وجدت دراسة بريطانية ارتباطاً بين تأخير التقاعد من العمل وتأخر ظهور أعراض مرض ألزهايمر (خرف الشيخوخة)، وأن الاستمرار في العمل بعد سن التقاعد قد يساعد على تجنب المرض، بحسب صحيفة الغارديان.
فإبقاء الدماغ نشطاً في وقت لاحق من العمر، يبدو أنه يقلل من فرص الظهور المبكر لمرض ألزهايمر، بحسب دراسة شارك فيها 382 رجلاً من الذين تحتمل إصابتهم بالمرض، حيث وجد الباحثون ارتباطاً ظاهراً بين التقاعد المتأخر وتأخر ظهور أعراض المرض.
وكانت هذه الدراسة جزءاً من مشروع بحثي أوسع نطاقاً شارك فيه 1320 شخصاً مصاباً بألزهايمر، وقادها فريق بحث من معهد الطب النفسي بكلية الملك بجامعة لندن، ونشرت حصيلتها مؤخراً بدورية “المجلة الدولية لطب الشيخوخة النفسي”.
وعلى نقيض نتائج أبحاث سابقة، لم يجد الباحثون هنا ارتباطاً بين مستوى تعليم المشاركين أو نوعية الأعمال والمهن التي يمارسونها وبين مخاطر واحتمالات الإصابة بألزهايمر، لكنهم وجدوا أن الأشخاص الذين تأخروا في التقاعد قد حافظوا على قدراتهم العقلية فترة أطول قبل الإصابة بالمرض.
رب ضارة نافعة
يرى مستشار “صندوق أبحاث مرض ألزهايمر” وأحد مؤلفي الدراسة الدكتور سَيْمون لَفْستون، أن التنشيط الفكري الذي يُحَصّله المسنون في مكان العمل قد يحول دون تدهور القدرات العقلية، وبالتالي يبقي الناس بعيداً عن المرض لفترة أطول. لكنه يعتقد ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث إذا ما أراد العلماء فهماً أفضل لكيفية التأخير الفعّال للإصابة بالمرض، أو حتى منعها.
ومن ناحية أخرى، تشير الرئيسة التنفيذية لصندوق أبحاث ألزهايمر الدكتورة ريبكا وود، إلى أناساً يعمدون أكثر من أي وقت مضى لتأخير التقاعد لتجنب ضائقة مالية، لكن لذلك يشكل جانباً مشرقاً أيضاً وهو انخفاض مخاطر ألزهايمر.
وترى وود ضرورة إجراء مزيد من الدراسة والتقصي لعوامل وأنماط المعيشة، ذات الصلة بمخاطر الإصابة بألزهايمر، وصولاً إلى الحد من تكاليف المرض على الاقتصاد البريطاني البالغة سنوياً حوالي 1.7 مليار جنيه إسترليني.
وقد ناقشت الدراسة تفسيرات أخرى للنتائج. فالأشخاص الذين يشعرون بأعراض المرض مبكراً قبل تسجيل (تشخيص) بدايته رسمياً، ربما اتخذوا قرارهم بالتقاعد المبكر تحت تأثير أو ضغط تلك الأعراض. وبالمثل، ربما يكونون مصابين بارتفاع ضغط الدم أو البول السكري، وكلاهما من عوامل زيادة مخاطر الإصابة بألزهايمر.
التدريب الإدراكي ويحض مؤلفو الدراسة أيضاً على النظر في إمكانية تغيّر طبيعة حياة التقاعد. على الأقل، فمن المعقول أن التقاعد أصبح أكثر تحفيزاً عقلياً بمرور الوقت. فبيانات ومعطيات الدراسة تشير لاستمرار الأثر الإيجابي للأنشطة الإدراكية المعرفية في مراحل العمر اللاحقة.
وقد يشجع هذا الأمر الاهتمام بالأبحاث والدراسات التي تتناول فوائد التدريب الإدراكي بمراحل العمر اللاحقة، ويضيف وزناً إلى أفكار بعض الباحثين حول التقاعد النشِط.
وعلى صعيد متصل، تنصح رئيسة الأبحاث في “جمعية مرض ألزهايمر” الدكتورة سوزان سورنْسِن، بأن أفضل السبل لخفض مخاطر الإصابة بألزهايمر هي المزاوجة بين الحفاظ على النشاط البدني وتناول غذاء صحي متوازن والفحوص المنتظمة لمستويات ضغط الدم والكوليسترول.
ويشار إلى أنه من المتوقع أن يصاب مليون شخص في بريطانيا بصور مختلفة من مرض ألزهايمر خلال السنوات العشر القادمة. وفي ضوء ذلك، ترى الدكتورة سورنسن أن الاستثمار في مشروعات بحثية حول تأخير الإصابة بالمرض، أو ربما الحيلولة دونها، أمر بالغ الحيوية إذا ما أريد الوصول إلى هزيمة هذا الداء المدمّر.