السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أرملة، أبلغ من العمر27 سنة، أسأل الله أن يكتب لي الشفاء، متزوجة منذ أربع سنين، في أول سنة حملت حملا خارج الرحم، وتم استئصال الأنبوب الأيسر، ثم حملت بعدها بشهرين بكيس فارغ، وتم إنزاله، وبعدها بأربعة أيام حصل لي نزيف، وتم عمل عملية منظار أخرى لشكوك بحمل خارج الرحم، ولكن والحمد لله لم يوجد.
قبل الحمل الثاني جاءتني حالة دوار مع ترجيع شديد، ثم أعطاني الطبيب (بيتاسيرك) لمدة أربعة أيام فشفيت، ثم في السنة الماضية حملت مع أول شهر، وجاءتني نفس الأعراض، دوار وترجيع، ثم أعطاني الطبيب (بيتاسيرك) لمدة أربعة أيام وشفيت.
تلقيت خبر وفاة زوجي وأنا في نهاية الشهر الثالث، وكنت آخذ مثبتا وأسبرين؛ المهم تلقيت الخبر وكان صدمة بالنسبة لي؛ لأني أحب زوجي جدا، جلست في بيت أمي بغرفة مظلمة، وكنت لا أتحدث مع أحد، وأبكي أحيانا، وأحيانا أفكر، وقد قتلني التفكير كثيرا، ولما دخلت الشهر الثامن جاءتني نفس الأعراض، دوار وترجيع، وكان بالنسبة لي كالموت، وكانت تأتيني رجفة في جسمي، وتعرق, وخوف من الموت كثيرا.
تم إعطائي (بيتاسيرك) فقط، واستمرت الحالة 5 أيام بخير، وثلاثة أيام يأتيني الدوار، وأنا نائمة، أو قائمة، أو جالسة، أو عند السجود، لدرجة أني أصلي وأنا على كرسي، ثم رزقني الله ولدا، وبعد الولادة جاءتني الحالة أشد.
ذهبت لدكتور الأذن والأنف، وأعطاني (برزواك، وبيتاسيرك، وميتليوم) وبعد أسبوع قال لي: توقفي عن (البرزواك والميتليوم)، واستمرت الحالة معي، فذهبت لطبيب شعبي معروف فقال: إن الذي معك هو التهاب عصب الأذن، وأعطاني (بودرة) أستنشقها وأشرب منها على الريق، مع كأس من الشاي، وقد شفيت من الدوار، وقال لي: اعملي حجامة فعملتها وارتحت من الألم الذي خلف الأذن.
ولكن؛ بقي الترنح أثناء الوقوف والجلوس، وبت أخاف من الخروج لوحدي، وأفكر كثيرا وأتوتر، وأنا عصبية كثيرا، فذهبت لطبيب الأذن في مستشفى آخر، ووصف لي (ستروجيون وبيتاسيرك) فشفيت في بادئ الأمر، ولكن الارتجاف والرعشة والترنح ما زال، فذهبت بعدها لطبيب أذن آخر، ووصف لي (ديزنيل وبيتاسييرك وريلاكسون) وشفيت مدة، وما زالت نفس الأعراض.
قبل عيد الأضحى هذا العام ذهبت لطبيب استشاري في الأنف، ووصف لي (بيتاسيرك وريلاكسون) ودهن للرقبة، و(أدول) للصداع فلم أشفَ، وما زالت المشكلة: ترنح، وعدم اتزان بالجلوس أو الوقوف، أو وأنا نائمة، وكذلك الغثيان والرجفة، وعملت أشعة للرقبة فوجد أن بعضا من فقرات الرقبة متقاربة، ووصف لي دهنا، و(بيتاسيرك ورابيدوس) وقال: إن ثمة حساسية في الأذن، ووصف لي دهن فيوسيباكت، ومنعني من المشي مسافات طويلة، ونصحني بممارسة التمارين، وأنا محافظة على المشي يوميا، وعلى ممارسة التمارين فقط.
أكتب لك وأنا أترنح، ولست متزنة، وأعاني من طنين في أذني اليسرى، أياما يكون شديدا، وأياما لا يأتي إطلاقا، أنا معلمة، وأخاف من الخروج أو السقوط، وأصبحت أكره التجمعات والخروج، فبماذا تنصحني يا أخي؟
وللعلم أنا إنسانة لست واثقة من نفسي، وأتخيل كثيرا، وأفكر بالمستقبل، وأقلق وأتوتر، وأغضب كثيرا بسبب وبدون سبب، وأكره الضجيج والأصوات العالية، وأخاف كثيرا وأفكر بابني، وبت أكره الحياة ويئست.
