السؤال
أشكر هذا الموقع كل الشكر على الجهود التي يقدمها، والتي لا تقدر بثمن، وأنا من أشد المعجبين بهذا الموقع، لدرجة أنني أخصص جزءاً من وقتي للاطلاع عليه رغم مشاغلي الكثيرة، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح دوماً، وأيضاً أشكر الدكاترة على الإجابات الرائعة، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
سؤالي هو:
إنني أعاني من مشكلة، وهي عندما أعبر عن مشاعري سواءً كنت فرحاً أو حزناً أو أعبر للآخر بالإعجاب، أو عندما أمدح شخصاً تتغير ملامح وجهي، وتظهر هذا العلامات الحزن أو الفرح أو التعبير عن الشعور المقصود به، بالإضافة إلى أن دموعي تنزل، وأنا أحس أن هذا الشيء ينقص من شخصيتي، ويجعلني مكشوفةً للطرف الآخر، مما يضعني في موقف حرج، بالإضافة إلى شعوري بعد انتهاء الموقف بالضعف.
وأيضاً إذا جاء شخص وأخبرني بموقف معين، مثلاً أن فلاناً قال عنك كذا وكذا سواء في الخير أو الشر يظهر قلقي أو انزعاجي أو الفرح!
أنا لا أريد أن تظهر هذه المشاعر، فأرجو إرشادي وإعطائي الحلول المناسبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يختلف الناس في مشاعرهم والتعبير عنها، وهذا يرجع إلى البيئة، وإلى الفطرة، والتربية، وما يقره المجتمع وما يرفضه …وهكذا.
حقيقةً، الإنسان حين يعبر عن مشاعره لفظاً، سيكون من المستحسن أيضاً أن يعبر عنها بصورة معقولة حركةً، فالتعبير اللفظي حين يكون بالتعبير الحركي تكون الصورة أكثر تعبيراً، ويؤدي الرسالة المقصود منها، ولكن المبالغة في التعابير مرفوضة، ويُعلم تماماً أن التعبير اللفظي مرتبط بالتعبير الحركي.
أنت لديك التعابير الحركة زائدة، إذن لابد من أن تقللي من التعابير اللفظية، أي إذا أردت أن تعبري عن الفرح أو الحزن أو خلافه، حاولي أن تكون هنالك نوع من الضوابط، قولي لنفسك أنا سوف أعبر عن نفسي في حدود المعقول…هذا أمرٌ جميل، ولكن لماذا أنا أعبر عنه بصورةٍ مبالغ فيها؟
حين تعبري لفظياً بصورةٍ أقل سوف تقل بالطبع المشاعر الحركية، ومنها أن تنزل الدموع….هذه طريقة.
الشيء الآخر هو أن تدخلي على نفسك شعور معاكس حين يأتيك وضع فيه فرح زائد، قد يكون هذا الكلام مستغرب وغير مقبول، ولكن لابد أن أقوله، وهي أن تدخلي فكرة فيها شيء من الحزن، حاولي أن تتذكري أي موقف أو أي حادثة، هذا قد يؤدي إلى إضعاف الشعور الأول، هذه أيضاً طريقة سلوكية معروفة لدينا.
الطريقة الثالثة هي أن تجلسي لوحدك في مكانٍ هادئ، تذكري موقف مفرح جداً، ثم بعد ذلك قومي بالضرب على يدك حتى تحسي بالألم …ألم شديد، أدخلي هذا الألم على يدك، اقرني شعور الفرح بشعورٍ مضاد وفي هذه الحالة هو الألم، هذا سوف يقلل إن شاء الله من هذه المشاعر، قولي لنفسك أيضاً: لماذا تنزل الدموع ؟ لن تنزل الدموع مني، لماذا أكلف القنوات الدمعية لدي بهذه الصورة؟ لا، لن أقوم بذلك مطلقاً.
هذه الحوارات الذاتية الداخلية تزيد من قناعة الإنسان بتغيير مسلكه، وشيء آخر أود أن أذكرك به، وهو أننا نحس أحياناً بمبالغة في مشاعرنا، كثيرٌ من الناس قد تأتيه فرحة أو يأتيه شيء محزن عابر، ويتصور هذا الشيء بتضخم شديد، وفي نفس الوقت يتصور أن الآخرين يرصدونه أو يراقبون تفاعلاته، وأقول: هذا ليس بصحيح حسب ما ذكرته الدراسات.
إذن أنت لست مكشوفة للطرف الآخر، هذا تصور داخلي وليس صحيح، تذكري أن الطرف الآخر أيضاً لديه ما يُشغله، لديه تفاعلاته الداخلية، تذكري أنه إنسان أيضاً، هذه المفاهيم السلوكية الأساسية هي بالطبع سوف تساعدك كثيراً.
الشيء الآخر هو أن تعبري عن نفسك أولاً بأول، إذا كان فرح أو خلافه عبري عنه في حدود المعقول وأول بأول، فلا تتركي العواطف تحتقن وتختزن وتتضخم، مما يجعلها تشكل هذه التفاعلات السلبية.
هذا هو الجانب العلاجي المباشر .
الجوانب العلاجية غير المباشرة هي بالطبع أن تشعري بقيمتك كإنسان فعال وإنسان مفيد، ضعي نفسك في مواقف القيادة، لا تكوني منقادة دائماً، وهذا يأتي بالتطبيق العملي، والانصمام للجمعيات الخيرية، والمساهمات الفعالة في أعمال الخير، فهذه كلها إن شاء الله تقوي من شخصية الإنسان وتقوي من شكيمته.
الشيء الآخر الصحبة الطيبة، الصحبة والرفقة تُساعد كثيراً أيضاً في مثل هذه المواقف، ولابد في نظري أن تقرئي في السيرة، اقرئي بعض الكتب الإسلامية الطيبة، مثل كتاب (نساء حول الرسول) هذا من الكتب الجيدة جداً، مما يجعلك تتذكري سيرة الصحابيات، ويأخذ الإنسان شيئاً بسيطاً من هذه النماذج الفريدة .
أنا لا أرى أنك في حاجة لأي علاج دوائي، وأعتقد أن الذي ذكرته لك إن شاء الله سوف يكون مفيداً.
وبالله التوفيق.