب أن تثقي في الله تعالى ثم في مقدراتك، فمن الواضح أنك مقتدرة، ومن الواضح أنه لديك الدافعية من أجل الدراسة والنجاح إن شاء الله تعالى.
نوبات الهرع أو الهلع تؤدي إلى نوع من الهشاشة النفسية لدى بعض الناس، ممَّا يجعل الثقة تهتز بالنفس. فأنا أريدك أن تتذكري دائمًا أن رصيدك من الثقة عالي جدًّا، وأنه لديك المقدرات، وأنه لديك المهارات، وكل المطلوب منك هو أن تدرسي بقدر المستطاع، وإن شاء الله تعالى النجاح آتٍ.
ولا تضعي نفسك تحت ضغوط مكثفة، ما يقوله الأهل يجب ألَّا يكون مزعجًا بالنسبة لك، فهم لديهم آمال، ولديهم طموحات، وكل الآباء والأمهات يودّون أن يتحصّل أبنائهم على أعلى الدرجات، فأرجو أن تجدي لهم العذر، وفي ذات الوقت اسعي لأن تصلي إلى ما تقرّ به أعينهم.
تحتاجين لشيء لتنظيم الوقت، هذا أمرٌ مفروغ منه، ولا تسهري كثيرًا؛ فالسهر مزعج جدًّا، يُؤدي إلى إضعاف النفس، وإلى إجهاد وإنهاك جسدي ونفسي، وهذا يجعلك قابلة لضعف التركيز، وكذلك قابلة لنوبات الهرع. إذًا هذه هي النقطة الأولى، لا سهر شديد.
والأمر الآخر هو: أن تحرصي على أذكار النوم، وأن تستفيدي من فترة الصباح، الوقت بعد صلاة الفجر جميل جدًّا، بعد أن تؤدّي صلاتك، ويمكن أن تقومي بالاستحمام، وتتناولي الشاي، وبعد ذلك تجلسي وتدرسي لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهبي إلى المدرسة، هذا الوقت هو وقت الاستيعاب الحقيقي، وقت التركيز، والإنسان حين يذهب إلى المدرسة وقد أنجز وشبّع نفسه بالمعلومات لا شك أن ذلك سوف يكون فاتحة عظيمة، وتمهيدًا للطريق من أجل الاستيعاب، وأن تكون درجة التركيز لديك عالية جدًّا، وسوف تحسّين أنك في أعلى درجات الارتياح في بقية اليوم. هذه خطوة مهمّة جدًّا.
الخطوة الثالثة هي: ضرورة التدرُّب على تمارين الاسترخاء، نحن بالفعل نعطيك خطوات عملية، تمارين الاسترخاء بسيطة جدًّا، تمارين التنفس التدرّجي على وجه الخصوص. اجلسي في مكان هادئ، أو يمكن أن تكوني على السرير، أغمضي عينيك، ليس بشدة، افتحي فمك قليلاً، تأمّلي في شيء طيب، ثم خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، يجب أن يستغرق فترة سبع إلى ثمان ثوان، ثم احبسي الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم بقوة وبطئ، أي لمدة سبع إلى ثمان ثوانٍ أخرى. هذا مهم جدًّا، هذا الشهيق، حصر الهواء في الصدر، ثم الزفير. يُكرر خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.
أرجو أيضًا أن تلجئي إلى الدراسة الجماعية متى ما كان هذا ممكنًا مع صديقاتك ومع زميلاتك من وقتٍ لآخر، هذا أيضًا وجد أنه مفيد تمامًا.
هنالك دواء بسيط جدًّا يُسمَّى (إندرال Inderal) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (بروبرانالول Propranolol)، هو يخفض كثيرًا من حالات الهلع والهرع، وهو سليم جدًّا، يمكن أن تتحدثي مع والديك حوله، والجرعة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً، حتى تنتهي فترة الامتحانات.