يحفظك الله رد علي، هل هذا سيستمر معي بقية عمري؟ هل هو مرض خطير؟ أنا الآن لا أعاني من الدوار، ولكن أعاني من الترنح، والرجفة، والصداع، ومن خفقان القلب بعد الترنح مباشرة، لكن حاسة السمع لدي جيدة.
جزاك الله خيرا، وآسفة على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الضروري في كل حالة دوار أو اضطراب في التوازن المتابعة على العلاج، من استقصاء كل الأسباب المؤدية لهذا الاضطراب.
هناك أجهزة عديدة مسؤولة عن التوازن أعدها لك:
– المسؤول الأول عن التوازن هو الأذن الداخلية, وهناك المخيخ، وهو جزء من الدماغ، وأيضا مركز عصب التوازن في جذع الدماغ, كما أن للعينين دور مهم في التوازن، حيث تعطي إشارات للدماغ عن وضعية الجسم.
– وهناك أسباب وعائية في الشرايين المغذية للدماغ في الرقبة، وأي تضيق في هذه الشرايين يؤدي إلى نقص الدم المغذي للدماغ، وبالتالي للدوخة, كما أن هناك أسبابا داخلية عامة، مثل: اضطرابات الضغط الدموي، وفقر الدم.
– وأخيرا: هناك عضلات الجسم، ومنها وأهمها الرقبة التي تعطي إشارات للدماغ عن وضعية الجسم واتزانه.
طبعا لاستقصاء كل هذه الأجهزة لا بد من استشارة طبيب العيون لفحص النظر, وكذلك طلب تصوير إيكو دوبلر لأوعية العنق، واستشارة اختصاصي العصبية لطلب التصوير بالرنين المغناطيسي للرأس, كما أنه لا بد من فحص الضغط الدموي، والسكر الصيامي، وتحليل الدم لنفي وجود فقر الدم, وأخيرا استشارة اختصاصي العظمية لمتابعة مفاصل الفقرات الرقبية، وتشنج العضلات المرافق، والذي يعتبر من أسباب الدوخة والدوار.
في حال كان كل ما سبق طبيعيا -إن شاء الله- يمكن الركون لتشخيص الدوار لأسباب تتعلق بالأذن الداخلية، ومتابعة العلاج (بالبيتاسيرك) 16ملغ مرتين باليوم، ولمدة من ثلاثة أشهر إلى سنة كاملة، بالتزامن مع تحسين الحالة النفسية باللجوء لله تعالى، وبالدعم الأسري، والاستشارة النفسية.
مع أطيب التمنيات بدوام الصحة والعافية من الله.
__________________________________________
انتهت إجابة الدكتور باسل ممدوح سمان استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة.
وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان. __________________________________________
أفادك الأخ الدكتور باسل فيما يخص الجانب العضوي حول حالة الترنح وعدم الاتزان التي تعانين منها، وأنا أقول لك أيتها الفاضلة الكريمة:
من الجانب النفسي: يوجد لديك قطعًا نوع من المخاوف والقلق والتوترات، ولا شك أن وفاة زوجك –عليه رحمة الله– هو حدث ليس بالسهل، هذا حدث كبير وأنت في هذا العمر، فقطعًا أثر ذلك كثيرًا وبصورة سلبية على مزاجك.
إذا المكون النفسي موجود، وكثير ما تكون هنالك علل عضوية بسيطة، كالالتهاب الأذن الداخلية مثلاً، وحين يأتي العامل النفسي يؤدي إلى تضخيم الأعراض بصورة واضحة جدًّا.
أنا حقيقة أقترح عليك أن تقابلي الطبيب النفسي، إن كان ذلك ممكنًا، وإن لم يكن ممكنًا اذهبي إلى الطبيب العمومي وتحدثي معه حول ما تعانينه، وإننا قد أشرنا إليك أن هنالك جانبا نفسيا لا بد من أخذه في الاعتبار.
أنا أعتقد أن تناولك لعقار مثل: السبرالكس –والذي يعرف علميًا باسم إستالوبرام– سوف يفيدك كثيرًا جدًّا، وجرعة البداية خمسة مليجراما، يتم تناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلي الجرعة عشرة مليجراما يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسةَ مليجراما يوميًا لمدة شهر، ثم خمسةَ مليجراما يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
أيتها الفاضلة الكريمة: كوني أكثر تفاؤلاً، عليك بحسن إدارة وقتك، مارسي تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدًّا، وقطعًا أنت حريصة على صلاتك وذكرك وتلاوة القرآن… هذه كلها تمثل دعائم حقيقية بالنسبة لك.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.