السؤال
السلام عليكم
خاطبي دكتور جامعي في بلد غربي، فيه صفات كثيرة جميلة، وهو ولله الحمد كريم، لا يدخن، يصلي جميع الفروض، مستمع للقرآن الكريم، جيد، أخلاقه حسنة، ولكن ما يعيبه، وهو بسبب وجوده في بلاد الغرب؛ أصبح يعتاد مظاهر المنكر من تبرج النساء هنالك، وعلى سبيل التوضيح هو يحب المزاح، فيرسل لي مقطعًا صغيرًا من الفيديو، وبه سيدة شبه عارية مع زوجها، وهي تمزح مع زوجها.
ولما اعترضت على هذا الأمر، قال لي: إنه اعتاد هذه المناظر، فهي لا تمثل له أي شيء، وما شابه ذلك من هذه الأمور، كأن يرسل لي بنات جميلات “بماكياج كامل” لأفعل مثلهن داخل البيت، طبعاً هو يطمح أن يراني مثلهن في البيت وليس بخارج البيت، وما شابه ذلك…
السؤال: هل هذا الأمر كفيل بأخذ خطوة الانفصال عنه، وعدم استكمال الخطبة، ولا يمكن التغاضي عن هذا الأمر بالنظر لجميع المميزات الأخرى؟
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختي الفاضلة- وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية -أختي الفاضلة- يعتبر من أهم مقاصد الخِطبة في الإسلام هو التعارف وفهم جوانب التوافق بين الخاطب والمخطوبة؛ لأن هذا يساهم في تحقيق الاستقرار ودوام الحب والمودة والرحمة بعد الزواج؛ فالخِطبة هي الفترة المناسبة لمعرفة كل طرف ما يحب ويكره في الطرف الآخر، ويمكن لهذا أن يعطي مؤشرات لمدى الانسجام والتوافق سواء في الشكل، أو الأخلاق أو الدين، فعن المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- أنه خطب امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما).
ولكن ينبغي أن تعلمي أنه في فترة الخطبة لا يزال هذا الرجل أجنبياً عنك، ولا يجوز التمادي في العلاقة أو الدخول في حوارات، أو لقاءات عاطفية لا تكون إلا بين الأزواج، فالخِطبة لا تحل حرامًا أو تبيح للخطاب ما يكون بعد عقد القِران، فيحق للخاطب أن يترك متى شاء دون أن يترتب على ذلك أي حق.
وعملية اتخاذ قرار الموافقة، أو الرفض للخاطب أو المخطوبة ينبغي أن يخضع لمعايير عامة وخاصة؛ فمن أهم المعايير العامة ما أرشدنا إليه النبي -صلى لله عليه وسلم- حين قال: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض) رواه الترمذي وحسنه الألباني، فالدين والخلق هما أهم المعايير العامة لقبول أي طرف للآخر، وفي الحديث عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) رواه البخاري ومسلم، فالدين حاضر كمعيار مهم عند أي قرار في الاختيار؛ وذلك أن صاحب الدين يُلزمه الدين بحسن المعاملة، فخوفه من الله، وسعيه لرضى الله في أهل بيته؛ يجعله يستقيم في سلوكه وتعامله بالمعروف والإحسان.
أما المعايير الخاصة، فهي ميل النفس الفطري لدى أي شخص، فهناك من يميل للجمال، وآخر يميل للمال أو النسب أو العقل والرُشد وغيره، وكل هذا الميل من المباحات والتي لا تتعارض مع مقاصد الشرع في تحقيق استقرار الأسرة، ودوام التفاهم فيها، والمودة والرحمة.
لذلك -أختي الفاضلة- ينبغي أن تحرصي أن يكون قرار الانفصال أو القبول منضبطًا بمعايير الشرع الكريم؛ لأنه الكفيل بتحقيق السعادة بينكما، فإن وجدت خلال فترة الخِطبة أن هناك انحرافًا في الدين أو الأخلاق، وهذا الانحراف يمكن أن يؤثر في العلاقة الزوجية أو يفسدها، ولا يمكن إصلاحه، فالترك أولى، ويمكن الدخول مع خاطبك في حوار، إما عبر الهاتف، أو بحضور محارمك لتتعرفي من خلاله على طبيعة وحدود الالتزام الديني لديه، وتمسكه الأخلاقي، وهل هذه التصرفات شيء عابر في حياته أم خلق متأصل فيه.
أسأل الله أن يختار لك الخير ويلهمك السداد في اختيارك.