السؤال
أعاني من شعور غريب ومزعج في أطرافي ومفاصلي، وأحياناً أسفل رأسي، أشعر وكأن هناك رغبةً شديدةً في الركل أو اللكم، لكي أتخلص من هذا الشعور.
كما أني أعاني من صعوبة في البلع، ونقل اللقمة من الفم إلى البلعوم، ونومي مضطرب جداً، وأحياناً أستيقظ من النوم بسبب تشنجات في المريء، حيث لا أستطيع بلع ريقي، والشعور يختفي لأيام ويظهر فجأة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: أؤكد لك -أخي الكريم- أن حالتك يسيرة، إن شاء الله تعالى.
ثانيًا: ما وصفته من أعراض تعاني منها، يُوضّح بصورة جليّة أهمية الترابط ما بين النفس والجسد، والآن يتجه العلماء للتأكيد التام على أنه لا صحة جسدية بلا صحة نفسيّة، ولا صحة نفسية بلا صحة جسدية، هذا ترابط أكيد.
الذي يحدث لك نسميه بـ (نفسوجسدية) أو (سيكوسوماتية Psychosomatic) أي: الاضطرابات الجسدية الناشئة عن اضطرابات نفسية، فالذي يظهر لي أنه لديك درجة مرتفعة نسبيًا من القلق العام والتوترات النفسية الداخلية التي تؤدي إلى انقباضات عضلية في أجزاء معينة من جسدك، وتجعلك في درجة من اليقظة الزائدة والانفعال الجسدي، كما يُوجد انفعال نفسي يُوجد انفعال جسدي.
انقباضات المريء وصعوبات البلع ليست عضوية، إنما هي ناتجة من التوتر النفسي، الذي أدّى إلى توتر عضلات المرء، البلعوم، وحتى الرغبة الشديدة في الركل واللكم -كما ذكرتُ لك- هي دليل على الاستنفار الجسدي الناتج من القلق والتوتر.
إذًا الأمر في غاية البساطة، لأننا قمنا بتوضيح السبب، وطبعًا البناء النفسي لشخصيتك قد يلعب دورًا في ذلك، لأن بعض الناس هم قلقون بطبيعتهم، ونقول: إن القلق طاقة نفسية إنسانية مطلوبة، ليس كله سيئًا، يجب أن نوظفه التوظيف الصحيح لنستمتع به ونستفيد به.
أيها الفاضل الكريم: إذا كانت لديك أسباب تؤدي إلى التوتر يجب أن تُعالجها، مثلاً: لا تكتم، عبّر عن ذاتك أولاً بأول، لأن التفريغ النفسي مهم جدًّا، النفس تحتقن كما يحتقن الأنف، وكثير من الناس يُصابون بهذه الأعراض الجسدية، لأنهم يكتمون، خاصة الأشياء التي لا ترضي.
الإنسان لا بد أن يكون حذرًا، لا بد أن يكون كيِّسًا، بأن يُعبّر عن ذاته بصورة منضبطة ومتوازنة، وفيها احترام وتقدير للشخص المُخاطَب.
الأمر الثاني: يجب أن تمارس الرياضة، الرياضة تُحسّن من الأداء النفسي والأداء الجسدي، وتؤدي إلى استرخاء جسدي ونفسي، وسيتحسّن لديك النوم بصورة ملحوظة جدًّا.
يجب أن تتجنب النوم النهاري، وتتجنّب تناول الشاي والقهوة، وكل محتويات الكافيين بعد الساعة الرابعة مساءً، ويجب أن تُحسن إدارة وقتك، وأوّل نقطة مركزية لتحسين إدارة الوقت هي أن تتجنّب السهر، وأن تنام مبكِّرًا نسبيًّا، هذا يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الجسد والدماغ، ويجعلك تستيقظ مبكّرًا، وتبدأ بصلاة الفجر، وما أجملها من بداية، ستجد أن طاقاتك متجددة، وأنك يمكن أن تقوم بالكثير والكثير في يومك وفي حياتك.
أيها الفاضل الكريم: بجانب ذلك سأصف لك دواءً طيبًا وسهلاً وليس إدمانيًّا، الدواء يُعرف باسم (سولبيريد Sulpiride) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل Dogmatil) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله، هو دواء فعال، وسليم، وبسيط جدًّا، وهو مضاد للقلق في المقام الأول، ويُساعد كثيرًا في علاج الأعراض النفسوجسدية.