السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجة ابني متكاسلة في الاعتناء بأطفالها، وأحياناً بزوجها، وحصلت مشادة بيننا على هذا الموضوع عدة مرات، وكان صوتها عاليًا علي، وسليطة اللسان، وشتمتني مرة مما حز في نفسي فتركتها، وقررت أن لا أكلمها تجنبًا للمشاكل، ولأجل ابني حتى لا يتعب بيننا، فأقوم بخدمة البيت من تنظيف وغيره ما عدا الطبخ وغسل الصحون يكون عليها وعلى ابنتي الأخرى، وأنا امرأة مريضة عندي السكر وغيره من أمراض الشيخوخة، لكن ربي أعطاني الصحة مما أستطيع به أن أدبر أمور بيتي، فهل يحق لي هجرها حتى تفيء لرشدها وتصالحني؟ وهل آثم إن لم أكلمها حفظًا لكرامتي كأم وكامرأة عمرها 55 سنة؟
وجزآكم الله عني خيرًا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
وشكر الله تعالى لك سعيك في إعانتك لابنك وقيامك على تدبير أمور البيت، وهذا مما تؤجرين عليه إن شاء الله، والأجر على قدر المشقة، وكما شهدت لهذا أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما كان ينبغي لزوجة ابنك أن ترفع صوتها عليك أو تشتمك، ولكن كوني على ثقة بأنك إن صبرت عليها وأحسنت إليها فأنت مأجورة على ذلك كله، كما أنك بذلك تحفظين مصلحة ولدك، وخير من الهجر -أيتها الأخت الكريمة- أن تباشري هذه البنت بالنصح برفق ولين، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وأنت إذا أظهرت لها حبك لها وحرصك عليها وعلى أبنائها فإن النفوس البشرية مجبولة على من أحسن إليها، فقد أرشدنا الله تعالى إلى الإحسان مع العدو، وأخبرنا بأن الإحسان إليه ورده يكسر ما في نفسه من حدة، وقال سبحانه وتعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}.
فهذا هو الأسلوب النافع -أيتها الكريمة- ما دام الإنسان يقدر على هذا، وهذا لا يستطيعه إلا من رزقه الله عز وجل الصبر؛ ولذا قال سبحانه: {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.
فنسأل الله تعالى أن يجعلك من أهل الصبر العظيم، وأما الهجر فإن كنت تقصدين به قطع السلام فلا تسلمين عليها إذا التقيت بها، فهذا لا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، فقد قال -النبي صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
ولكن السلام يقطع هذا الهجر المحرم، وما زاد على السلام فينبغي أن تراعى فيه المصلحة.
أما إن كنت تقصدين بالهجر من أجل معاصيها لكونها تفعل بعض ما لا يرضاه الله تعالى، وكان القصد من الهجر زجرها عن هذا، فهذا جائز إذا كان هذا سوف يحقق مصلحة بأن كان سيبعدها عن ما تفعله من المعصية، وهذا لم يظهر لنا من الاستشارة، والذي ظهر لنا إنما تريدين الهجر فقط انتقامًا لنفسك، وهذا الهجر الذي يكون للنفس إنما رخص به النبي -صلى الله عليه وسلم- لثلاثة أيام، ولا يجوز الزيادة على ذلك، أما أن تهجريها وأنتم تعيشون في بيت واحد ليس هو الحل الأمثل -أيتها الأخت الكريمة- وخير من ذلك الصبر على هذه المرأة، ومحاولة الإحسان إليها ونصحها ووعظها بالرفق واللين؛ فإن هذا سوف يؤدي إلى مردود يوماً ما، فلا تيأسي من ذلك، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصلح شأنكما، وأن يديم المحبة بينكما.
وبالله التوفيق والسداد.